المغرب العربي .. حماية البيئة لم تعد ترفا

المغرب العربي .. حماية البيئة لم تعد ترفا

الثلاثاء, 18 أكتوبر, 2016 - 11:05

عزيز لمسيح

  تونس –  تطرح قضية حماية البيئة، التي لم تعد ترفا في منظور التوجهات التنموية المغاربية، على بلدان المنطقة تحديات ورهانات مشتركة، تستلزم توحيد الاستراتيجيات وترسيخ العمل والتضامن المشترك.

  ووعيا منها بتشابه مشاكلها البيئية، من قبيل التغيرات المناخية والتصحر وتدهور الغابات والموارد المائية والمراعي والبيئة البحرية والتلوث الصناعي والحضري والفلاحي والاستغلال المفرط للموارد الطبيعية، تبنت هذه البلدان سنة 1992 “الميثاق المغاربي لحماية البيئة وضمان تنمية مستدامة”.

  ويروم هذا الميثاق العمل على دمج البيئة في سياسات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وإعطائها الأولوية في خطط التنمية، وتعزيز الهياكل الإدارية المسؤولة عن البيئة في دول الاتحاد، وتوفير موارد كافية لتنفيذ أهداف حماية البيئة، وسن قوانين وأنظمة متسقة ومتكاملة في هذا المجال.

  ومن أجل ترجمة هذه الأهداف وجعل النمو الاقتصادي متوافقا مع حماية البيئة في أي تنمية متوخاة، سعت حكومات المنطقة منذ ذلك الوقت، في علاقة تعاون مع المجتمع المدني وبأشكال ومستويات متفاوتة حسب كل بلد، إلى تعزيز الأسس المؤسساتية والقانونية للعمل البيئي، وتبني مواثيق وطنية للبيئة والتنمية المستدامة، ووضع مراصد للبيئة، والمصادقة على قوانين ذات الصلة، وكذا وضع استراتيجيات وطنية للتنمية المستدامة تدمج البعد البيئي في منظوراتها التنموية.

  هذا التعاون والمصير البيئي المغاربي المشترك يراه الباحث الجامعي عزوز كردون حتميا، بالنظر إلى تشابه وترابط النظم الإيكولوجية المغاربية وتماثل التحديات والإكراهات البيئية (التغيرات المناخية، التصحر، الماء، التلوث الساحلي).

  إن هذا الترابط بين النظم والتحديات يستلزم في نظره “تضامنا بيئيا بين هذه الدول المغاربية، يتجاوز خلافاتها السياسية أو الاقتصادية”، لأن “الضغط على الموارد الطبيعية، والطبيعة العابرة للحدود لبعض أنواع التلوثات، يتطلب إعادة النظر في العلاقات التقليدية، وخاصة في حالة الطوارئ أو الكوارث البيئية…”.

  القناعة نفسها يتقاسمها محمد لمين الحسن، أستاذ الجيومورفولوجيا بجامعة نواكشوط العصرية، الذي أكد في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن “الظاهرة البيئية لا تعترف بالحدود ومعالجتها تقتضي الخروج من التقوقع ضمن الحدود السياسية المتعارف عليها، والتي تمثل في بعض الأحيان عائقا أمام معالجة القضايا المشتركة”.

  من هذه الزاوية اعتبر أن توحيد الجهود بين البلدان المغاربية أضحى ضرورة ملحة للحد من انتشار الظواهر البيئية السلبية، مضيفا أن الدول المغاربية، التي تتوفر على إطار مؤسساتي (اتحاد المغرب العربي)، يمكنها أن تعتمده وتفعله من أجل وضع خطط مشتركة لحماية الموارد الطبيعية والمجال البيئي ضمن هذا الإطار.

  في نفس المنحى تقترح السيدة آمال جراد رئيسة “مركز تونس الدولي لتكنولوجيا البيئة”، في تصريح مماثل، توحيد الاستراتيجيات المغاربية وتفعيلها بشكل متضامن، من خلال إنشاء أنماط استهلاك و إنتاج مستديمة (مثل الاقتصاد الأخضر)، والعمل على تحسين القدرة التنافسية ونوعية العيش، علاوة على إرساء العدالة الاجتماعية والمساواة بين الجهات وتعزيز آليات التضامن …”.

  ومن أجل ربح هذا الرهان شددت على ضرورة التصرف السليم والمستديم في الموارد الطبيعية، وخلق مدن و قرى مستديمة تدعم مفهوم المواطنة وتجسد أهداف التنمية الحضرية، وترشيد استهلاك الطاقة والنهوض بالطاقات البديلة والمتجددة من خلال التقليص من الكثافة الطاقية في القطاعات المستهلكة أكثر للطاقة، مثل الصناعة والنقل ودعم الطاقات الجديدة والمتجددة، علاوة على دعم القدرات للتأقلم مع التغيرات المناخية والتصحر، عبر تدعيم المعارف حول مدى تأثير التغيرات المناخية على جميع المستويات المحلية منها و الوطنية و الإقليمية.

 وخلصت إلى أن مؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة بشأن التغيرات المناخية بمراكش (كوب 22) سيكون مؤتمر “أفعال” وترجمة لمختلف المحاور المتفق عليها في اتفاق باريس، ومنها الإبقاء على مستوى الاحتباس الحراري في أقل من درجتين، معربة عن أملها في أن يتم الإسراع في تنفيذ برامج عملية في مجال التصدي للتغيرات المناخية على أن تكون مشتركة ومندمجة.

  خلاصة القول إن قضية الحفاظ على البيئة لم تعد شأنا قطريا محضا، مما يستدعي مقاربة شمولية تأخذ بعين الاعتبار البعد الإقليمي، وضرورة إدماج أعمق لهذه القضية في إطار السياسات العمومية التي تعتبر أنه لا مستقبل لأي تنمية مستدامة من دون بيئة صحية ومتوازنة.

    

اقرأ أيضا

خمس إصابات جديدة بـ “كوفيد-19” (النشرة الأسبوعية)

الجمعة, 26 يوليو, 2024 في 17:29

أعلنت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، اليوم الجمعة، عن تسجيل خمس إصابات جديدة بـ”كوفيد-19″ وحالة وفاة واحدة، خلال الفترة ما بين 20 و 26 يوليوز الجاري.

طنجة .. افتتاح القنصلية الفخرية لسويسرا

الجمعة, 26 يوليو, 2024 في 16:24

افتتحت اليوم الجمعة بطنجة القنصلية الفخرية لسويسرا والتي ستغطي جهتي طنجة-تطوان-الحسيمة والشرق، بحضور دبلوماسيين ومسؤولين جهويين ومحليين وشخصيات أخرى.

موسم أصيلة الثقافي الدولي : معرض جماعي للأعمال المنجزة ضمن المشاغل الفنية خلال الدورة الصيفية

الجمعة, 26 يوليو, 2024 في 15:48

افتتح مساء الخميس معرض جماعي لأعمال المشاغل الفنية المقامة ضمن فعاليات الدورة الصيفية لموسم أصيلة الثقافي الدولي الخامس والأربعين، بحضور كوكبة من الفنانين والمبدعين والنقاد ومحبي الفن.