الهجرة غير النظامية .. تحولات في بلدان المنشأ تحتم اعتماد مقاربات شمولية

الهجرة غير النظامية .. تحولات في بلدان المنشأ تحتم اعتماد مقاربات شمولية

الأربعاء, 12 مارس, 2014 - 19:08

(من المراسلة الدائمة للوكالة فاطمة رفوق)

الجزيرة الخضراء – كشف الحادث المأساوي الأخير المتمثل في غرق 15 إفريقيا من جنوب الصحراء في مياه مدينة سبتة المحتلة، واستعمال الحرس المدني الإسباني للرصاص المطاطي ضد مجموعات المهاجرين الراغبين في العبور نحو أوربا، أن الأسوار العالية والأسيجة الشائكة المزودة بشفرات حادة والمحيطة بثغري سبتة ومليلية المحتلتين، لن تفلح، كما هو حال القوانين الأوربية الصارمة، في مواجهة أخطار تدفقات الهجرة غير النظامية.
كما كشف هذا الحادث الذي اهتزت له مشاعر الكثيرين وفجر غضب الحقوقيين في ضفتي مضيق جبل طارق واستنفر السياسيين في إسبانيا والاتحاد الأوربي، على أن الهجرة ليست بظاهرة اجتماعية عابرة يمكن القضاء عليها باعتماد إجراءات وقوانين لا إنسانية، وليست لصيقة بالقارة الإفريقية التي تزخر بثروات هائلة وبطاقات بشرية لا يستهان بها، بل هي ظاهرة لها صلة أيضا بالأوضاع في بعض البلدان الأوربية والجنوب أمريكية وستستمر طالما استمرت لامبالاة المجتمع الدولي لمعالجتها بشكل جدي من خلال مقاربات شمولية.
وفي غمرة المخاض الإعلامي والجدل السياسي الحاد ومحاولات التملص من المسؤولية في حادث السادس من فبراير المنصرم، وفي ظل التصريحات المتباينة، المنددة منها بسلوك الحرس المدني والمطالبة باستقالة وزير الداخلية الإسباني والمؤيدة لنهج الضرب بيد من حديد لإيقاف التدفقات المتتالية للهجرة من إفريقيا، صدح صوت عال من إقليم الأندلس مدافعا عن القارة السمراء ومعلنا عن حقائق تغاضى عنها أو تجاهلها السياسيون والكثير من الإعلاميين المتخوفين من الهجرة القادمة عبر الثغرين المحتلين بشمال المملكة أو من خلال ما يسمى بقوارب الموت.
فقد أعلنت ألبا دوبلاس، المتحدثة باسم اليسار الموحد في لجنة العدالة والداخلية بالبرلمان الأندلسي، أن حوالي 100 ألف شخص يحاولون كل عام، بطرق مختلفة ومتباينة الخطورة، الوصول إلى بلدان الاتحاد الأوربي وأن 20 ألف فقدوا الحياة قبل وصولهم إلى القارة العجوز خلال ال20 سنة الأخيرة.
وأوضحت أن الهجرة القادمة عبر القوارب أو العابرة لثغري سبتة ومليلية المحتلين متجهة صوب السواحل الأندلسية “أقل بكثير من تلك القادمة عبر الطائرات من بلدان أوربية وأمريكية لاتينية”، مشيرة في هذا الصدد إلى أن إقليم الأندلس يحتضن 725 ألف أجنبي ثلثهم أوربيون وأن 50 في المئة من المهاجرين غير الشرعيين هم مواطنون أوربيون، تنضاف إليهم نسبة لا بأس بها من مواطني أمريكا اللاتينية كالإكوادور والأرجنتين وكولومبيا، ثم القادمين من شمال إفريقيا.
وقالت “إن الحقيقة المرة الواجب الاعتراف بها، تكمن في أن الحدود الجنوبية لأوربا لا تشكل الممر الأول والرئيسي للهجرة غير النظامية”، موضحة أن بيانات وكالة فرونتيكس الخاصة بسنة 2012 تفيد بأن غرب البحر الأبيض المتوسط والذي يضم أيضا أرخبيل الكناري والمدينتين المغربيتين المحتلتين، عبره بطريقة غير شرعية 6.499 شخصا، في حين عبر الطريق البحري الأوسط للمتوسط (الساحل الإيطالي) 10 ألف و380 شخصا وتسلل من الجهة الشرقية لذات البحر (خاصة قبرص) حوالي 37 ألف و220 شخصا.
وبغض النظر عن هذه الحقيقة التي صدمت الكثيرين وغض عنها السياسيون والإعلاميون والمحللون الطرف للتركيز فقط على وجهة الضفة الجنوبية لمضيق جبل طارق، فإن المغرب المعروف تاريخيا بأنه بلد للتسامح والتعايش، لا يمكنه الانفصال عن جذوره الإفريقية ولا الانسلاخ من الجسم الإفريقي الذي تربطه به صلات تاريخية ودينية واجتماعية وتجارية عريقة.
ويرى الأستاذ والباحث المغربي بجامعة ألميرية، الحسن بلعربي حفطلاوي ، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، بأن المغرب الذي تحول في وقت قصير إلى بلد مستقبل للهجرة ليصبح مثله مثل الاتحاد الأوربي، اعتمد مقاربة إنسانية لهذه الظاهرة، حظيت بتنويه رسمي للعديد من الدول.
وقال بلعربي أن الاسترايجية الجديدة للهجرة التي أعلن عنها صاحب الجلالة الملك محمد السادس في العاشر شتنبر من العام الماضي، تقوم على احترام حقوق الإنسان وصون كرامة وحقوق المهاجرين دون قيد أو تمييز.
وأوضح أن المغرب الذي وصل فيه عدد المهاجرين غير النظاميين إلى أرقام تتراوح ما بين 25 ألف و50 ألف مهاجر معظمهم من إفريقيا جنوب الصحراء، سارع إلى تنفيذ استراتيجيته الجديدة التي تعد نموذجا يحتذى به في بلدان منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط وشرع في معالجة وضعية الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين وتمتيعهم بحقوقهم وواجباتهم كسائر المغاربة، “وقد استطاع بذلك أن يمنح بعدا قويا للتعاون جنوب- جنوب في سياسته الخارجية الخاصة بإفريقيا”.
وأضاف بلعربي “إن ما يجمع المغرب بإسبانيا أقوى بكثير من إشكالية الهجرة غير الشرعية، فعلى البلدين الجارين تقوية تحالفهما الاستراتيجي لمجابهة التحديات التي يجابهانها معا، والبداية ينبغي أن تكون عبر التصالح مع الذاكرة التاريخية المشتركة وإقامة أسس علاقات ممتازة مبنية على قاعدة رابح-رابح، فهناك العديد من مجالات التعاون كما هناك العديد من التحديات “.
وأشار بلعربي الذي يشغل أيضا منصب نائب رئيس “المنتدى الوطني للمثقفين والمهنيين من أصل مغربي في إسبانيا” والمؤسس لأرضية عمل تروم جلب مبادرات وحوافز جديدة لتحسين التعايش بين أفراد الجالية المغربية في شبه الجزيرة الإيبيرية، إلى أن قضية الهجرة مسؤولية تقع على عاتق أوربا والدول الإفريقية معا “لقد اتضح اليوم وأكثر من أي وقت مضى، أنه لا الحدود ولا التأشيرات بإمكانهما حصر التدفقات غير الشرعية للمهاجرين، إن الهجرة قضية شاملة تستوجب حلولا شمولية لجعل منطقة البحر الأبيض المتوسط منطقة يعمها الأمن والسلام والاستقرار والازدهار”.
وعبر عن اعتقاده بأن أحدى الحلول الممكنة تقوم على تنمية القارة الإفريقية عبر خلق منطقة غنية في شمالها، قادرة على امتصاص التدفقات الكبرى للهجرة القادمة من جنوب الصحراء الكبرى، تسهم في استتباب الأمن ونشره في منطقة الساحل، مبرزا في الوقت ذاته أن هذا “لن يتحقق في غياب اتحاد مغاربي قوي ومتضامن وجعل المغرب العربي منطقة ازدهار اقتصادي يعمها الرخاء والسلام بعيدا عن المضايقات السياسية التي تفتعلها الجارة الجزائر”.

 

اقرأ أيضا

التوقيع على محضر اتفاق بين وزارة الصحة ونقابات القطاع

الثلاثاء, 23 يوليو, 2024 في 21:56

وقع وزير الصحة والحماية الاجتماعية خالد آيت طالب، بتفويض من رئيس الحكومة عزيز أخنوش، اليوم الثلاثاء، محضر اتفاق بين الوزارة والنقابات الممثلة في قطاع الصحة.

السيد لقجع يؤكد على أهمية إصلاح قانون المالية لجعله إطار رائدا لتدبير الميزانية

الثلاثاء, 23 يوليو, 2024 في 21:40

أكد الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، اليوم الثلاثاء بمجلس المستشارين، على أهمية إصلاح القانون التنظيمي لقانون المالية لجعله إطارا تنظيميا رائدا لتدبير الميزانية العامة للدولة.

مجلس المستشارين يختتم بعد غد الخميس دورة أبريل من السنة التشريعية 2023-2024

الثلاثاء, 23 يوليو, 2024 في 19:54

يعقد مجلس المستشارين، بعد غد الخميس، جلسة عامة تخصص لاختتام دورة أبريل من السنة التشريعية 2023-2024.