المكسيك .. “التشاريريا” تقليد عريق من تقاليد الفروسية

بقلم .. الطيب كزرار

 مكسيكو سيتي – تعتبر (التشاريريا)، التي تم إدراجها مؤخرا في قائمة التراث غير المادي للبشرية من قبل منظمة اليونسيكو، مصدر فخر وتقليد عريق في الثقافة المكسيكية، حيث تجمع ممارستها بين الفروسية مع أشكال مختلفة من مسابقات رعاة البقر وتربية الخيول والماشية.

وكانت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) قد أعلنت مؤخرا خلال اجتماعها السنوي في أديس أبابا بأثيوبيا إدراج “التشاريريا”، في هاته القائمة باعتبارها تقليدا من تقاليد الفروسية.

في هذا السياق، أبرزت منظمة (اليونسيكو)، في بيان لها، أن (التشاريريا) تعتبر عنصرا هاما من عناصر الهوية والتراث الثقافي للمجتمعات التي تقوم برعاية والحفاظ على هذا التقليد، الذي تعتبره وسيلة لتلقين الأجيال الصاعدة بعضا من القيم الاجتماعية الهامة مثل الاحترام والمساواة بين كافة أفراد المجتمع.

وترجع جذور هاته الممارسة التقليدية إلى ولايتي هيدالغو وخاليسكو، والتي أضحت مع مرور الزمن أحد أبرز التقاليد المكسيكية الأكثر تمظهرا في الثقافة المحلية.

وكانت تمارس في بادئ الأمر في سهول أبان في هيدالغو، وبعد مرور الثورة المكسيكية في أوائل القرن العشرين، تم اعتبارها كرياضة وطنية عندما هاجر ملاك الأراضي القديمة إلى مدن مثل مكسيكو سيتي وغوادالاخارا، حيث بدأوا في الانتظام في جمعيات سرعان ما انتشرت تدريجيا في كافة أنحاء البلاد، مما أدى إلى إقامة “التشاريريا” المنظمة حاليا.

وتعتبر التشاريريا حاليا في المكسيك بمثابة رياضة وطنية بامتياز منذ تسجيلها من قبل اللجنة الوطنية للرياضة، حيث أن هناك جمعيات ومدارس خاصة “للتشاريريا” مخصصة لتدريب وتأهيل أعضائها من أجل المشاركة في المنافسات التي تمكن “التشارو” أو راعي البقر المكسيكي من إبراز مهارته في فن ركوب الخيل أو السيطرة على جواد جامح أو امتطائه بدون سرج أو لجام، فضلا عن صيد ثور عن طريق سوط.

بهذه المناسبة، هنأ رئيس الاتحاد المكسيكي للتشاريريا، ميغيل انخيل باسكوال إيسلاس، كافة أفراد أسرة هذه الرياضة لهذا الاستحقاق الذي يحمي ويحافظ بقوة على تقليد ظل على حاله دون تغيير، مضيفا أنه بفضل العمل والحب من أجل المكسيك من قبل أجيال من الرجال والنساء، الذين يقومون بممارسته ونشره وتوارثه وبذل الجهد للدفاع عنه، سمح اليوم لأن يكون جزء ثقافيا للإنسانية جمعاء.

ويقوم “التشاروس” أو الفرسان، خلال ممارسة هذه الرياضة، بارتداء ملابس تقليدية، يتكفل حرفيون محليون مهرة بتصميمها إلى جانب المعدات والسروج، والتي تشكل جزءا من فن (الشاريريا).

ويخضع زي “التشارو”، الذي يرجع أصوله إلى التقاليد الموروثة بدون أدنى تغيير منذ عهد إسبانيا الجديدة، لآداب صارمة جدا، وهي مصنوعة غالبا من الصوف أو من الجلد، أو هما معا، ولا يجوز أن يكون موضع ابتكار، ويشمل القبعة المزينة بنقوش تقليدية مطرزة بخيوط الذهب، وسروال وسترة وقميص وحذاء.

وتتمثل الألوان المسموح بها في البني والأزرق الداكن، والرمادي والأخضر، وأحيانا هناك الأحمر الداكن أو الأسود، ولكن فقط في السراويل، بالإضافة إلى أنه يجب أن تكون الأحذية من لون جلد السرج.

وتبدأ مسابقة “التشاريريا” بموكب للفرق، وتشمل تسعة أحداث تتمثل في (لا كالا دي كابايو) لإظهار صفات الفرس ومميزاته وقدراته الأدائية، و(منغاناس) وهو اختبار يتطلب من الفارس إبراز سيطرته على حصان عن طرق سوط طويل، و(بيالاس إن إل لينسو) حيث يتعين على المتسابق توقيف حصان جامح من ساقيه باستخدام السوط.

وتتمثل الأحداث الأخرى في (كولياديرو) حيث يقوم (التشارو) هذه المرة بامتطاء الفرس وفي الوقت ذاته الإطاحة بالثور عن طريق سحبه من ذيله، و(خيتيو دي تورو) وهي مسابقة شبيهة بـ(الروديو) الأمريكية، حيث ينبغي على الفارس ركوب الثور والبقاء أطول فترة ممكنة على ظهره، فضلا عن (ال باسو دي لا مويرتي) و(خينتيو دي يغوا) و(إسكاراموسا) و(تيرنا إل رويدو).

يذكر أن الحفاظ على التراث غير المادي، الذي يشمل على سبيل المثال لا الحصر المهرجانات التقليدية والتقاليد الشفهية والملاحم والعادات وأساليب المعيشة والحرف التقليدية، وما إلى ذلك، بمثابة حماية للهويات الثقافية، وبالتالي التنوع الثقافي للبشرية.