اليوم الوطني للموسيقى .. الإعلام يساهم في تأصيل ذوق موسيقي يحترم التنوع الثقافي للمجتمع المغربي (باحث)

اليوم الوطني للموسيقى .. الإعلام يساهم في تأصيل ذوق موسيقي يحترم التنوع الثقافي للمجتمع المغربي (باحث)

الخميس, 5 مايو, 2016 - 11:11

 أجرى الحديث : إدريس اكديرة

الرباط- قال الأستاذ محمد توفيق حميش، الباحث في مجال التراث الموسيقي، إنه “بإمكان الإعلام، إذا ما كانت هناك سياسة إعلامية تنبني على الحفاظ على الهوية، المساهمة في تأصيل ذوق موسيقي يحترم التنوع الثقافي للمجتمع المغربي، ويحترم، في الآن نفسه، اختلاف التكوين الثقافي والتعليمي للمشاهدين والمستمعين”.

وأضاف الأستاذ حميش، في حديث خص به وكالة المغرب العربي للأنباء بمناسبة اليوم الوطني للموسيقى، الذي يخلده الموسيقيون المغاربة في السابع من مايو من كل سنة٬ في ذكرى الرسالة التي وجهها جلالة المغفور له الحسن الثاني إلى المشاركين في المناظرة الوطنية الأولى حول التعليم الموسيقي في مايو 1994 (5 – 7 مايو 1994 بالرباط)٬ أن للإعلام دورا كبيرا في نشر التعريف بالأعمال الموسيقية والثقافية بصفة عامة، كما أنه يعد الوسيلة الأكثر قدرة على التأثير في المشاهد أو المستمع، متسائلا، في هذا الصدد، عما هي القيم التذوقية التي ينشرها الإعلام الوطني وينتصر لها ؟ وهل يكون عادلا في الاستجابة لكل الأذواق ؟.

 وسجل الأستاذ حميش، رئيس جوق نهضة الموسيقى الأندلسية بمكناس، أن الإعلام السمعي البصري يعمل حاليا على “ترويج نمط من الموسيقى وأسلوب موسيقي يصطلح عليه ب(الموسيقى الخفيفة) أو (الموسيقى الشبابية)”، معتبرا أن هذا المصطلح يراد به إقصاء كل ما لا يلائم ذوقا يحاول هذا الإعلام تربيته وخلق مناخ لانتشاره، مؤكدا أهمية دور الإعلام فيما يرتبط بموضوع الذوق الموسيقي “فليس هناك ذوق فطري جاهز بل هناك ذوق يربى وينمو”.

أما الإعلام المكتوب، في رأي الأستاذ حميش، “فيغيب عنه الإعلام المتخصص في الموسيقى سواء تعلق الأمر بالمتابعة الإخبارية أو النقدية”، مبرزا أنه فيما يتعلق بالنقد “فإن أغلب التدخلات فيه لا تعدو أن تكون مجاملات أو انطباعات لا ترقى إلى مستوى النقد العلمي الذي يتناول الحدث الموسيقي بالتحليل العلمي وبالحكم الذي كلما استند إلى المعطيات العلمية كان قريبا من الموضوعية”.

 ولذلك، يقول الأستاذ حميش، “فإن هذا الإعلام عمل، في أغلب التدخلات المبثوثة فيه، على تقييم الأعمال بمدى نجاحها الذي حققته على مستوى المشاهدة أو الاستماع، وهذا ما لا يساير شروط النقد الفني الخلاق الذي يحركه هاجس رئيسي هو تطوير المشهد الموسيقي المغربي. ولعل السبب في ذلك هو عدم ولوج النقد الفني الموسيقي من طرف من تلقوا تكوينا موسيقيا وفي الآن نفسه تكوينا ثقافيا وجامعيا متنوعا يمكنهم من الرؤية ذات العمق الفلسفي التي يحركها هاجس البحث عن الحقيقة، وهذا ما يفتحنا على قضية التعليم الموسيقي”.

وتطرق الأستاذ حميش، من جهة أخرى، إلى التعليم الموسيقي بالمغرب، حيث سجل أن هذا التعليم “تسهر عليه مجموعة من المؤسسات، فهناك المؤسسة العفوية التي ينتمي إليها مجموعة من الفنانين الذين لم يلجوا أي مؤسسة للتعليم الموسيقي، ووجدوا أنفسهم أمام الأضواء الكاشفة، ولم يكلفوا أنفسهم عناء محو الأمية الموسيقية كتابة وقراءة ومعرفة بالأصول والقواعد”.

وقال، في هذا الصدد، “إن الأمية الموسيقية في المغرب ترتبط بالأمية العامة وبضعف القراءة في المجتمع المغربي”، معتبرا أنه “على الرغم من النجاحات التي حققها هؤلاء فإن أغلبهم لا يمتلك رؤية فنية بمعناها الفلسفي، أي تصورا ومنظورا وبالتالي موقفا من المشهد الموسيقي المغربي، حيث يتموضع ويعرف حدوده وماذا يمكن أن يفعله في هذا المشهد”.

وأوضح الأستاذ حميش مؤطر طلبة الإجازة المهنية “مربيات ومربو التعليم الأولي” في مجزوءة التربية الموسيقية بجامعة المولى إسماعيل، أن المؤسسة الثانية هي المؤسسة التعليمية التي دخلت إليها الموسيقى كمادة تعليمية منذ 1995 في السلك الثانوي الإعدادي، وقد أعطت الكثير في هذه المرحلة واستفاد مئات الآلاف من التلميذات والتلاميذ من تكوين موسيقي مكنهم من محو الأمية الموسيقية، ومن اكتساب ثقافة موسيقية تعرفوا على عوالم الموسيقى وعلى اللحظات التاريخية الكبرى لبعض الألوان الموسيقي، كما تعرفوا على ثقافتهم الموسيقية العربية والمغربية، وانفتحوا على ثقافات موسيقية أجنبية وتعرفوا على مقوماتها وبنياتها.

 وكان لإدماج التربية الموسيقية في المنظومة التربوية المغربية، يؤكد الأستاذ حميش، دور كبير في تجويد الحياة المدرسية، وفي تحفيز نسبة كبيرة من المتعلمات والمتعلمين على الإقبال على التعلمات في مواد أخرى، وهذا ما ورد في تصريحات العديد من المسؤولين الإداريين الذين لاحظوا التأثير الإيجابي للتربية الموسيقية على سلوكات المتعلمات والمتعلمين.

  إلا أن هذا المسار، يقول الأستاذ حميش، مؤطر طلبة الماستر المتخصص “التعليم الفني والتربية الجمالية” بالمدرسة العليا للأساتذة بمكناس في مجزوءة التربية الموسيقية، “توقف بتوقيف التكوين في مواد التفتح الفني في المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، ما شكل انتكاسة ورجوعا إلى الوراء”، مشيرا إلى أن “هذا التراجع قد يفسر بخلق مراكز للتفتح الأدبي والفني في البداية ستكون جهوية وبعد ذلك إقليمية وفي الأخير جماعاتية”، مؤكدا أنه على الرغم من إيجابيات هذه المراكز، التي تهتم بالمواهب، فإنها لن تعوض التربية الموسيقية داخل المؤسسة التعليمية نظرا للعدد الكبير من المتعلمات والمتعلمين الذين يستفيدون من المادة، ولأجواء المرح والانشراح التي تخلقها والتي تساعد على تحفيز المتعلمين على التعلم”.

  وفيما يتعلق بالتعليم الابتدائي، دعا الأستاذ حميش، مؤسس محترف الموسيقى بكلية الآداب وبالمدرسة الوطنية العليا للفنون والمهن بجامعة المولى إسماعيل، إلى مراجعة القرار الوزاري القاضي بتوقيف إدماج التربية الفنية في التعليم الابتدائي، معتبرا أنه “قرار لا سند له دستوريا لأن الدستور يعتبر الفن والتربية الفنية حقا من الحقوق كما يتعارض مع ما أنتجته مجموعة من الوثائق التربوية بدءا من الميثاق الوطني للتربية والتكوين ومرورا بالكتاب الأبيض وانتهاء بالدلائل التربوية، خصوصا دليل التعليم الابتدائي الذي أعد وفق المبادئ العامة التي أسسها الميثاق الوطني للتربية والتكوين”.

أما المؤسسة الثالثة للتعليم الموسيقي فهي مؤسسة المعهد الموسيقي، وسجل الأستاذ حميش، في هذا السياق، أن المناهج التعليمية تطرح أكثر من تساؤل، ومن بين الأسئلة الملحة : ما هي الغاية من هذا التعليم ؟ وهل هناك غاية واحدة ؟ وهل يمكن توحيد المنهاج في كل المؤسسات ؟ .

وتساءل الأستاذ حميش، في هذا الصدد، أين التعليم الموسيقي المغربي من هذا التطور؟ وهل ساير المنهاج التعليمي في مؤسسة المعهد الموسيقي بالمغرب التطورات التي عرفتها المناهج التعليمية في العالم وأنواع المقاربات البيداغوجية التي أبدعها منظرو التعليم الموسيقي ؟ وهل يتلقى مدرس التعليم الموسيقي تكوينا بيداغوجيا لكي يمارس مهامه مدرسا ومعلما ؟ وهل أبدعت أدوات تعليمية تراعي خصوصيات الثقافة الموسيقية المغربية ؟ أي هل الكتب الموسيقية المعتمدة في المعاهد الموسيقية بالمغرب نتاج لمنهاج مغربي أم هي تقليد لمناهج أخرى ؟.

 تلك مجموعة من الأسئلة، يقول الأستاذ حميش، تتطلب وقفة تأمل في اليوم الوطني للموسيقى، مؤكدا أن التعليم الموسيقي وخصوصا الوزارة الوصية عليه، وزارة الثقافة، مطالبة بفتح ورش كبير لإصلاحه، لاسيما إذا تم القيام بقراءة في الإحصائيات المتعلقة به سواء تلك المرتبطة بعدد المسجلين مقارنة مع عدد سكان المغرب أو تلك المرتبطة بعدد المجتازين للمباريات العمومية والحاصلين على شواهد عليا.

اقرأ أيضا

الولايات المتحدة/رئاسيات 2024.. بايدن يتنحى عن خوض الانتخابات ويعلن دعمه لكامالا هاريس

الأحد, 21 يوليو, 2024 في 20:47

أعلن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، اليوم الأحد، انسحابه من خوض الانتخابات من أجل ولاية رئاسية ثانية، وتراجعه عن خوض السباق المقرر في نونبر المقبل، في مواجهة الرئيس السابق دونالد ترامب.

إعطاء الانطلاقة من فاس للنسخة الثانية من البرنامج الجهوي “متطوع”

الأحد, 21 يوليو, 2024 في 18:17

تم اليوم الأحد انطلاقا من فاس افتتاح فعاليات النسخة الثانية من برنامج “متطوع” الموجه لشباب جهة فاس – مكناس، الذي يتضمن سلسلة من الورشات والأنشطة الرامية إلى تطوير قدرات المشاركين.

الدار البيضاء.. إسدال الستار على مهرجان “ويكازابلانكا” بأمسية شعبية مغربية بامتياز

الأحد, 21 يوليو, 2024 في 14:37

أسدل الستار، مساء أمس السبت بساحة الأمم المتحدة، قلب العاصمة الاقتصادية النابض بالحياة، على مهرجان “ويكازابلانكا” 2024 الذي استقبل جمهورا متحمسا حج للاستمتاع بأمسية موسيقية لا تنسى، كانت نجمتها الأغنية الشعبية المغربية.