“القدام الجديد” غوص في الذاكرة الموسيقية بالصويرة

“القدام الجديد” غوص في الذاكرة الموسيقية بالصويرة

الأربعاء, 29 أكتوبر, 2014 - 11:04

(إعداد : علي رفوح)

الصويرة – في أحد المباني التاريخية الصغيرة التي تحتضن المعهد الموسيقي للصويرة، وفي زقاق ضيق بالمدينة العتيقة، يسود جو من التعبئة والحماس بفعل استعداد مجموعة من الموسيقيين لمشاركة استثنائية في الدورة ال11 لمهرجان الأندلسيات الأطلسية.فبهذه المناسبة، التي ستنظم من 30 أكتوبر الجاري إلى 2 نونبر المقبل، ستقدم مقطوعة موسيقية أسطورية معروفة باسم “القدام الجديد الصويري” تم إحياؤها بعد مجهود كبير من البحث من طرف مجموعة من الموسيقيين الصويريين المولعين الذين تعبؤوا حول مشروع يهدف إلى ترتيب تقاسيم وكلمات وتلحين هذه المقطوعة الموسيقية التي لم يكن قد وجد لها أثر أو نقل أو أداء منذ أوائل القرن التاسع عشر.
وحسب مدير المعهد الموسيقي بالصويرة، عبد الصمد اعمارة، الذي كان في صلب هذا المشروع منذ البداية، فإن المنطلق كان هو الإحساس بالفضول تجاه شيء غير معروف تماما من أجل تحقيق النجاح، وذلك بفضل تضافر جهود محبي الموسيقى الأندلسية من أجيال مختلفة.
وقال اعمارة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، “كنا نسمع كثيرا ممن سبقونا في هذا المجال عن +القدام الجديد+ الذي كانت تتميز به مدينة الصويرة، وهو ما أثار فضولنا الذي تطور إلى رغبة جامحة في اكتشاف هذا الكنز الذي كنا نجهل مكانته الحقيقية”.
وأشار إلى أنه في المغرب توجد المدرسة الأندلسية والمدرسة الصويرية التي لها خصوصياتها، مبرزا أن هذه الأخيرة لم تكن تقلد بل أبدعت إلى درجة أن “القدام الجديد” أضحى سمة مميزة لهذه المدرسة نظرا لصعوبته في الأداء والعزف.
وسجل أن المدرسة الصويرية هي مدرسة تجديدية، وتمثل أولى ثمار التلحين في الطرب الأندلسي، موضحا أن التجديد يتجلى من حيث التلحين والتأليف في قالب أندلسي.
وأضاف أن المدرسة الصويرية هي مدرسة قائمة بذاتها، قدمت إضافة للموسيقى الأندلسية، وبنيت بطريقة علمية، ولم تكتف بالتقليد.
كما أشار إلى أن “القدام الجديد الصويري” بدأ يختفي، وذلك بسبب صعوبته في الأداء والحفظ، كما هو الشأن بالنسبة لنوبات عديدة اختفت من المشهد الموسيقي للسبب نفسه.
وأوضح أن المدرسة الصويرية ارتبطت ارتباطا وثيقا بالسياق التاريخي لبناء الصويرة من طرف السلطان سيدي محمد بن عبد الله الذي أرادها مدينة نموذجية تختزل قيم أصالة ومعاصرة مغربية منفتحة على العالم.
وأضاف أن الموسيقى الأندلسية، التي كانت آنذاك مقتصرة على النخبة، وجدت تربة خصبة للانتشار والتطور بفعل نمط العيش السائد آنذاك بالمدينة ، وظهور مراسيم احتفالية رسمية متعددة.
وذكر أنه قبيل نهاية 2013 بدأ هذا المشروع في التبلور، خاصة بعد لقائه بمحمد الصديقي وهو موسيقي من مدينة الصويرة، ودينار هشام الذي كان يحفظ القصائد، حيث قادهم بحثهم للاتصال بشيخ المادحين والمسمعين عبد الغني الكتاني الذي ساعدهم في تصحيح أمور كثيرة، مضيفا أنهم اعتمدوا في مشروعهم أيضا على وثيقة قديمة لعازف عود كانت في حالة سيئة وشرعوا في لملمة نوتاتها وإعادة تدوينها، ومع مرور الوقت أحسوا بأن المشروع بدأ ينضج.
وأوضح أن “المدرسة الصويرية أصيبت بسكتة قلبية، غير أن أسبابها تظل غير معروفة”، لكن اليوم، يقول عبد الصمد اعمارة، “نعمل من أجل إحيائها من خلال هذا المشروع، الذي من شأنه فتح المجال لتعميق البحث في هذا الباب”، مضيفا أن ذلك “يعد الشرارة التي نسعى من خلالها إلى إيقاد فتيل هذا التراث الذي يدل على أن الصويرة مدينة ليست كباقي المدن”.
من جانبه، قال محمد الصديقي، تلميذ الشيخ عبد الغني الكتاني، “اليوم، أشعر بأن هذا التراث سيبعث من جديد، وبأن شمل الموسيقيين بالصويرة التأم من جديد حول هذه الفكرة”.
وأضاف” نشعر بأن الحياة عادت إلى طبيعتها، وأتذكر أنه في السبعينيات من القرن الماضي كان شيوخنا في هذا الفن مستقرين بالصويرة، وكانت كل زاوية تحيي ليلة مرة في الأسبوع، وهو ما كان يتيح لنا نحن الشباب آنذاك الاستماع إلى هؤلاء الشيوخ والاقتداء بهم والسير على نهجهم”.
وأعرب عن أسفه لمغادرته مدينة الصويرة في الثمانينيات التي عاد إليها سنة 2009 لأنه وجد الحركة الروحية والثقافية “في طريقها إلى الانمحاء”.
وبخصوص مشاركته في هذا المشروع، قال “لقد أسست بمعية هشام دينار مجموعة للسماع والمديح تحمل اسم (شباب الفن الأصيل)، وبرفقة هذه المجموعة من الشباب بدأنا نبحث ونستشير شيوخنا، واتصلنا بالشيخ عبد الغني الكتاني بمراكش وببعض من تتلمذوا على يديه لاتخاذ التدابير اللازمة لإعادة أمجاد هذا الفن، فكان أن انفتحنا على المعهد الموسيقي في شخص عبد الصمد اعمارة”.
وستشكل دورة 2014، التي ستكون واحدة من بين التظاهرات الراسخة في ذاكرة الصويرة، فرصة لقضاء لحظات متميزة بدار الصويري. وعلى المنصة الكبيرة للمهرجان ستقام منصتان لاستقبال جوق تطوان برئاسة الأستاذ محمد أمين الأكرمي والذي سيشاركه في الأداء الحاخام حاييم لوك وعبد الرحيم الصويري وبنيامين بوزاكلو.
ويتضمن برنامج التظاهرة أيضا مشاركة النساء اللواتي عملن منذ سنوات على التراث “الشكوري” وفي كل أنواع الفن اليهودي العربي والملحون والشعبي والأندلسي، حيث ستعرف التظاهرة مشاركة كل من سناء مرحتي ونطع القيام وعبير العابد وزينب أفيلال وفاتن كارتي وجوق النساء الصويريات ومدرسة فلامينكو لإشبيلية.
ولن يغيب الرجال بالتأكيد عن هذه الدورة إذ سببرزون، قدرات مواهب صويرية تميزت وطنيا بعطاءاتها الفنية، أمثال هشام دينار ورشيد أوشاهد وعبد المجيد الصويري، الذاكرة الحية لمدينة الصويرة.

 

اقرأ أيضا

الاحصاء العام للسكان والسكنى.. انطلاق المرحلة الثانية من التكوين الحضوري للمشرفين الجماعيين والمراقبين المكونين بجهة الرباط -سلا – القنيطرة

الإثنين, 29 يوليو, 2024 في 14:58

انطلقت، اليوم الإثنين بالرباط، المرحلة الثانية من التكوين الحضوري الخاصة بتكوين المشرفين الجماعيين والمراقبين المكونين المشاركين في عملية الإحصاء العام للسكان والسكنى 2024 بجهة الرباط – سلا – القنيطرة.

أولمبياد باريس 2024.. راكب الأمواج المغربي رمزي بوخيام يتأهل إلى الدور الثالث

الإثنين, 29 يوليو, 2024 في 10:49

تأهل راكب الأمواج المغربي، رمزي بوخيام ، ليلة الأحد – الاثنين، بتيهوبو في تاهيتي، إلى الدور الثالث لمسابقة ركوب الأمواج، ضمن دورة الألعاب الأولمبية (باريس 2024).

بورصة الدار البيضاء : أداء إيجابي في تداولات الافتتاح

الإثنين, 29 يوليو, 2024 في 10:23

استهلت بورصة الدار البيضاء تداولاتها اليوم الإثنين بأداء إيجابي، حيث سجل مؤشرها الرئيسي “مازي” نموا بنسبة 0,38 في المائة ليستقر عند 13.824,97 نقطة.

MAP LIVE

MAP TV

الأكثر شعبية