النازحون السوريون بلبنان .. مشهد ”سوريالي” في ظل وضع إقليمي ”عبثي”

النازحون السوريون بلبنان .. مشهد ”سوريالي” في ظل وضع إقليمي ”عبثي”

الجمعة, 11 يوليو, 2014 - 11:10

(المراسل الدائم للوكالة ببيروت : عبد الله البشواري)

بيروت- ما ينطبق على المشهد الذي رسمه صامويل بيكيت في مسرحيته “في انتظار غودو”، ينطبق على وضع النازحين السوريين بلبنان، “انتظار وترقب” للذي يأتي والذي قد لا يأتي، مشهد “سوريالي” يعيشونه بين بلد لم يعد قادرا على استيعاب مزيد منهم، و”ضاق” بالمتواجدين بأراضيه، وبين بلدهم الأصلي الذي ما يزال غارقا في “وحل” أزمة عرفت بدايتها، ويصعب التكهن بتاريخ نهايتها ولا صورة خاتمتها.

ويعيش هؤلاء، في انتظار “خواتم” مجهولة، كل لحظة تنذر “بالعبثية”، فلبنان فتح أذرعه لجيرانه في وقت كانت فيه “آلة” القتل، وما تزال، تطالهم كل لحظة. إلا أن الأمر وصل بهذا البلد إلى التعبير في كثير من المناسبات بأنه “لم يعد قادرا لوحده تحمل المزيد”، خاصة وأنه الوحيد من بين “الجيران”، الذي استقبل ب”أريحية” في بداية الأزمة ببلاد الشام أكبر عدد من النازحين تجاوز عددهم حاليا مليون و122 ألف نازح.
وحاول لبنان “تدويل” القضية بطرحها على المنابر الدولية، خاصة الأمم المتحدة ، إلا أنه وأمام “تردد” المجتمع الدولي في اتخاذ مبادرات “فعلية”، قرر أن يقوم بمبادرات “سيادية” تحد من هذا “الزحف” الذي “تخطى الحدود المعقولة” وأصبح “عاملا مفجرا”، حسب وزير خارجيته، جبران باسيل.
وكانت بداية الإجراءات “الصارمة”، الرامية في الأول إلى التقليص قدر الإمكان من أعداد النازحين في شهر مايو الماضي، قرار مجلس الوزراء “منع دخول السوريين القادمين من مناطق بعيدة عن الحدود، وعدم استقبال نازحين من المناطق القريبة من الحدود التي لا تشهد قتالا، وكذا نزع صفة النازح عن أي سوري يعود إلى سورية ويرجع إلى لبنان”.
ونتيجة لهذا القرار، أقر وزير الشؤون الاجتماعية، رشيد درباس، وهو أيضا منسق اللجنة الوزارية المكلفة بملف النازحين، بأن “50 ألف نازح سوري لم يعودوا إلى لبنان لأن لا مصلحة لهم بذلك”.
ويبدو أن هذه الإجراءات لا تكفي للحد من النزوح الهائل للسوريين، فبدأ لبنان في تسويق فكرة إقامة مخيمات لهم في المنطقة العازلة بين سورية ولبنان.
وكان لبنان اقترح إقامة المخيمات للنازحين في اجتماع جمع، مؤخرا، باللوكسمبورغ بين وزراء عدد من الدول، بالإضافة إلى رئيس المعهد الدولي للسلام ورئيس الصليب الأحمر الدولي.
كما طرح ذات الفكرة على سفراء الدول الخمسة دائمة العضوية بمجلس الأمن المعتمدين ببيروت.
وعلى خلاف ما كان منتظرا، لم تلق الفكرة، سواء من المجتمع الدولي أو بين الفرقاء السياسيين بلبنان، “الترحيب” ليأتي الاعتراف “صراحة” هذه المرة من رئيس الحكومة، تمام سلام، الذي يسير أمور الدولة مؤقتا في ظل الفراغ في سدة الرئاسة منذ 25 مايو الماضي، بأن فكرة إقامة هذه المخيمات “لم تلق ترحيبا لدى المجموعة الدولية”، مبررا بأن هناك “فريقا يعتبر أن تجربة لبنان مع المخيمات الفلسطينية غير ناجحة. لذلك، رفض إنشاء مخيمات مماثلة للنازحين السوريين”.
وداخليا، تمحور الخلاف بين إقامة هذه المخيمات داخل البلد أو بالمناطق المعزولة، إلا أن وزير الخارجية مصر على أن الحل الوحيد هو مخيمات عازلة على غرار الموجودة بالأردن مثلا، وأجرى، مؤخرا خلال مؤتمر صحفي، مقارنة مع دول الجوار السوري لعدد السوريين فيها، مؤكدا أن “تركيا مثلا تبلغ فيها نسبة السوريين 4 في المائة من نسبة السكان، أما في الأردن فالنسبة 18.5 في المائة بينما في لبنان، إذا ما أخذنا بالحسبان السوريين غير المسجلين، فإن عدد السوريين يفوق 35 في المائة”.
وأمام ضخامة مشكل النازحين، يبدو أن الخلاف لا يصل إلى حد “عدم الاتفاق”، إذ اعتبر وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، أن الخلاف حول هذه المسألة “سيصل حتما إلى مرحلة الاتفاق”، لأن “المشكلة كبيرة وتستدعي الاستنفار لمواجهتها وإعداد الملفات إلى الجهات المانحة عربيا ودوليا”.
وما يعقد مشهد النازحين أكثر هو رفض سلطات النظام السوري إقامة مثل هذه المخيمات، مقترحة عودتهم وفق شروط منها “البراءة من الإرهاب والتعاون في مواجهة وقف تمويله وتسليحه”، وأن تقدم السلطات اللبنانية تسهيلات للراغب في العودة، خاصة من عليهم مترتبات في الإقامة والضرائب”.
ويبقى المعنيون بالأمر محتارون بين الوجهات … البلد الأم سورية في محنة، والبلد المستقبل في ضيق من أمره، ودول الجوار الأخرى كلها منشغلة بفواجعها الداخلية التي تشكل (داعش) وأخواتها جزءا منها.
مشهد عصي على الفهم عجزت حتى الأمم المتحدة عن فك طلاسيمه، ويزداد تعقيدا كل يوم، حتى أن مفوضية اللاجئين تعتقد أن أعداد النازحين السوريين إلى بلد الأرز سترتفع وتتجاوز متم السنة الجارية المليون ونصف المليون.
وفعلا فقد نزح، حسب المفوضية، أكثر من 9500 نازح خلال الأسبوع الماضي فقط، لتستمر مأساة هذا النازح الذي جعلت منه ظروف خارجة عن إرادته عنصرا من “مأساة العصر” في انتظار حل قد تأتي به الأخبار يوما ما.

اقرأ أيضا

الصويرة تعيش على ايقاع فعاليات الدورة ال19 لمهرجان الأندلسيات الأطلسية

الجمعة, 1 نوفمبر, 2024 في 12:57

رفع الستار مساء أمس الخميس بمدينة الرياح، على فعاليات النسخة ال19 لمهرجان الأندلسيات الأطلسية الذي يعد موعدا ثقافيا مميزا فرض نفسه منذ حوالي عشرين سنة ضمن الأحداث الفنية الكبرى.

المقومات التراثية الفريدة للفن المعماري “آرت ديكو” محور مائدة مستديرة بالدار البيضاء

الجمعة, 1 نوفمبر, 2024 في 10:12

استضافت العاصمة الاقتصادية، التي تعد جوهرة الهندسة المعمارية الحديثة بالمغرب، مساء أمس الخميس بحديقة الجامعة العربية، مائدة مستديرة خصصت لتسليط الضوء على فن “الآرت ديكو”، الذي يعد طرازا معماريا يجسد جزءا أساسيا من تراث مدينة الدار البيضاء.

الدار البيضاء.. اختتام أشغال المؤتمر العربي الثالث للملكية الفكرية

الجمعة, 1 نوفمبر, 2024 في 9:33

اختتمت، يوم الخميس بالدار البيضاء، أشغال المؤتمر العربي الثالث للملكية الفكرية، وذلك بعد يومين من النقاشات العلمية التي تمحورت حول موضوع “الملكية الفكرية وتحديات الذكاء الاصطناعي”.