انتخاب رئيس للبلاد عنوان عريض لعام 2016 بلبنان في خضم مخاض سياسي داخلي ومحيط مشتعل

انتخاب رئيس للبلاد عنوان عريض لعام 2016 بلبنان في خضم مخاض سياسي داخلي ومحيط مشتعل

الإثنين, 19 ديسمبر, 2016 - 10:49

إعداد عبد الله البشواري

 بيروت-  لعل العنوان البارز للسنة التي يقف اللبنانيون على مشارف نهايتها بعد أيام، هو حدث انتخاب ميشال عون رئيسا للبلاد في أكتوبر الماضي بعد شغور في سدة الرئاسة دام أزيد من سنتين ونصف السنة، ليستعيد لبنان توازنه السياسي، بعودة مؤسسة الرئاسة الى الاشتغال.

  وإذا كان من الضروري التذكير بالمقولة التي يرددها السياسيون اللبنانيون والتي تقول بأن “قوة لبنان تكمن في ضعفه”، فإن ما عرفه المشهد السياسي اللبناني من فراغ بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان في ماي 2014 وبقاء البلد بدون رأس طيلة هذه المدة لا بمكن وصفه إلا ب”الهشاشة” التي أنقذها السياسيون في اللحظات الأخيرة من 2016.

  وبالإضافة الى وصول عون الى سدة الرئاسة، ضخ تشكيل الحكومة ال73 لبلد الأرز،  أمس الأحد، من قبل زعيم (تيار المستقبل) سعد الحريري الأمل في أن تعود جميع المؤسسات الى الاشتغال.  

  وقد مر ملف الرئاسة بلبنان بمراحل ابتدأت باقتصار التنافس على منصب الرئاسة، (مخصص للمسيحيين المارونيين)، على رئيس حزب (القوات اللبنانية) سمير جعحع الذي زكته (قوى 14 آذار/ مارس) بقيادة رئيس (تيار المستقبل) سعد الحريري، ورئيس كتلة (التغيير والإصلاح) ميشال عون مرشح قوى( 8 آذار /مارس) بزعامة (حزب الله)، فضلا عن هنري حلو، مرشح رئيس (جبهة النضال الوطني)، الزعيم الدرزي وليد جنبلاط.

  واختلطت أوراق اللعبة في هذا الملف في يناير الماضي، إذ تغيرت وجهة بوصلة الترشيحات من النقيض للنقيض، بإقدام سمير جعجع، “في خطوة مفاجئة” على تبني ترشيح ميشال عون، ليتنحى بذلك عن السباق نحو القصر الجمهوري.

وفسرت خطوة جعجع آنذاك بأنها ردة فعل لترشيح سعد الحريري لرئيس (تيار المردة) سليمان فرنجية، على اعتبار أن جعجع والحريري ينتميان لنفس الكتلة السياسية (14 آذار)، ليتعقد هذا الملف مادام المرشحين الرئيسيين المتبقيين هما من كتلة (8 آذار) التي يقودها (حزب الله).

  وبعد سجال سياسي وأخذ ورد بين الفرقاء، وبعد أزيد من 43 جلسة لمجلس النواب فشل فيها النواب على التوافق على أي اسم، ارتفعت حظوظ ميشال عون بشكل كبير بعد الاختراق السياسي الذي قاده رئيس الوزراء الأسبق، سعد الحريري، الذي أعلن يوم 20 أكتوبر تأييد ترشيح عون والتراجع عن دعم منافسه سليمان فرنجية، بهدف إنقاذ البلاد من الجمود السياسي، على أساس تسوية تتمثل في تولي الحريري منصب رئاسة الحكومة (مخصص للطائفة السنية).

وفعلا انتخب البرلمان العماد ميشال عون يوم 31 أكتوبر رئيسا للبلاد، بحصوله في دورتين متتاليتين (يوم واحد) على 83 صوتا، من أصل 128 (أعضاء مجلس النواب)، ليكون عون الرئيس رقم 13 للبنان.

  وكان عون يتزعم الى غاية 2015 حزب (التيار الوطني الحر)، الذي يترأسه حاليا وزير الخارجية جبران باسيل، كما ترأس منذ 2009 كتلة من 27 نائبا (كتلة التغيير والإصلاح) التي تعتبر أكبر كتلة مسيحية في البرلمان اللبناني.

  وبالإضافة الى الأزمة السياسية التي مر بها لبنان في 2016، ما زال البلد يكتوي بنار اللجوء السوري، بحكم “حق الجوار” الذي فرضته الجغرافيا، حتى أضحى، رغم مساحته الصغيرة وإشكالاته الداخلية، البلد “رقم واحد” في الجوار الذي يستقبل أكبر عدد من السوريين الذين وصل عددهم مليون ونصف المليون لاجئ، ما أدى بالمسؤولين الى إبداء تخوفات من “توطين” اللاجئين بعد سجال في هذا الخصوص مع الأمم المتحدة.

 ويرجع مصدر قلق لبنان ورفضه للتوطين والتجنيس ودعوته الى عودة اللاجئين الى ديارهم الى جدل مع الأمم المتحدة إثر تصريح لأمينها العام، بان كي مون، في يوليوز الماضي تحدث فيه عن “حقوق اكتساب اللاجئين السوريين الجنسيات في البلاد التي يقطنونها أو يلجؤون إليها”، وهو ما رفضه لبنان ب”شدة”.

 ونتيجة لذلك، وبعد رفض الأمم المتحدة إحداث مخيمات للاجئين بمناطق آمنة بسورية، طرح وزير العمل “خطة” لعودة اللاجئين على مدى عامين تطبق ابتداء من يناير 2017، على أن يتم تشكيل لجنة لبنانية تتولى عرض هذا المشروع على الدول العربية والدولية والأمم المتحدة واقناع الرأي العام الدولي به.

  وكجميع البلدان اكتوى لبنان، ومازال بنار الإرهاب، فبلد الأرز ليس استثناء، بل هو البلد الذي خبر الإرهاب البغيض، وذاق من طعمه المر، حيث يتسلل إليه الإرهاب متخفيا تحت عباءة السيارات المفخخة أو الهجوم على القوى الأمنية خاصة الجيش مخلفا في كل الأحوال ضحايا أبرياء.

وما زال اللبنانيون يترقبون مصير تسعة من الجنود مخطوفين لدى التنظيم الإرهابي (داعش) منذ غشت 2014، إثر معارك ضارية بين الجيش اللبناني من جهة وبين التنظيمين الإرهابيين (داعش) و(جبهة النصر) سابقا، من جهة أخرى .

 وكنتيجة للفراغ السياسي شهدت العلاقات اللبنانية الخليجية في فبراير الماضي “أزمة” بعد قرار المملكة العربية السعودية إيقاف مساعداتها لتسليح الجيش اللبناني عن طريق فرنسا بقيمة ثلاثة مليارات دولار، إضافة الى إيقاف ما تبقى من مساعدة المملكة المقررة بمليار دولار المخصصة لقوى الأمن الداخلي.

وكانت المملكة قد عزت ذلك الى “مواقف لبنانية مناهضة لها على المنابر العربية والإقليمية والدولية في ظل مصادرة ما يسمى (حزب الله) لإرادة الدولة “كما حصل في مجلس جامعة الدول العربية وفي منظمة التعاون الاسلامي من عدم إدانة الاعتداءات على سفارة المملكة في طهران وقنصليتها العامة في مشهد.

وبعيدا عن السياسية، وبالرغم من كل هذه الأزمات، أعلن لبنان في فبراير عن اكتشاف مخزون نفطي تقدر احتياطاته بنحو 440 مليون برميل، ومكامن للغاز تحتوي على 15 تريليون قدم مكعب في المياه الإقليمية قبالة سواحله الشمالية.

كما تمكن من تنظيم انتخابات بلدية في ماي الماضي هي الأولى منذ 2010، حيث تم اختيار رؤساء مجالس بلديات جدد (ألف و35 مجلسا)، وهي العملية التي نوه بها المراقبون والمنظمات الدولية لاسيما الاتحاد الأوروبي.

ويعرف لبنان، بالرغم من كل أزماته، حركية ملحوظة على الصعيد الاجتماعي، إذ ينشط المجتمع المدني في قضايا متعددة منها مسألة المطالبة بوضع قانون لتجريم التحرش الجنسي والمطالبة بمنح الأم الجنسية لأبنائها.

وتوجت هذه المطالب مؤخرا بإقرار قانون “استعادة الجنسية للبنانيين” بالخارج المنحدرين من أصل لبناني”، وكذا توافق لجنة الادارة والعدل بمجلس النواب على إلغاء المادة 522 من قانون العقوبات المتعلق بإسقاط العقوبة عن المغتصب في حال الزواج من الضحية.

واقتصاديا يستمر القطاع المصرفي، لاسيما المصرف المركزي، في لعب دور رافعة لمختلف القطاعات الاقتصادية، بالرغم من أزمتين تعرض لهما هذا القطاع سنة 2016، تمثلت الأولى في تداعيات القانون الاميركي ضد (حزب الله)، والثانية في تراجع تحويلات المهاجرين اللبنانيين.

وقد طمأن حاكم المصرف المركزي اللبنانيين، في نونبر الماضي بأن لبنان حافظ على امكانياته التمويلية بكافة العملات بالرغم من الصعوبات السياسية التي واجهها وبالرغم من المخاطر الأمنية المحدقة به.

وأكد أن احتياطيات المصرف المركزي بلغت في شتنبر الماضي مستويات هي الأعلى تاريخيا وارتفعت ودائع المصارف بمعدل سنوي يقارب 5 بالمئة.

  ويتفاءل اللبنانيون بالسنة المقبلة خيرا بعد الحركة الدبلوماسية التي عرفتها بيروت إثر انتخاب رئيس للبلاد، إذ زار لبنان في ظرف قياسي عدد من المسؤولين، عربا وأجانبا، منهم مبعوث خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبد العزيز ووزراء خارجية قطر وألمانيا وكندا وتركيا وإيران…

وعلى أمل أن تنجح الحكومة الجديدة في حل مشاكل العالقة بالبلاد السياسية لاسيما منها وضع قانون للانتخابات النيابية المقررة في يونيو المقبل، يتسلح اللبنانيون بالأمل مع أعياد الميلاد التي يحتفل بها هذه الأيام بألوانها الحاملة للسلام والطمأنينة التي حن إليها أهل بلاد الأرز كثيرا.

 

 

 

 

اقرأ أيضا

أولمبياد باريس 2024.. راكب الأمواج المغربي رمزي بوخيام يتأهل إلى الدور الثالث

الإثنين, 29 يوليو, 2024 في 10:49

تأهل راكب الأمواج المغربي، رمزي بوخيام ، ليلة الأحد – الاثنين، بتيهوبو في تاهيتي، إلى الدور الثالث لمسابقة ركوب الأمواج، ضمن دورة الألعاب الأولمبية (باريس 2024).

بورصة الدار البيضاء : أداء إيجابي في تداولات الافتتاح

الإثنين, 29 يوليو, 2024 في 10:23

استهلت بورصة الدار البيضاء تداولاتها اليوم الإثنين بأداء إيجابي، حيث سجل مؤشرها الرئيسي “مازي” نموا بنسبة 0,38 في المائة ليستقر عند 13.824,97 نقطة.

حرائق الغابات.. خطورة “متوسطة” إلى “قصوى” من 29 إلى 31 يوليوز بعدة أقاليم (الوكالة الوطنية للمياه والغابات)

الإثنين, 29 يوليو, 2024 في 9:15

تتوقع الوكالة الوطنية للمياه والغابات خطورة “متوسطة” إلى “قصوى” لاندلاع حرائق الغابات بعدد من أقاليم المملكة، وذلك خلال الفترة من 29 إلى 31 يوليوز الجاري.