اليوم العالمي للسكان .. قضايا مستعجلة تستلزم حلولا مستديمة

        (إعداد يحيى عبد الحق)

   الرباط- يخلد المغرب، على غرار باقي دول العالم، اليوم الإثنين، اليوم العالمي للسكان (11 يوليوز)، وهي مناسبة لاستحضار المشكلات المرتبطة بالنمو السكاني والتفكير في ضرورة إيجاد الحلول المستديمة والكفيلة ببناء غد أفضل بلا فاقة، ولاجوع ولا بطالة.

  فثمة حقائق لا يمكن تجاهلها عن المشكلة السكانية في عالم اليوم، خاصة في الدول النامية. فاستنادا للاحصائيات الأممية، يتزايد عدد السكان بمعدلات سريعة، حيث يولد يوميا ما يقارب 270 ألف طفل رضيع، في حين تبلغ الوفيات يوميا حوالي 140 ألف، أي بزيادة تقدر بـ130 ألف طفل رضيع في اليوم.

  وتفصح هذه المعطيات، حسب الديمغرافيين، عن عدم التناسب بين معدل الولادات المرتفع ونسبة الوفيات المنخفضة التي سيترتب عنها آثار مستقبلية وخيمة، إذا مالم يتم استيعاب الفائض من السكان وتنظيم المسألة السكانية من خلال تبني رؤية استراتيجية ترتكز على التنمية الاقتصادية والمشاركة الجدية والفعالة للمجتمع في عملية التنمية.

  ويضاف إلى قضية الازدياد السكاني مشكل الفقر، الذي يلقي بظلاله القاتمة على سكان الدول النامية، في ظل تزايد الأعداد الهائلة من العاطلين عن العمل وما يترتب عنها من هجرة مكثفة من الأرياف إلى الحواضر، هربا من بؤس المعيشة، فيزدحمون بالمدن، بلا عمل منتج، ويعيشون في أحزمة الفقر على ضواحي الحواضر.

  وبخصوص وضعية النساء في هذه البلدان، فمشاركة المرأة في القوى العاملة ما تزال خافتة وعدد لا يستهان به من النساء يعملن في مهن شاقة لا تتوافر فيها أي ضمانات صحية أو اجتماعية. كما أن نسبة الأمية بين الإناث أكبر منها بين الرجال وتوقعات الحياة بالنسبة للمرأة أقل من نظيرها للرجل، على خلاف الوضع بالدول المتقدمة.

  وفي هذا السياق، اختار صندوق الأمم المتحدة للسكان تخليد اليوم العالمي للسكان بتسليط الضوء على هذه الشريحة، خاصة فئة المراهقات وما يتعرضن له من أذى جسدي وضغط نفسي، وضرر اجتماعي، تحت شعار “حماية المراهقات وتعزيز حقوقهن .. دور المجتمع المدني”.

  وأوضح الصندوق الأممي أن اختيار موضوع هذه السنة جاء على أساس ما يسجل في بلدان كثيرة تعتبر فيها الفتاة البالغة من وجهة نظر أسرتها ومجتمعها المحلي مهيأة للزواج والحمل والإنجاب وقد ترغم على الزواج وترك دراستها (في 2015 تم تزويج 3 ملايين فتاة قبل سن 18 في الدول العربية).

  وأشار إلى أن هؤلاء الفتيات قد يعانين من أسباب الضعف والوهن نتيجة لدخولهن تجربة الولادة قبل أن يكون جسمهن مستعدا لذلك (20 ألف حالة ولادة يوميا و3.2 مليون حالة إجهاض غير آمن للفتيات ما بين 15 إلى 19 سنة).

  من جهته، حث الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، في رسالة بمناسبة هذا اليوم، “الحكومات والمجتمع المدني على توفير الدعم والاستثمار من أجل الفتيات في سن المراهقة”، مشيرا إلى أن “كل فرد يستحق الاستفادة من منافع النمو الاقتصادي والتقدم الاجتماعي”.

  وقال بان كي مون “في الوقت الذي ينبغي فيه أن تكون الفتيات في المدرسة وأن يفكرن في آفاق المستقبل، يواجه كثير منهن عراقيل اجتماعية وثقافية تحول دون تحقيق طموحاتهن”، مضيفا أنه “في البلدان النامية، يتم تزويج واحدة من كل ثلاث فتيات قبل بلوغ 18 سنة”.

  وشدد الأمين العام الأممي، في هذه الرسالة، على ضرورة تكريس المساواة بين الجنسين وتحسين فرص ورفاهية جميع الفتيات تماشيا مع أهداف التنمية المستدامة لسنة 2030.

  ومن المرتقب أن يخلد صندوق الأمم المتحدة للسكان اليوم العالمي للسكان بتنظيم لقاء يوم 12 يوليوز الجاري بالرباط، سيتمحور حول الدور الرئيسي الذي تضطلع به منظمات المجتمع المدني في تشكيل السياسات التي تؤثر على الحقوق الأساسية للمراهقات وضمان ترجمتها إلى تحول حقيقي وإيجابي.

  ووفقا للصندوق فإن مجموعة من منظمات المجتمع المدني ستقوم خلال هذا اللقاء بتقديم عروض حول التحديات التي “تحول دون إعمال حقوق المراهقات في المغرب”، كما سيتم تقاسم التجارب في مجال الاشتغال الهادف إلى حمايتهن.

  وتهدف برامج صندوق الأمم المتحدة للسكان للقضاء على ظاهرة زواج الأطفال، والحد من حمل المراهقات، وتمكين الفتيات من اتخاذ قرارات مستنيرة تتعلق بصحتهن وأجسادهن. وفي سنة 2015، ساعدت برامج صندوق الأمم المتحدة للسكان 11,2 مليون فتاة تراوحت أعمارهن بين 10 و19 سنة للحصول على معلومات بشأن الخدمات الصحية.