القارة الإفريقية مطالبة بتعزيز تموقعها ضمن القطبية الاقتصادية العالمية الجديدة (باحث)

الرباط –  أكد ‬فتح‭ ‬الله‭ ‬ولعلو، الباحث البارز‭ ‬بمركز‭ ‬السياسات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الجنوب‭ ‬الجديد أن القارة الإفريقية مطالبة بتعزيز تموقعها ضمن القطبية الاقتصادية العالمية الجديدة التي بدأت في الظهور كنتيجة لتداعيات النزاع الاوكراني-الروسي.

وأوضح السيد ولعلو، الذي حل ضيفا على البرنامج الأسبوعي لمركز الدراسات “حديث الثلاثاء” آثار الحرب في أوكرانيا على الاقتصاد العالمي “، أن ” العالم يعيش اليوم منعرجا حاسما في الطريق نحو تعددية قطبية اقتصادية، وهو ما يفرض على القارة الافريقية تعزيز تموقعها، داعيا إلى خلق تقارب إفريقي أوروبي وفتح فضاءات جديدة أساسها المصلحة المشتركة.

وأبز الخبير أنه في خضم تداعيات الأزمة الاوكرانية على الاقتصاد العالمي على المدى البعيد يتعين على بلدان إفريقيا والعالم العربي الاستفادة من التحولات الكبرى التي ستنتج عنها والتأقلم معها حتى تكون بلدان فاعلة في النظام العالمي الجديد.

وفي هذا الاطار ، توقف الباحث عند بروز قطبية اقتصادية جديدة بين روسيا والصين وبلدان آسيا عموما، من جهة، وأوروبا والولايات المتحدة من جهة أخرى.

وأبرز السيد ولعلو، في ذات السياق، أن هناك مؤشرات جيوسياسية لهذه القطبية الجديدة ولكنها ذات تأثير اقتصادي، مشيرا إلى أن “روسيا، التي طوقها الغرب خاصة بعد فرض عقوبات اقتصادية عليها، ستركز اهتمامها بشكل أكبر على الأسواق الأسيوية، معتبرا أن التقارب الجيو-سياسي الأمريكي الأوروبي، الذي عززته هذه الحرب، سينعكس على علاقات التعاون الإقتصادي الثنائي.

وشدد على أن من العناصر الأساسية لهذه الأزمة، والتي برزت أيضا مع الأزمة الصحية لكوفيد-19، هو سعي البلدان إلى تعزيز استقلاليتها وتحقيق أمنها الطاقي والغذائي.

وحسب السيد ولعلو فإنه كان يبدو منذ الوهلة لهذه الأزمة، التي اندلعت في وقت يحاول فيه الاقتصاد العالمي التعافي من تبعات الأزمة الصحية لكوفيد-19 والتضخم وارتفاع أسعار المواد الطاقية واضطرابات سلاسل التوريد على الصعيد العالمي، أنها ستنتج عنها آثار وخيمة على الاقتصاد العالمي ، سواء على المدى القريب أو المتوسط”.

وأوضح الباحث أنه على المدى القريب، تسببت هذه الأزمة في رجة تضخمية جديدة عرقلت تعافي الاقتصادي العالمي، وهو ما يعكسه بشكل جلي الارتفاع الكبير في أسعار المواد الطاقية والغذائية في السوق العالمية، خاصة وأن طرفي النزاع في هذه الحرب منتجان ومصدران أساسيان لهذه المواد.

وأضاف أن العقوبات التي فرضتها الدول الغربية على الاقتصاد الروسي ساهمت بدورها في تعميق هذا المد التضخمي وفاقمت من التأثيرات السلبية لهذه الحرب، التي تشكل ضغطا إضافيا على الاقتصاد العالمي في طريقه للتعافي من تبعات أزمة كورونا.

أما على المدى المتوسط، يلاحظ السيد ولعلو، فمن المرتقب أن تسفر هذه الحرب عن حدوث نقلة نوعية في مجال الطاقات المتجددة في أوروبا، مبرزا أن البلدان الأوربية التي تضررت بشكل كبير من الارتفاع الضخم لأسعار المواد الطاقية عقب اندلاع هذه الحرب، ستسعى إلى تسريع حصولها على مكتسبات في مجال الطاقة الشمسية والريحية والهيدروجين الأخضر”.

وأشار‭ ‬وزير‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والمالية‭ ‬الأسبق إلى أن البلدان الأوربية التي تعتمد على الغاز الروسي لتأمين أزيد من 40 في المئة من احتياجاتها من هذه المادة تسعى جاهدة إلى تقليص تبعيتها في هذا الاطار، مبرزا أن “المنعرج الطاقي المنتظر أن تعيشه أوروبا خلال 10 سنوات قد يتقلص إلى 5 سنوات بفعل هذه الأزمة”.

وقال، في هذا الصدد، إن ألمانيا مثلا، التي تعد المحرك الاقتصادي لأوروبا، تسعى إلى تأمين استهلاكها من الطاقة الكهربائية من الطاقات المتجددة في أفق 2030 والتخلي بشكل نهائي عن الغاز الروسي بحلول 2024 على أقصى تقدير.