المؤتمر الدولي لإعادة إعمار قطاع غزة يستهدف تعبئة أكثر من خمسة ملايير دولار لإعادة بناء ما دمرته الحرب

القاهرة- (إعداد : نور الدين الزويني) –  تحتضن القاهرة، بعد غد الأحد، مؤتمرا دوليا حول إعادة إعمار قطاع غزة الفلسطيني، الذي تعرض لحرب مدمرة في شهر يوليوز الماضي من قبل الجيش الإسرائيلي دامت 51 يوما، وذلك من أجل تعبئة مبالغ مالية من لدن الدول والمؤسسات المانحة قدرت بأكثر من خمسة ملايير دولار لإعادة بناء ما دمرته الحرب، ودعم مؤسسات حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية، ومساعدتها في بسط سلطتها على القطاع.

ويشارك في هذا المؤتمر، الذي تنظمه مصر بتعاون مع الحكومة النرويجية، والذي ينعقد تحت رئاسة مشتركة لكل من الأمانة العامة لمنظمة الأمم المتحدة، والأمانة العامة لجامعة الدول العربية، ومفوضية السياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي، واللجنة الراعية الدولية، حوالي 30 وزير خارجية من بينهم وزراء خارجية الولايات المتحدة واليابان وفرنسا وإيطاليا.

كما تشارك في هذا المؤتمر، الذي سيحضره الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بان كي مون، ومفوضة السياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون، والأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، وفود من أكثر 50 دولة وممثلو نحو 20 منظمة إقليمية ودولية، وعلى رأسها وكالة الأمم المتحدة للاجئين (الأونروا)، وصندوق الأمم المتحدة الإنمائي، وصندوق الغذاء العالمي، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، فضلا عن صناديق وبنوك التنمية العربية والإسلامية.

ومن المقرر أن تقوم العديد من هذه الدول والمنظمات خلال هذا المؤتمر بالإعلان عن تعهداتها المالية للمساهمة في إعادة إعمار قطاع غزة.

ويأتي انعقاد هذا المؤتمر بعد التوصل إلى اتفاق بين الفلسطينيين والإسرائيليين في 23 شتنبر الماضي في القاهرة لتثبيت وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه عقب مفاوضات غير مباشرة بينهما جرت برعاية مصرية في شهر غشت الماضي، وإطلاق مفاوضات جديدة بينهما بالقاهرة بعد فترة الأعياد اليهودية وعيد الأضحى.

كما يأتي عقب مباحثات للمصالحة بين حركات (فتح) و(حماس) و(الجهاد الإسلامي) جرت بالقاهرة في 25 شتنبر الماضي برعاية مصرية كذلك، وأسفرت عن مجموعة التفاهمات حول القضايا التي ظلت عالقة لإتمام المصالحة بين الفصائل الفلسطينية.

وبحسب المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، بدر عبد العاطي، فإن هذا المؤتمر “يهدف إلى تثبيت وتعزيز أسس اتفاق وقف إطلاق النار بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني وتحسين آفاق الحل السياسي للصراع عن طريق تعزيز قدرة الحكومة الفلسطينية في تحمل مسؤوليتها بشأن إعادة تأهيل قطاع غزة (…)”.

وقال المتحدث، في تصريح صحفي، إن المؤتمر يهدف أيضا إلي تعزيز آلية الأمم المتحدة الخاصة باستيراد وتصدير البضائع ومواد البناء من وإلي قطاع غزة، وتوفير الدعم المالي الخاص بإعادة إعمار القطاع، فضلا عن تحديد الاحتياجات وجمع الدعم المالي للإنعاش وإعادة الإعمار وإعادة التأهيل، وجهود التنمية في غزة.

وستقدم الحكومة الفلسطينية أمام المؤتمر خطة وضعتها بالتنسيق مع البنك الدولي تخص إعادة إعمار قطاع غزة للخمس سنوات القادمة.

وأفاد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الاقتصاد الفلسطيني محمد مصطفى مؤخرا على هامش الدورة ال94 للمجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي على المستوى الوزاري بالقاهرة بأن الحكومة الفلسطينية أعدت تقريرا يوضح استراتيجية العمل لإعادة إعمار القطاع على 3 مراحل للسنوات الخمس القادمة، سيتم تقديمها لمؤتمر المانحين.

وقال، بهذا الخصوص، إنه “بعد وقف إطلاق النار في القطاع تمكن عدد كبير من العودة لمنازلهم ولكن مازال أكثر من 100 ألف شخص، أي نحو 20 ألف عائلة بدون سكن إلى جانب 11 ألف جريح تقريبا أصيبوا خلال العدوان الاسرائيلي على غزة وعدد كبير منهم لايزال في مرحلة صعبة من العلاج”.

وكانت تقديرات أكدت أن تكلفة عملية إعادة إعمار غزة تقدر بأربع مليارات دولار أمريكي على الأقل، وتم الإعلان عن هذا المبلغ بعد قيام مجلس الوزراء الفلسطيني بالمصادقة على خطة وطنية للإنعاش المبكر وإعادة إعمار غزة.

وحسب جامعة الدول العربية، فإن المبلغ المستهدف لإعادة إعمار قطاع غزة خلال مؤتمر القاهرة يفوق خمسة ملايير دولار، في حين يستغرق إعادة بناء وتأهيل القطاع نحو عشر سنوات وفق تقديرات “الأونروا”.

وقال محمد صبيح، الأمين العام المساعد بالجامعة العربية رئيس قطاع فلسطين والأراضي العربية المحتلة، إن الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة خلفت اضرار كبيرة بقطاعات الصحة والتعليم والزراعة والصناعة، مشيرا إلى أن 80 في المائة من مصانع غزة تدمرت تماما.

ويذكر أن حجم الدمار الذى خلفه العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة واستمر 51 يوما يعتبر غير مسبوق، حيث قدرت تكلفة إعادة إعمار وتأهيل البنى التحتية وحدها ب 1.9 مليار دولار تقريبا نصف المبلغ الإجمالي المقدر، بينما قدرت تكلفة إعادة إعمار المنازل وإصلاح المتضرر منها بما يزيد على المليار دولار.

كما أن نحو 20 في المائة من المنازل في غزة قد تضررت أو دمرت بالكامل مما يعنى أن ما يزيد على 108 آلاف مواطن أصبحوا مشردين بلا مأوى ومع اقتراب فصل الشتاء سيصبح توفير الملاجئ لهؤلاء الأشخاص أولوية قصوى يجب العمل عليها فورا.

وقدرت الحكومة الفلسطينية بأنها في حاجة إلى 700 مليون دولار من أجل دعم الاحتياجات الإنسانية والاجتماعية والصحية والتعليمية لعشرات الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة عقب العدوان الإسرائيلي الذي بدأ في الثامن من يوليوز الماضي واستمر لمدة 51 يوما مخلفا 2103 قتيلا فلسطينيا على الأقل معظمهم من المدنيين، وأكثر من عشرة آلاف جريح، بينما أسفر في الجانب الإسرائيلي عن مقتل 64 جنديا وأربعة مدنيين.