الهند.. جدل كبير بشأن أضرار تنظيم مهرجان ثقافي عالمي على ضفاف أحد أهم الأنهار في البلاد

سعد أبو الدهاج
نيودلهي- اندلع جدل كبير في الهند، خلال هذا الأسبوع، عقب قرار تنظيم مهرجان ثقافي عالمي على ضفاف “يامونا”، أحد أهم الأنهار في البلاد، ابتداء من يوم غد الجمعة ولمدة ثلاثة أيام، بسبب الخوف من تأثيرات هذا الحدث الضخم على المجال البيئي.
فقد عمت حالة غضب عارم عددا من جمعيات المجتمع المدني، منها على الخصوص، الهيئات المدافعة عن البيئة في الهند، والتي حذرت من أن هذه التظاهرة الكبرى التي من المرتقب أن يحضرها أزيد من 3 ملايين مشارك، من شأنها الإضرار بالمجال البيئي والتنوع البيولوجي في تلك المنطقة.
وينظم هذا المهرجان الثقافي العالمي تحت إشراف مؤسسة (آرت أوف ليفنج)، التي يرأسها “سري سري رافي شانكار”، أحد أشهر المعلمين الروحانيين في الهند، على ضفاف نهر “يامونا”، بحضور مشاركين من حوالي 155 دولة، كما يضم منصة عرض عملاقة بإمكانها استيعاب آلاف العازفين والراقصين، فضلا عن عدد من المرافق الصحية واللوجستية.
وإذا كان قد تقرر، في وقت سابق، حضور الوزير الأول الهندي، ناريندرا مودي، المشجع الأول لرياضة “اليوغا” في بلاده، فقرات الحفل الافتتاحي لهذه التظاهرة العالمية الكبرى، فإن حالة الغضب والاستياء التي بدأت ترتفع مؤخرا، قد تجعل هذا الحضور غير مؤكد.
واتهمت جمعيات غير حكومية، تعنى بقضايا البيئة، منظمي هذا المهرجان الثقافي العالمي بالسعي إلى تدمير المجال الأخضر والمساحات المزروعة والغطاء النباتي المحيط بالنهر، مطالبين السلطات الهندية بحظر هذه التظاهرة خشية وقوع ضرر في النظام البيئي للنهر، خاصة وأن مواد وأجهزة التركيب التي سيتم بها تجهيز وإعداد منصة الاحتفالات قد تعمل على عرقلة سريان مياهه.
وشددت هذه الجمعيات، التي قام بعضها برفع دعوى لمنع تنظيم هذا المهرجان أمام المحكمة الوطنية الخضراء (المعنية بقضايا البيئة في الهند)، على أنه من شأن تنظيم هذا الحدث الضخم تدمير التنوع البيئي الذي يشهده نهر “يامونا” وكافة المناطق المحيطة به، لاسيما وأن الموقع يوجد بمحاذاة إحدى المحميات الطبيعية الخاصة بالطيور.
ومن جهتها، حذرت السلطات المحلية، لاسيما شرطة العاصمة الوطنية نيودلهي، من وقوع حالة فوضى عارمة خلال فترة انعقاد هذا المهرجان الثقافي الضخم، بالنظر إلى وجود عدد من الثغرات المرتبطة بأمن وسلامة المشاركين والحضور، مؤكدة في خطاب رسمي بعثت به إلى الحكومة المركزية غياب عدد من الوثائق المتعلقة بسلامة المنصة المقامة بمناسبة المهرجان.
وأثمرت جهود جمعيات حماية البيئة عن قرار المحكمة الوطنية الخضراء النظر في القضية التي رفعتها تلك الجمعيات على مؤسسة (آرت أوف ليفنج)، المنظمة لهذا المهرجان الثقافي العالمي، من أجل ثنيها عن عقد تلك التظاهرة.
غير أن أنصار البيئة ورافضي إقامة هذا الحدث أصيبوا بخيبة أمل كبيرة، بعدما أصدرت المحكمة الوطنية الخضراء، أمس الأربعاء، حكمها النهائي بالسماح بتنظيم مهرجان الثقافة العالمي، بالرغم من تأثيراته السلبية المحتملة على البيئة.
وقررت المحكمة، المعنية بقضايا البيئة في الهند، السماح بتنظيم هذا المهرجان الثقافي الضخم، إلا أنها فرضت على منظمي هذه التظاهرة دفع غرامة قدرها 50 مليون روبية (دولار واحد يساوي حوالي 68 روبية)، بمثابة تعويض عن التأثير الذي سيشكله هذا الحدث على البيئة بالمنطقة.
كما فرضت هيئة المحكمة على المنظمين إيداع مبلغ الغرامة قبل انطلاق هذا المهرجان الثقافي، مؤكدة أن المبلغ النهائي الواجب دفعه سيتم تحديده على أساس دراسة ستجريها لجنة قضائية مختصة، على أن تقدم هذه الأخيرة تقريرا في غضون أربعة أسابيع حول الأضرار الناجمة عن تنظيم تلك التظاهرة.