الغموض سيد الموقف عشية استدعاء الهيئة الناخبة لرئاسيات 2014

(بقلم : محمد الصغير)

الجزائر- عشية الإعلان عن موعد إجراء الانتخابات الرئاسية بالجزائر المقررة في ربيع السنة الجارية، لا يزال الغموض سيد الموقف من جهة عدم إفصاح الفاعلين الرئيسيين على الساحة السياسية عن نواياهم بخصوص هذا الاستحقاق، الذي يأتي في ظرفية اقتصادية واجتماعية متأزمة، وفي ظل عدم وضوح الرؤيا على المستوى الشعبي.
وقد تم تجاوز حالة الترقب، جزئيا، بعد إعلان مصدر رسمي عن استدعاء الهيئة الناخبة في غضون ال48 ساعة المقبلة، مما يؤكد إجراء الاقتراع في موعده الدستوري المقرر في منتصف شهر أبريل المقبل (تاريخ انتهاء العهدة الحالية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة).
لكن وعلى الرغم من ذلك، فإن الغموض أو “السوسبانس” – حسب المصطلح الدارج في الصحافة المحلية -، ما يزال سيد الموقف، مع غياب أي إشارات واضحة حول هوية الفرسان الأكثر حظا للتسابق نحو قصر المرادية.
وكانت وكالة الأنباء الجزائرية (واج) أعلنت، في وقت سابق، أن “رئيس الجمهورية سيقوم، إلا في حالة الضرورة القصوى، باستدعاء الهيئة الناخبة تحسبا للاستحقاق الرئاسي ل2014، بين يومي 16 و17 يناير الجاري، طبقا للآجال المحددة في القانون الانتخابي”، وأن “الاقتراع سيكون +حتما+ بين 16 و17 أبريل المقبل، مما يعني أن العهدة الرئاسية الحالية ستنتهي يوم 16 أبريل 2014”.
وتبقى مسألة الترشيحات العلامة المحيرة حتى هذه اللحظة في ظل الغموض الذي يصنعه الرئيس بوتفليقة على اعتبار أنه لم يعبر بعد عن نيته في الترشح لعهدة رابعة، مما قوى شكوك المتتبعين في قدرته على خوض غمار هذه الرئاسيات، كونه لا يزال يعاني من مضاعفات “النوبة الإقفارية العابرة” التي ألمت به في شهر أبريل الماضي استدعت نقله إلى باريس للعلاج والمكوث هناك لثلاثة أشهر، قبل العودة إلى قصر المرادية لمباشرة مهامه.
حتى أن الصور التي يتناقلها التلفزيون لأنشطة الرئيس تظهره في وضع صحي غير مطمئن، آخرها صور ترؤسه لمجلس الوزراء في متم شهر دجنبر الماضي، حيث بدا بوتفليقة “منهكا بدنيا ونظراته تائهة” – وفق الصحافة المحلية – التي أضافت أن صور التلفزيون “لم تظهر الرئيس واقفا أو مترجلا ولا لحظة واحدة. وحمل الديكور في مجمله مؤشرات قوية على صعوبات كبيرة يواجهها سابع الرؤساء للاستمرار في الحكم”.
وقد تأكدت هذه الصعوبات بعد إعلان رئاسة الجمهورية، مساء أمس، عن نقل بوتفليقة، منذ أول أمس الاثنين، إلى مستشفى (فال دو غراس) بباريس من أجل “فحص طبي” وصفه بالمصدر ب”الروتيني”.
ويأتي تكتم بوتفليقة عن مسألة ترشيحه بينما قرر علي بن فليس (رئيس الحكومة الأسبق والأمين العام لجبهة التحرير الوطني ومرشح رئاسيات 2004) ترسيم ترشيحه يوم 19 يناير الجاري عبر خطاب سياسي، وإعلان زميله أحمد بن بيتور الذي سبق أن رأس الحكومة أيضا، ترشحه إلى هذا الاستحقاق، في وقت تعددت الزيارات الميدانية التي يقوم بها الوزير الأول عبد المالك سلال للولايات (زيارة أكثر من 40 ولاية)، والتي تثير تساؤلات النخب الجزائرية حول أهدافها وما إذا كانت مصنفة في خانة حملة للرئيس بوتفليقة أم دعاية لشخص سلال ك”بديل مفترض أو مرشح محتمل أو رجل توافق لتجاوز الانسداد والخروج بأقل الأضرار” كما ذهبت إلى ذلك الصحافة.
أما أحزاب المعارضة، خاصة العتيدة منها وباستثناء حزب العمال المحسوب على اليسار والذي يبدي تأييدا متزايدا للرئيس بوتفليقة، فإنها لم تكشف عن مرشحيها ومواقفها خاصة جبهة القوى الاشتراكية التي فضلت التريث وفتح نقاش سياسي مع مناضليها قبل اتخاذ أي موقف من الرئاسيات، فيما فشلت الأحزاب الإسلامية لحد الساعة في إيجاد مرشح توافقي، مما يضفى ضبابية أكبر على هذه الرئاسيات.
وهذه الضبابية لم تقلص من حجمها الأسماء التي أعلنت ترشيحها منها المهدي علالو رئيس حزب (الوسطيين) وسفيان جيلالي رئيس حزب (جيل جديد)، والكاتب ياسمينة خضرا.
إلا أن الملاحظين يقللون من حظوظ هذه الأسماء في غياب ضمانات شفافية صناديق الاقتراع، التي تطال بها مكونات المعارضة، وأيضا لصعوبة إيجاد موقع قدم لها في ساحة سياسية تحتكرها الأحزاب العتيدة من وزن جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وكذا جبهة القوى الاشتراكية (المعارضة).