العلاقات السنغالية المغربية سنة 2016: زخم متواصل يليق بتاريخها الشاهد ومستقبلها الواعد

العلاقات السنغالية المغربية سنة 2016: زخم متواصل يليق بتاريخها الشاهد ومستقبلها الواعد

الإثنين, 19 ديسمبر, 2016 - 11:36

عبد اللطيف أبي القاسم

دكار- لم تشكل سنة 2016 التي تشرف على نهايتها استثناء في ما يتعلق بالعلاقات بين المغرب والسنغال، إذ شكلت حلقة أخرى إضافية في المسار التاريخي العريق والمتميز لهذه العلاقات التي لم يعترها النقص ولم يصبها الفتور في أي وقت من الأوقات، بقدر ما كانت تتعزز على مر السنوات في مختلف المجالات.

فمن السياسة والدبلوماسية إلى الاقتصاد، ومرورا بالروابط الدينية، وليس انتهاء بالخدمات الاجتماعية التضامنية، عرفت سنة 2016 محطات جديدة تكرس إرادة قائدي البلدين جلالة الملك محمد السادس، والرئيس ماكي سال، جعل العلاقات المغربية السنغالية نموذجا يحتذى للعلاقات التي يجب أن تربط دول الجنوب.

والحديث عن العلاقات الدبلوماسية بسن البلدين سنة 2016، يحيل بشكل مباشر إلى سابقة من نوعها في تاريخ المغرب تمثلت في قرار جلالة الملك مخاطبة شعبه الوفي بمناسبة الذكرى ال41 للمسيرة الخضراء، انطلاقا من العاصمة السنغالية دكار، وهو الخطاب الذي قال فيه جلالته “وقد اخترت السنغال لمكانته المتميزة في إفريقيا (…) إضافة إلى علاقات الاخوة والتضامن، ووحدة المصير التي تجمع عبر التاريخ الشعبين السنغالي والمغربي”.

هذا الاختيار من لدن جلالة الملك، علق عليه الرئيس السنغالي، ماكي سال، بالقول إنه “يعبر عن الدلالة الرمزية للعلاقة القائمة بين المغرب والسنغال”، مؤكدا في تصريح صحفي بالمناسبة أن الأمر يتعلق ب”تعبير عن مدى الصداقة والثقة في الشعب السنغالي”.

وكما هي العادة دائما، فقد وجد التميز في العلاقات السنغالية المغربية على المستوى الدبلوماسي سنة 2016، صداه أيضا في الدعم الذي حظيت به المملكة من جانب السنغال بعد إعلان جلالة الملك عودة المغرب إلى هيئات الاتحاد الإفريقي، حيث نوه الرئيس ماكي سال بهذا القرار، مؤكدا أنه يعتبر هو شخصيا “واحدا من رؤساء الدول الذين طلبوا من المملكة القيام بكل ما في وسعها للعودة إلى الأسرة” الإفريقية.

والشيء بالشيء يذكر، فإن هذا الدعم من لدن السنغال لم يكن وليد الصدفة أو موقفا مرحليا، بقدر ما هو ركن ثابت في السياسة الخارجية السنغالية رغم تعاقب الرؤساء بهذا البلد، وهو ما أكد عليه وزير الشؤون الخارجية وسنغاليي المهجر، مانكور ندياي، حين قال قبل شهور قليلة، إن العلاقات مع المغرب تشكل “ركيزة أساسية يقوم عليها الاستقرار الدبلوماسي للسنغال. هذا أمر مهم وليس وليد اليوم، بل منذ عهد الرئيس ليوبود سيدار سنغور، ومرورا بالرئيسين عبدو ضيوف وعبدولاي واد، واليوم مع ماكي سال”.

وعلاوة على الشق الدبلوماسي، واصلت الروابط الدينية بين البلدين تعززها خلال سنة 2016، حيث شاركت المملكة في حدثين دينيين كبيرين يميزان الأجندة السنوية للسنغال، ويتعلق الأمر على التوالي بمغال توبا للطريقة المريدية (20 نونبر المنصرم)، والاحتفاء بذكرى المولد النبوي الشريف (غامو) الذي نظمته الطريقة التيجانية بتيواوان (12 دجنبر الجاري).

وشكلت هاتان المشاركتان محط ترحيب من مسؤولي الطريقتين، ومناسبة تتجدد فيها إرادة المملكة الترويج لإسلام التسامح عبر مجموع القارة، سيما وأن جلالة الملك يحرص في كل مرة يحل فيها في السنغال وغيره من الدول الإفريقية على أداء صلاة الجمعة بهذه الدول ومنح هبات عبارة عن نسخ من المصحف المحمدي الشريف برواية ورش عن نافع، وهو ما يكرس الهالة الدينية لجلالته باعتباره أميرا للمؤمنين.

وفي السياق ذاته، شكل إحداث مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة نقطة ضوء أخرى في تعزيز الروابط الدينية بين البلدين، حيث ضم مجلسها الأعلى الذي أشرف أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس على تنصيبه في يونيو المنصرم بفاس، عددا من العلماء السنغاليين، الذين سيسهمون إلى جانب أشقائهم المغاربة والأفارقة في التعريف بقيم الإسلام السمحة وإشاعتها وتعزيزها. 

وقد أكد عدد من العلماء والخبراء ومسؤولي الطرق الصوفية بالسنغال تنويههم بهذه “المبادرة الطيبة” التي كانت الأمة تنتظرها لما يمكن أن يصدر عنها من النتائج الإيجابية التي تخدم الإسلام الصحيح الوسطي، بل إن هناك من وصفها ب”الحدث الأبرز في القرن الحادي والعشرين” بالنظر إلى وجاهة الفكرة وتصديها لمهمة رئيسية تتمثل في إشاعة ثقافة السلام وقطع الطريق على من وصفهم جلالة الملك في أحد خطبه ب”أدعياء الدين” الذين يروجون لنزوعات التطرف والانغلاق والإرهاب باسم الإسلام.

ومن السياسة والدين إلى العلاقات الاقتصادية التي عرفت سنة 2016 تكريسا لجهود البلدين الرامية إلى تعزيزها، حيث تم خلال هذه السنة، على الخصوص، مواصلة العمل في إطار مجموعة الدفع الاقتصادي المغربية السنغالية التي تم إحداثها سنة 2015، وتوقيع عدد من اتفاقيات للشراكة الاقتصادية بين القطاعين العام والخاص، والخاص والخاص بالبلدين.

كما تميزت سنة 2016 بتنظيم عدد من البعثات الاستكشافية الاقتصادية من طرف المركز المغرب لإنعاش الصادرات (المغرب- تصدير)، ومن ضمنها بعثة “بي تو بي إن أفريكا” التي شكلت حسب المنظمين مناسبة لاستكشاف وإبراز المؤهلات العديدة المتاحة في قطاعات مختلفة من طرف الاقتصادين المغربي والسنغالي.

ولأن النهوض باقتصاد الدول الإفريقية في إطار مقاربة رابح-رابح، يشكل جزءا من السياسة الخارجية للمملكة، ويقتضي بالضرورة تعزيز العمل الميداني وقرن الأقوال بالأفعال، فقد عرفت بالسنغال سنة 2016 إطلاق جلالة الملك للعديد من المشاريع التي تكرس حرص المغرب على تقاسم تجاربه مع أشقائه “بدون تعال أو غطرسة ولا حس استعماري”، كما أكد جلالته ذلك في حديث خص به مؤخرا وسائل إعلام ملغاشية.

وقد تعددت المجالات التي همت هذه المشاريع والمبادرات التي أشرف جلالة الملك شخصيا على إطلاقها خلال زيارته لدكار في نونبر المنصرم، حيث شملت إطلاق مخطط تهيئة مصايد الأخطبوط لفائدة السنغال، وإطلاق شراكة لمواكبة الفلاحة الصغرى والوسط القروي بالسنغال، وكذا إطلاق مشروع إحداث مركز للتكوين مخصص للمقاولة، وكلها مشاريع تؤكد الالتزام الدائم للمملكة من أجل تعاون جنوب- جنوب قوي فاعل ومتضامن.

وفي خضم هذه الدينامية متعددة الأبعاد التي عرفتها العلاقات السنغالية المغربية سنة 2016، لم يكن الشق الاجتماعي والبعد التضامني غائبا بالمطلق، ذلك أن الزيارة الملكية للسنغال خلال هذه السنة تميزت، بإشراف جلالة الملك على تسليم هبة ملكية عبارة عن كمية من الأدوية لفائدة المجلس الوطني السنغالي لمحاربة داء السيدا، شكلت تعبيرا جديدا على إرادة جلالة الملك المساهمة في تحسين الظروف الصحية والمعيشية للساكنة في وضعية هشاشة، وتوفير الشروط الضرورية لتحقيق تنمية بشرية مستدامة.

هذا التضامن في المجال الصحي، تجلى أيضا خلال اجتماع للجنة المشتركة بين مؤسسة للا سلمى للوقاية وعلاج السرطان ومؤسسة (سرفير لو سنغال) التي تترأسها السيدة مريم فاي سال، السيدة الأولى لجمهورية السنغال، يومي 13 و14 يوليوز المنصرم بدكار، وهو الاجتماع الذي نوه خلاله نائب رئيسة المؤسسة السنغالية، أليون بادارا سال، بالانخراط التام لمؤسسة للا سلمى في مواكبة تنفيذ مخطط مكافحة هذا الداء ببلاده.

هكذا إذن، لم تكن سنة 2016 بدعا من سابقاتها، ولم تشكل استثناء في مسار العلاقات المغربية السنغالية، بقدر ما كانت محطة جديدة للنهوض بهذه الروابط التي ينشد قائدا البلدين تعزيزها بشكل متواصل، وتطويرها على النحو الأمثل، وفي جميع المجالات، بما يليق بتاريخها العريق الشاهد وبما يستحقه مستقبلها الواعد.

اقرأ أيضا

الاحصاء العام للسكان والسكنى.. انطلاق المرحلة الثانية من التكوين الحضوري للمشرفين الجماعيين والمراقبين المكونين بجهة الرباط -سلا – القنيطرة

الإثنين, 29 يوليو, 2024 في 14:58

انطلقت، اليوم الإثنين بالرباط، المرحلة الثانية من التكوين الحضوري الخاصة بتكوين المشرفين الجماعيين والمراقبين المكونين المشاركين في عملية الإحصاء العام للسكان والسكنى 2024 بجهة الرباط – سلا – القنيطرة.

أولمبياد باريس 2024.. راكب الأمواج المغربي رمزي بوخيام يتأهل إلى الدور الثالث

الإثنين, 29 يوليو, 2024 في 10:49

تأهل راكب الأمواج المغربي، رمزي بوخيام ، ليلة الأحد – الاثنين، بتيهوبو في تاهيتي، إلى الدور الثالث لمسابقة ركوب الأمواج، ضمن دورة الألعاب الأولمبية (باريس 2024).

بورصة الدار البيضاء : أداء إيجابي في تداولات الافتتاح

الإثنين, 29 يوليو, 2024 في 10:23

استهلت بورصة الدار البيضاء تداولاتها اليوم الإثنين بأداء إيجابي، حيث سجل مؤشرها الرئيسي “مازي” نموا بنسبة 0,38 في المائة ليستقر عند 13.824,97 نقطة.