”المنحة العائلية”: برنامج اجتماعي لانتشال سكان البرازيل من الفقر

”المنحة العائلية”: برنامج اجتماعي لانتشال سكان البرازيل من الفقر

الأربعاء, 2 يوليو, 2014 - 10:40

بقلم هشام المساوي

ساو باولو- بعد انتخابه رئيسا للبرازيل بأيام، أقر لويس إيناسيو لولا دا سيلفا سنة 2003 سلسلة من البرامج الاجتماعية لإخراج شرائح واسعة من المجتمع من براثن الفقر والحاجة والدفع بالمواطنين إلى الانخراط في الشريحة المتوسطة من أجل المساهمة في تحريك الدورة التجارية لسادس قوة اقتصادية في العالم.
ولعل أبرز برنامج اجتماعي أقره لولا دا سيلفا، خلال ولايته الرئاسية الأولى (2003 – 2006)، يتمثل في “المنحة العائلية” (بولسا فاميليا)، وهو برنامج دعم اجتماعي للعائلات، مشروط بالتزام هذه الأخيرة بمواصلة تمدرس الأطفال وقيامهم بالاستشارات الطبية، وقد لقي إشادة دولية لوقعه المباشر على خفض معدلات الفقر، وعمله على قطع سلسلة توارث الفقر بين الأجيال، من الآباء إلى الأبناء.
ويستفيد من الدعم المقدم في إطار البرنامج، الذي أعلن عنه سنة 2003، نحو 11 مليون أسرة، أي حوالي 40 مليون فرد، يمثلون حوالي ربع سكان البرازيل.
كما ساهم بشكل مباشر في رفع مدخول الأسر الأكثر فقرا بين 10 إلى 14 في المائة، بالرغم من أن كلفته لا تتعدى 0,5 في المائة من الناتج المحلي الخام للبلد.
وأشارت معطيات معهد البحوث الاقتصادية التطبيقية إلى أن البرنامج ساهم في تقليص الفجوة بين مداخيل الأسر الغنية والفقيرة، إذ ورغم الأداء المتواضع للاقتصاد البرازيلي سنة 2012 ونمو الناتج الداخلي الخام ب 0,9 في المائة فقط، سجل متوسط الدخل الفردي للأسر المستفيدة نموا بنسبة 7,9 في المائة.
وبفضل “المنحة العائلية”، انخفض عدد البرازيليين المنتمين لشريحة الفقر المدقع (أقل من دولار في اليوم) من 7,6 مليون فرد إلى 6,5 مليون فرد، فيما خرج 3,4 مليون شخص من شريحة الفقراء (بين دولار ودولارين في اليوم) إلى شريحة الطبقة المتوسطة، حسب المعطيات ذاتها.
وحسب البنك الدولي، الذي قدم تمويلا للبرنامج بقيمة 572 مليون دولار في إطار شراكة طويلة الأمد، يهدف برنامج “المنحة العائلية” إلى خفض معدلات الفقر والتفاوتات عبر تقديم اعتمادات مالية للأسر المعوزة، تكون مشروطة بمواصلة تعليم الأبناء والحرص على متابعة برنامج التلقيح الكامل، وضمان زيارة الحوامل للأطباء، مبرزا أن تحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفعة، غير كافية للقضاء على الفقر دون القيام باستثمارات مهمة في المجال الاجتماعي.
وبفضل نتائجه الباهرة، توج البرنامج، خلال المنتدى العالمي للأمن الاجتماعي المنعقد في نونبر 2013 بالدوحة، بجائزة الجمعية الدولية للأمن الغذائي التي تمنح مرة كل ثلاث سنوات، بالنظر إلى نتائجه الاستثنائية و”غير المسبوقة” في مجال الأمن الاجتماعي، وهو ما اعتبر تتويجا للنهج الاجتماعي الذي سنه الرئيس السابق لولا دا سيلفا. وواصلت الرئيسة الحالية ديلما روسيف السير وفق مبادئه.
هذا الاستحقاق دفع برئيسة البرازيل إلى التأكيد في رسالة بعثتها إلى الجمعية الدولية للأمن الغذائي على أنه “لشرف كبير للبرازيل قبول هذه الجائزة، التي تعتبر عرفانا بالجهود التي تقوم بها الحكومة لتعميم الحماية الاجتماعية عبر البلد (…) هناك ألف سبب يدفع بنا إلى الاعتزاز بهذا البرنامج الذي قلص التفاوتات ويستفيد منه كل البرازيليون”.
ولم يفت وريثة لولا دا سيلفا التأكيد على أن أزيد من 36 مليون برازيلي، يعيشون تحت عتبة خط الفقر، يستفيدون من برنامج “منحة عائلية”، كما مكنت المبادرة 16 مليون طفل ويافع من مواصلة التعليم بالفصول الدراسية، فضلا عن دورها الحاسم في خفض معدلات وفيات الأطفال.
كما لقي البرنامج إشادة من قبل منظمة الأمم المتحدة للزارعة والأغذية (فاو) بالنظر إلى مساهمته في خفض معدلات سوء التغذية بحوالي 73 في المائة، ووفيات الأطفال بحوالي 45 في المائة على مدى ست سنوات (2003 – 2009).
ويستهدف برنامج “منحة عائلية” الأسر التي تتوفر على دخل شهري يقل عن 140 ريال برازيلي (2 ريال تعادل 1 دولار)، عبر تقديم مساعدات قد تصل إلى 360 ريال، في حال توفر الأسر على عدة أطفال يتمدرسون بشكل نظامي مع تحقيق نتائج جيدة. وتسعى الحكومة من خلاله إلى جعل المواطنين مستقلين ذاتيا عبر تنشئة جيل متعلم يساهم في إخراج عائلته من دائرة الفقر.
ويعتبر (بولسا فاميليا) جزءا من برنامج شامل يسعى إلى “استئصال الجوع” بالكامل من البرازيل، أطلقه لولا دا سيلفا في يناير 2003، ويستهدف بالأساس المحافظات الواقعة شمال شرق البلاد، والتي تضم القسم الأكبر من الفقراء البرازيليين.
وبالرغم من نجاحه، لم يسلم البرنامج من انتقادات أحزاب المعارضة التي ترى في “منحة عائلية” وسيلة لشراء ولاء الفقراء من أجل استمرار حزب العمال في السلطة، خاصة وأنه لم يقدم أية رؤية واضحة لمكافحة الفقر وانعدام المساواة، بدل تقديم المساعدات المالية والغذائية المباشرة للأسر المعوزة.
وبغض النظر عن الانتقادات والحسابات السياسية، وضع برنامج “بولسا فامليا” البرازيل في مقدمة بلدان العالم في مجال مكافحة الفقر. نجاح يقارب “معجزة” تعمل على إعادة توزيع الثروة بين شرائح المجتمع، وتجعل من النمو الاقتصادي القوي وسيلة لتحقيق التنمية الاجتماعية والبشرية.

اقرأ أيضا

مدينة سلا تعيش على إيقاع الدورة 16 للمهرجان الدولي لأطفال السلام

الخميس, 25 يوليو, 2024 في 20:40

تحتضن مدينة سلا حاليا فعاليات الدورة 16 للمهرجان الدولي لأطفال السلام الذي تنظمه جمعية أبي رقراق إلى غاية 30 يوليوز الجاري تحت الرئاسة الشرفية لصاحبة السمو الملكي الأميرة لالة مريم.

إقليم تازة.. حريق بغابة بورد بدائرة أكنول يأتي على حوالي 30 هكتار

الخميس, 25 يوليو, 2024 في 19:23

أتى حريق اندلع مساء أمس الأربعاء بغابة بورد بمنطقة الشرشارة بجماعة بورد بدائرة أكنول بإقليم تازة على 30 هكتار من الغطاء الغابوي.

السيد أخنوش يشارك في قمة باريس حول “الرياضة والتنمية المستدامة”

الخميس, 25 يوليو, 2024 في 18:30

شارك رئيس الحكومة، السيد عزيز أخنوش، اليوم الخميس بباريس، في قمة “الرياضة والتنمية المستدامة”، التي تنعقد على هامش افتتاح الألعاب الأولمبية، حيث يمثل صاحب الجلالة الملك محمد السادس في هذا الحدث الرياضي العالمي.