المغرب جسد في جوهانسبرغ المدى الكامل لالتزامه الصادق لصالح التنمية في إفريقيا

جوهانسبورغ- شكلت القمة الإفريقية السابعة للحكومات المحلية (أفريسيتي 2015) ومنتدى التعاون الصيني الإفريقي، اللذين احتضنتهما مؤخرا جوهانسبورغ، فرصة لإبراز الدور النموذجي الذي يضطلع به المغرب في تعزيز التنمية السياسية والاقتصادية في القارة الإفريقية.

وهكذا، فإن قمة أفريسيتي 2015، التي شهدت مشاركة وفد مغربي كبير برئاسة الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية السيد الشرقي الضريس، كانت أرضية مثالية للمغرب ليتقاسم مع شركائه الأفارقة تجربته الرائدة في النهوض بالديمقراطية المحلية باعتبارها حجر الزاوية في أي تنمية اقتصادية واجتماعية تضع العنصر البشري في صلب اهتماماتها. وأثارت الأوراش المغربية الخاصة بالجهوية المتقدمة، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية واللامركزية اهتماما قويا خلال ملتقى جوهانسبورغ.

وعرفت الورشات المنظمة حول هذه المواضيع على هامش القمة حضورا كبيرا للمشاركين المهتمين بالاطلاع على النموذج المغربي وسبل الاستفادة من التجربة التي راكمتها المملكة في هذا المجال. ومن بوروندي وحتى جنوب إفريقيا مرورا بالموزمبيق، كان الحماس واضحا بشأن التقدم الذي لا يمكن إنكاره الذي حققته المملكة في المجالات التي تمس الحياة اليومية للساكنة.

وكان السيد برافان غوردان، الذي كان يشغل خلال القمة منصب وزير الحكامة التعاونية في جنوب إفريقيا، قبل أن يتولى هذا الأسبوع قطاع المالية، أكد، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن المغرب وجنوب إفريقيا يتوفران على قدرات كبيرة للتعاون في مجال النهوض بالحكامة المحلية.

وقال إن التقدم الهام الذي حققه المغرب في ما يخص اللامركزية والنهوض بالديمقراطية المحلية خول له تطوير مؤسسات قوية مقارنة مع العديد من بلدان القارة. وسلطت الأضواء على المغرب حتى قبل بداية القمة، إذ أن المشاركين كانوا يرغبون في معرفة المزيد عن هذا البلد الذي نجح في تقديم نموذج للديمقراطية والاستقرار والازدهار في محيط إقليمي يقع اليوم فريسة لعدم الاستقرار والاضطرابات بجميع أنواعها.

وإلى جانب تقديم التجربة المغربية، شكلت قمة أفريسيتي أيضا فرصة لتأكيد مكانة المملكة كصوت ينصت إليه للتوازن والتوافق في القارة، عندما تدخل الوفد المغربي بكامل ثقله لإنقاذ القمة، خاصة في اللحظة الصعبة لانتخاب رئيس جديد لمنظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة في إفريقيا التي يوجد مقرها في الرباط. وخولت جهود الوفد المغربي تفادي صدام كان يبدو حتميا بين الفريق الناطق بالفرنسية ونظيره الناطق بالإنجليزية اللذين تنازعا رئاسة المنظمة.

وأدى الدور الميسر للوفد المغربي إلى التوصل لتوافق أعيد بموجبه انتخاب عمدة دكار (السنغال) خليفة سال رئيسا لمنظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة بإفريقيا، في حين انتخب عمدة جوهانسبورغ باركس تاو نائبا للرئيس وتم اختياره أيضا كمرشح إفريقي لرئاسة المنظمة العالمية للمدن والحكومات المحلية المتحدة.

وأقرت القمة أيضا مجددا مدينة الرباط كمقر دائم للمنظمة الإفريقية، وهو خيار حظي بدعم جميع المشاركين بما في ذلك جنوب إفريقيا، البلد المضيف للقمة السابعة لأفريسيتي. وأشاد العديد من المشاركين في القمة بالدور الأساسي الذي يقوم به المغرب لصالح تعزيز الوحدة الإفريقية والتزامه بنشر الممارسات الجيدة للحكامة السياسية والاقتصادية في القارة.

وتألقت المملكة كذلك خلال منتدى التعاون الصيني الإفريقي الذي احتضنته أيضا جوهانسبورغ.

وشكلت القمة، التي تميزت بمشاركة عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة، الذي مثل جلالة الملك محمد السادس، فرصة لإبراز المساهمة القيمة التي تقدمها المملكة في بروز شراكة جديدة بين الصين وإفريقيا، مستفيدا من موقعه كبوابة لولوج القارة وعلاقاته العميقة مع إفريقيا والصين والقوى الاقتصادية العالمية الكبرى، خاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وشكل الخطاب الذي وجهه جلالة الملك للمشاركين إحدى أقوى لحظات القمة، وأكد فيه جلالته أن تطوير وتنمية العلاقات الصينية الإفريقية خيار استراتيجي يلتزم به المغرب ويحرص كل الحرص على تحقيقه.

كما اغتنم جلالة الملك هذه المناسبة للتأكيد مجددا على عزم المملكة تنسيق العمل المشترك وإطلاق تعاون براغماتي، ينبني على مبدأ الاستفادة المتبادلة والتنمية المشتركة.

وتميزت أيضا سنة 2015 بمشاركة لامعة للشباب المغربي في كأس العالم “إيناكتوس” للمقاولة الاجتماعية 2015 التي انعقدت في شهر أكتوبر الماضي بجوهانسبورغ. ونجح المغرب، ممثلا بفريق من طلبة المدرسة المحمدية للمهندسين، في فرض نفسه ضمن الأربعة الأوائل إلى جانب الولايات المتحدة وبريطانيا وكوريا، خلال هذه التظاهرة العالمية الخاصة بالمقاولة الاجتماعية الطلابية.

وبتقديمهم لمشروعين اثنين لصالح التنمية المستدامة أثارا إعجاب لجنة التحكيم وجميع المشاركين الحاضرين في جوهانسبورغ، رفع شباب المدرسة المحمدية للمهندسين عاليا ليس فقط العلم الوطني وإنما أيضا صوت الشباب الإفريقي بأكمله المتطلع للقيام بدوره الكامل في صعود إفريقيا تتجه نحو المستقبل وقادرة على التكفل بنفسها.

(بقلم : عبد الغني عويفية)