المكسيك .. تحديات ورهانات ما بعد إقرار الإصلاحات الهيكلية
بقلم المراسل الدائم للوكالة بالمكسيك الطيب كزرار
مكسيكو سيتي – يتوقع أن تشكل 2014 سنة حاسمة بالنسبة للمكسيك وحكومة الرئيس إنريكي بينيا نييتو، في مسار رفع تحديات ورهانات تحقيق انتعاش النمو الاقتصادي وتنفيذ التشريعات الثانوية وجذب رؤوس الأموال، وكذا استكمال برامج الإصلاحات الهيكلية الكبرى على العديد من الأصعدة.
فإذا كانت 2013 قد شكلت سنة التغيرات الكبرى متمثلة في الإصلاحات الرامية الى تعزيز السوق المحلية وتحسين الانتاجية وجذب الاستثمارات الأجنبية على غرار الإصلاح الضريبي والطاقي والمالي وفي قطاعات الاتصالات والتعليم والسياسة، فإن السنة الحالية ستشكل بلا شك محكا حقيقيا لإطلاق البلاد العنان لإمكاناتها الاقتصادية.
وفي هذا الصدد، قال الرئيس المكسيكي إنريكي بينيا نييتو، الذي تولى منصبه في فاتح دجنبر 2012، في مقابلة صحفية أجراها مؤخرا، إن “الاصلاحات التي تمت هي مجرد بداية، إذ مازالت هناك أمور كثيرة ينبغي أن يقوم بها المكسيكيون للاستمتاع بحياة أفضل وفرص للتنمية (…) اننا مستعدون لتحويل المكسيك إلى الدولة المزدهرة والعادلة التي طالما حلمنا بها”، مؤكدا أنه سيتم وضع إجراءات ملموسة وإقامة بنية أساسية ضخمة خلال سنة 2014.
وأضاف إنريكي بينيا، خلال هذه المقابلة التي استعرض خلالها إنجازات حكومته خلال العام الأول من توليه الرئاسة، أن حكومته ستتمسك بهدفها لتحقيق مزيد من الأمن من أجل تهيئة بيئة مناسبة للاستثمار والسياحة.
وتراهن المكسيك، التي ظلت إحدى الاقتصادات الصاعدة المجتذبة للمستثمرين بفضل عمالتها واتفاقيات تحرير التجارة والبنية التحتية الجيدة، في سبيل إعادة الانتعاش لاقتصادها الوطني، على تفعيل الإصلاح الضريبي والمالي الذي أقره البرلمان مؤخرا، والذي يتضمن عددا من الإجراءات الهادفة إلى ضخ مزيد من الأموال المتأتية من الزيادات الضريبية، والتي ستنفق على تشييد البنية التحتية وخدمات الضمان الاجتماعي. لكن العديد من المنتقدين يقولون إن الإجراءات الجديدة ستضر بالنمو الضعيف أصلا لاقتصاد المكسيك.
وتأتي هذه الإجراءات والإصلاحات الهيكلية في وقت توقفت فيه البلاد لالتقاط أنفاسها لفترة قصيرة عقب تحقيق قفزة في بداية العام الماضي عندما تم وصف حالة نشوة السوق بـ “اللحظة المكسيكية”.
ويعاني الاقتصاد المكسيكي حاليا من انكماش لكن في ظل الاستقرار، وتتمثل أهم مؤشرات ذلك في قيام الحكومة خلال شهر نونبر الماضي، وللمرة الرابعة على التوالي، بخفض توقعاتها بشأن نمو الاقتصاد خلال العام الفائت من 1.7 بالمئة إلى 1.3 بالمئة من إجمالي الناتج المحلى.
لكن بالمقابل عبرت وزارة المالية والائتمان العام عن تفاؤلها بخصوص العام الحالي، مشددة على أن الإصلاحات الهيكلية التي تم إقرارها سوف تعمل على تسريع نمو المكسيك إلى حوالي 4 بالمئة سنة 2014 ، كما ستزيد تدريجيا لتصل إلى مستويات 5 بالمئة بحلول عام 2018.
وقال وكيل الإيرادات في وزارة المالية، ميغيل ميسيماشر لينارتاس إنه بعد النمو “المنخفض نسبيا” في عام 2013، والذي قدر بنحو 1.3 بالمئة السنة الماضية، “فإننا سنبدأ خلال سنة 2014 في لمس الأثر الإيجابي للإصلاحات المعتمدة في الأشهر الأخيرة”، موضحا أن “الإصلاحات هي في الواقع جيدة جدا لتحقيق نمو على المدى الطويل (..) وينتظر أن تبدأ آثار بعض الإصلاحات بالظهور خلال عام 2014، وأن هذه التأثيرات سوف تزداد قوة في السنوات القادمة”.
ومن جانبه، أبرز المعهد المكسيكي لتنفيذيي المالية أن الإصلاحات الهيكلية التي اعتمدت مؤخرا ستعمل على تسريع وتيرة النمو والاستثمار في المكسيك، مشددا على ضرورة انعكاس ثمارها على جيب المكسيكيين.
واقترح الرئيس الجديد للمعهد، دانيال كاليخا بينيدو، في هذا الصدد، إجراء التعديلات اللازمة لـ(ميثاق من أجل المكسيك)، الذي وقع في دجنبر 2012 بين الحكومة والأحزاب السياسية الرئيسية، وكذا مواصلة واستئناف “المعارك” المعلقة في البلاد.
كما تعول المكسيك في مسيرة الإصلاح الرامية إلى تحقيق غد أفضل لمواطنيها، على تنفيذ الإصلاح الذي أقره مجلس الشيوخ مؤخرا والمتعلق بالمجال الطاقي، والذي يعد بنظر الحكومة إصلاحا وطنيا يصب في مصلحة المكسيكيين، وأنه في حال تطبيقه سيمكن من خلق المزيد من فرص العمل والرفع من حجم إنتاج الطاقة، مثل الكهرباء، وبأسعار منخفضة.
ويأمل الكثير من المحللين أن يعزز فتح قطاع الطاقة المملوك للدولة، عبر السماح بالاستثمار الخاص ونقل الخبرة من خلال مشروعات مشتركة، نمو اقتصاد البلاد.
وتراهن الحكومة المكسيكية بفضل كل هذه الإصلاحات وتلك التي تعتزم القيام بها خلال السنة الجارية على بلوغ أهدافها لتهيئة الظروف المناسبة للاستثمار وجعل 2014 بمثابة سنة إطلاق العنان لإمكاناتها الاقتصادية والتنموية.
إن الشكوك في ما يتعلق بقدرة الاقتصاد المكسيكي على تحقيق نمو اقتصادي سنوي مستدام بنسبة 4 بالمئة إلى 5 بالمئة ــ الحد الأدنى اللازم لضمان الرخاء على الأمد البعيد – لم تنقطع، لكون ذلك يبقى رهينا بمدى إقرار التشريعات الثانوية التي ستعمل على ترجمة الإصلاحات التي تم إقرارها على أرض الواقع، فضلا عن تحقيق الانسجام والتنسيق بين مكونات (ميثاق من أجل المكسيك) وإعادة الحيوية له بعد انسحاب حزب الثورة الديمقراطية من الميثاق مؤخرا.
اقرأ أيضا
فيضانات إسبانيا: الحكومة تستعد لإعلان المناطق المتضررة بشدة “مناطق منكوبة”
أعلن رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، اليوم السبت، أن السلطة التنفيذية تعتزم إعلان المناطق المتضررة بشدة من الفيضانات المدمرة التي ضربت جنوب شرق البلاد “مناطق منكوبة”.
وزارة العدل تعزز اللاّمركزية بتأسيس مديريات إقليمية لتحديث الإدارة القضائية
أصدر وزير العدل قرارا بإنشاء وتنظيم المصالح اللاممركزة للوزارة، متمثلة في مديريات إقليمية للعدل موزعة على مستوى الدوائر القضائية لكل محكمة استئناف.
السيد الشامي يبرز إيجابيات تعزيز حكامة المالية العمومية (مناظرة)
أكد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أحمد رضا الشامي، أمس الجمعة بالرباط، أن تعزيز حكامة المالية العمومية يخلق آثار إيجابية على عدة مستويات.
أخبار آخر الساعة
-
فيضانات إسبانيا: الحكومة تستعد لإعلان المناطق المتضررة بشدة “مناطق منكوبة”
-
وزارة العدل تعزز اللاّمركزية بتأسيس مديريات إقليمية لتحديث الإدارة القضائية
-
السيد الشامي يبرز إيجابيات تعزيز حكامة المالية العمومية (مناظرة)
-
السيد بنسودة يدعو إلى تحسين نموذج الحكامة المالية العمومية
-
الصويرة تعيش على ايقاع فعاليات الدورة ال19 لمهرجان الأندلسيات الأطلسية
-
المقومات التراثية الفريدة للفن المعماري “آرت ديكو” محور مائدة مستديرة بالدار البيضاء
-
الدار البيضاء.. اختتام أشغال المؤتمر العربي الثالث للملكية الفكرية
-
الدار البيضاء.. إبراز تحديات حماية حقوق الملكية الفكرية بالتعليم في ارتباطها بالذكاء الاصطناعي (ندوة)