العمل على استعادة الدور الخارجي وتعزيز الاستقرار الداخلي أهم ما ميز سنة 2015 في مصر

القاهرة-لم تكن السنة التي أوشكت على الانقضاء سنة عادية بالنسبة لمصر ولقيادتها، بل كانت سنة استثنائية، حيث كان عليها مواجهة ورفع تحديات خارجية وداخلية على السواء.

فخارجيا، عملت القيادة المصرية من أجل استعادة الدور المصري وطمأنة الخارج باستقرار الأوضاع الداخلية بعد مخاض استمر ما يقرب خمس سنوات خرج فيها الشعب المصري للشارع في مناسبتين أصبحتا معروفتين ب(ثورة 25 يناير) و(ثورة30 يونيه).

واعتمدت القيادة السياسية برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي سياسة متدرجة وهادئة على استعادة دور مصر مع دول العالم القريبة منها والبعيدة ،فعمد إلى القيام بزيارات خارجية لدول لها وزنها وهي زيارات أسفرت عن نتائج إيجابية .

فخلال هذه السنة قام الرئيس عبد الفتاح السيسي بالعديد من الزيارات، وخاصة لأهم العواصم الأوربية كإيطاليا وفرنسا وألمانيا ثم بريطانيا، كما زار مقر الأمم المتحدة بنيويورك حيث يلتقى قادة العالم كل سنة.

وشهدت هذه السنة عودة قوية للعلاقات مع روسيا من خلال زيارة السيسي لموسكو وإجراء مباحثات مع فلاديمير بوتين الذي سبق أن زار بدوره مصر، حيث حظي باستقبال كبير يؤشر لمستوى العلاقات التي تريدها القاهرة مع الدب الروسي، خاصة مع فتور شهدته كانت قد شهدته العلاقات مع واشنطن.

وتم الاتفاق خلال الزيارة على تعزيز التعاون في مختلف المجالات العسكرية والاقتصادية، خاصة مساهمة روسيا في بناء أول محطة نوووية في مصر في منطقة الضبعة (شمال-على البحر المتوسط).

ورغم حادث الطائرة الروسية التي سقطت في سيناء في نهاية أكتوبر، والذي أدى إلى مقتل كافة ركابها ال224 ، وما تردد عن أن سبب ذلك فعل إرهابي، إلا أن العلاقات لم تتأثر بذلك، وتم الاتفاق على بناء محطة الضبعة كأول محطة نووية سلمية مصرية بمساهمة روسية، فضلا عن التعاون في المجال العسكري التي تعمل من خلاله مصر على تعويض الفتور الذي كان سائدا مع الجانب الأمريكي، وهو الفتور الذي بدأ ينحصر ، وبدأت العلاقات بين البلدين تتطور للأفضل بعد الاتفاق على عقد استئناف دورات الحوار الاستراتيجي بين وزارتي خارجية البلدين بعد توقف في السنوات القليلية الماضية نتيجة ما مرت به مصر من ظروف.

كما قام الرئيس المصري بزيارة الصين ودول آسيوية أخرى قوية مثل سنغافورة لتنويع وتطوير علاقات مصر مع دول العالم شرق وغربا .

أما أوروبيا، فقد نجح الرئيس السيسي ، من خلال ديبلوماسية الزيارات، في أن يعيد الدفء لعلاقات بلاده مع أهم العواصم، وفي المقدمة منها برلين وباريس وعواصم أخرى، وهي زيارات تم خلالها الاتفاق على تعزيز التعاون والتوقيع على العديد من الاتفاقيات منها اتفاقيات لتوريد أسلحة لمصر وجذب استثمارات أوروبية.

ولعل أبرز الصفقات التي ميزت زيارات السيسي للعواصم الأوروبية هي صفقة طائرات (الرافال) وباخرتين من نوع ( مسترال ) مع باريس ، كما تم إبرام صفقة تتعلق بتزويد ألمانيا مصر بغواصة من طراز (تايب 209) ضمن صفقة تشمل ثلاث غواصات تسلمت القاهرة واحدة حتى الآن فضلا عن الاتفاق على مساهمة ألمانيا في مشاريع للطاقة الشمسية.

وفضلا عن الجانب السياسي في المباحثات دعا الرئيس السيسي خلال زياراته للعواصم الأوروبية المستثمرين إلى القدوم لاستثمار أموالهم في مصر في مشاريع تراهن عليها القاهرة لدفع عجلة التنمية في البلاد، وهي دعوات تتناغم مع ما رمت إليه مصر من خلال دعوتها لقمة شرم الشيح الاقتصادية (مارس) التي تم خلالها الاتفاق على مشاريع تتجاوز قيمتها عشرة ملايير دولار.

أما إقليميا، فقد عملت القاهرة على تعزيز وتعميق علاقاتها مع محيطها العربي، وخاصة الخليجي منه، فشهدت هذه السنة تبادل زيارات بين مسؤولين خليجيين ومصريين على أعلى مستوى، خاصة مع السعودية والإمارات اللتين تدعمان الاقتصاد المصري من خلال استثمارات في مشاريع كبرى مثل العاصمة الجديدة والمشاريع التنموية في منطقة قناة السويس الجديدة والقديمة حيث تعتزم مصر إقامة مجتمعات ومدن جديدة على ضفتي القناة لامتصاص الضغط السكاني على العاصمة.

وبموازاة ذلك استطاعت مصر على الصعيد الداخلي التغلب تدريجيا وتجاوز العديد من المشاكل خاصة ما يتعلق منها بالارهاب الذي انحصر أساسا في مناطق بسيناء حيث يخوض الجيش حملات ضد مجموعات تكفيرية مسلحة ، كما لم تعد تلك المظاهرات المناهضة للحكومة تخرج للشوارع باستمرار وأصبح الناس ،في أغلبهم، يرفضون ذلك المنطق خاصة مع مع إتمام “خارطة المستقبل” وانتخاب برلمان جديد سيبدأ عمله في مطلع العام الجديد.

( الحسين البوكيلي )