المغرب/ إفريقيا: مقاربة مبتكرة جديدة للشراكة الاقتصادية في خدمة تنمية القارة

 (بقلم: صلاح العوني، مراسل الوكالة بليبروفيل)

ليبروفيل – اعتمد المغرب، المتشبث بجذوره الافريقية والقوي بالقيادة الحكيمة لملكه، مقاربة مبتكرة وواعدة من أجل المساهمة في تنمية بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، وذلك عبر شراكات اقتصادية ذات منفعة متبادلة في إطار التعاون جنوب- جنوب.

وترتكز هذه المقاربة المبتكرة على رؤية تروم تسريع عملية التحول الاقتصادي في إفريقيا لتمكين القارة من الاستفادة من ثرواتها لتلبية احتياجات ساكنتها بشكل أفضل.

ووعيا منها بهذا الرهان الحاسم، لم تفتأ المملكة تحشد طاقاتها وخبراتها لإقامة وتكثيف علاقاتها مع شركاءها الاقتصاديين الأفارقة بالقطاعين العام والخاص، مع الحرص الدائم على مواصلة تطوير هذه الشراكات بما يحقق الربح لكل الأطراف.

وفي هذا السياق، تأتي الزيارات التي قام بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في السنوات الأخيرة،  للدول الشقيقة والصديقة جنوب الصحراء، والتي جعلت من توطيد العلاقات الاقتصادية والتجارية مع هذه الدول قاطرة لها، مما خلق دينامية حقيقية لانتشار المقاولات وكبار المستثمرين المغاربة الذين وجهوا بوصلة أنشطتهم ورساميلهم إلى جنوب القارة.

وتنوعت القطاعات التي انطلقت لاكتشاف أسواق جديدة في الجنوب، ومن ضمنها المالية والخدمات والتأمين والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والطاقة والأشغال العمومية والبناء والنقل واللوجيستيك والصناعات الغذائية.

وانطلاقا من النجاح الذي لقيته هذه القطاعات الرائدة، برزت أجيال جديد من الشراكات مع البلدان الافريقية، لاسيما في القطاعات الحديثة والنظم الإيكولوجية والصناعية المرتبطة بالسيارات، والنسيج، والأوفشورينغ، والكيماويات، وكذا الطاقات المتجددة.

وتعزز هذه السياسة الاقتصادية وضعية الشراكة المغربية المتميزة مع هذه الدول، وذلك بفضل عدد من الأنشطة والفرص التي تتيحها هذه الشراكة المتنوعة.

وكما أكد ذلك رئيس الحكومة الغابونية، دانيال أونا أوندو، خلال اجتماع، مؤخرا، مع فاعلين اقتصاديين مغاربة، فإنه “عبر تطوير المبادلات التجارية، مدعومة بالقطاع الخاص والشراكات بين القطاعين العام والخاص، ستتيح القارة الأفريقية، التي ستتخلص من ويلات النزاعات والإرهاب، المزيد من الفرص لشبابها حتى تتمكن من الاضطلاع بدورها كقاطرة للنمو العالمي”.

وتتمتع سياسة انفتاح الاقتصاد الوطني على القارة الأفريقية بدعم قيم من المركز المغربي لإنعاش الصادرات (المغرب-تصدير) الذي جعل المقاولات الصغرى والمتوسطة تستفيد من زخم النمو الذي تتيحه القوافل والبعثات الاقتصادية والتجارية القطاعية التي ينظمها.  وهو ما سيمكن من تحقيق قيمة مضافة على مستوى جميع مكونات النسيج الصناعي، وأداءات أفضل للاقتصاد في البلدان المستهدفة في مجال التصنيع وتسريع النمو من أجل اندماج افريقي  أفضل.

وتسعى الرؤية المغربية، في هذا الصدد، إلى تجسيد هدف علامة “صنع في إفريقيا” تتمتع بقيمة مضافة وتساهم في استقرار القارة وتحسين موقعها في سلسلة القيمة العالمية، الأمر الذي يستدعي الاستمرار في مسلسل الإصلاحات في إطار التنويع الاقتصادي وتحسين بيئة الأعمال.

وتم نهج هذه السياسة من أجل تحفيز التنمية على المستوى القاري، والمبادلات بين المقاولات وخصوصا بين الصغرى والمتوسطة منها، وذلك عبر تمكينها من الحصول على فرص أفضل. ويتحقق ذلك عبر خلق نسيج صناعي أكثر تنوعا مدعوما ببنية تحتية متينة في مختلف القطاعات.

 ويتمثل الطموح في ذلك جذب المزيد من المستثمرين الوطنيين والأجانب، وضمان الظروف المناسبة للمبادلات وتطوير الأنشطة في سياق اقتصاد أقل ارتهانا لعائد المواد الأولية.

وفي هذا الصدد، واكب “المغرب -تصدير” سنة 2015 تدويل ما يقارب 800 مقاولة، منها 300 تقوم بالتصدير لأول مرة.

وتم في هذا الإطار وضع استراتيجيات قطاعية تروم تعزيز الانتاج الوطني وقدرته على العرض، ولاسيما مخططات التسريع الصناعي وتطوير المبادلات التجارية 2014-2016 .

وعبر تشجيع الاستثمارات من كلا الجانبين، ستساهم هذه الشراكة الاقتصادية المغربية الافريقية بشكل فعال وملموس، في تعزيز التبادل التجاري بين المملكة وشركائها جنوب الصحراء، وذلك في إطار التعاون جنوب-جنوب.

وهكذا، تنخرط المقاولات والمستثمرون المغاربة في مهمة نبيلة تتمثل في المساهمة، بشراكة مع الفاعلين والمؤسسات المالية والحكومات المحلية، في تنفيذ مختلف المخططات الاستراتيجية للإقلاع التي وضعتها هذه البلدان الافريقية، ومواكبتها في جهودها التنموية، وذلك في أفق بلوغ إفريقيا أكثر تحررا وازدهارا.