الصين تحتفل بذكرى ميلاد دينغ شياو بينغ مهندس الانفتاح والإصلاحات السياسية

(عبد الكريم مفكر)

بكين – تختتم يوم الجمعة في الصين الاحتفالات المقامة بمناسبة الذكرى الـ110 لميلاد دينغ شياو بينغ، مهندس الانفتاح والإصلاحات السياسية، التي مكنت البلاد من تحقيق أبرز تقدم اقتصادي يشهده القرن الماضي.وشددت الفعاليات الاحتفالية على تبني القيادة السياسية الحالية للبلاد لإرث دينغ، أحد أكبر الإصلاحيين في تاريخ البشرية، والالتزام بـ”الطريق الفريد للصين”، من خلال مواصلة تعميق الإصلاحات ومحاربة الفساد في دواليب الدولة والحزب الشيوعي الحاكم.
وفي ندوة نظمت بالمناسبة، وصف الرئيس الصيني شي جين بينغ دينغ بـ”الزعيم البارز باعتراف الحزب بأكمله والقوات المسلحة والشعب الصيني، من مختلف المجموعات العرقية”، كما وصفه بـ “رجل الدولة والقائد العسكري والدبلوماسي العظيم (…) ومهندس الإصلاح الاشتراكي والانفتاح والحداثة في الصين”.
وقال إن “الإرث السياسي والنظري الأكثر أهمية للزعيم الراحل هو الاشتراكية ذات الخصائص الصينية، التي أسسها الحزب والشعب تحت قيادته”.
واعتبر أن نجاح هذه النظرية يرجع إلى “ملاءمتها للواقع الصيني وتلبيتها احتياجات العصر”، كما أنها تعد “مفتاح السيادة والكرامة لبلادنا واحترام استقلال الأمة الصينية”.
وتعهد الرئيس شي ببذل قصارى الجهود “لإصلاح المجالات غير السليمة والتعلم من الخبرات الجيدة للدول الأجنبية. ولكننا لن نحاكي أبدا بالكامل أي تجربة أجنبية، ناهيك عن نقل الأشياء السيئة”.
وأكد أن الصين “لن تقلل من شأنها أبدا ولن تنسى جذورها”، مضيفا أن تاريخ البلاد المعاصر أثبت أن السبيل الوحيد لحل المشاكل في البلاد “هو أن تقوم بذلك بطريقتها وبناء على واقعها”. وذكر بأن قيادة الحزب الشيوعي الصيني “التزمت بالمبادئ والسياسات التي تم تبنيها خلال عصر دنغ وحققت تقدما ملموسا”، معربا عن ثقته في قدرة الحزب والشعب على “تحقيق النجاح خلال القرن الحادي والعشرين مثلما نجحا خلال القرن العشرين”.
وقد أنتج التلفزيون الرسمي المركزي (سي سي تي في) بالمناسبة، مسلسلا من 48 حلقة حول المعارك التي خاضها دنغ، ما بين 1976 و 1984، لتحقيق التحول الصيني.
وكتبت صحيفة (تشاينا دايلي) في افتتاحيتها اليوم، أن الإقرار بأن التنمية هي “المبدأ المطلق” وإزالة كل الحواجز التي تعوق تحقيق تنمية سليمة بالبلاد “يعد الوسيلة الوحيدة لتخليد ذكرى دينغ شياوبينغ”.
واحتل موضوع الإصلاح ومحاربة الفساد صدارة الأجندة السياسية للصين، منذ تسلم القيادة الحالية مقاليد السلطة في أواخر 2012.
وكشف اجتماع للجنة المركزية للحزب الشيوعي في نوفمبر الماضي النقاب عن خارطة طريق مفصلة للإصلاح.
ويترأس شي جين بينغ شخصيا مجموعة قيادة الإصلاح الشامل، التي دشنت خطة إصلاح تغطي مجالات تشمل النظام المالي وتسجيل السكان والقضاء والتعليم والشركات المملوكة للدولة.
ويرى المراقبون أن الصين بدأت تواجه “مشاكل صعبة” مع دخول الإصلاحات “مرحلة حاسمة ومنطقة المياه العميقة”.
وقد شدد الرئيس خلال الندوة على “ضرورة تعلم القيادة الحالية من شجاعة دنغ السياسية (…) وحسه بالمسؤولية لاختبار مياه مجهولة وفتح آفاق جديدة”.
وتواجه عملية الإصلاح في الصين تحديات مختلفة عما كانت عليه قبل 36 عاما. فبدلا من صين دمرتها عشر سنوات مؤلمة من الثورة الثقافية، فإن مجتمع الصين الحالية، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، بدأت تدب فيه الانقسامات، كما أصبحت مصالح ومطالب ومطامح فئاته مختلفة، وذلك بفعل اختلالات التنمية ودرجة الاستفادة من ثمار النمو.
ويحتم هذا الواقع الجديد على القادة الحاليين إيجاد طرق مبتكرة ومجددة ليبرهنوا على أنهم يؤمنون بالمقولة التي كان يرددها دينغ شياو بينغ دائما “لا يهم إن كانت القطة بيضاء أم سوداء، المهم أن تكون قادرة على صيد الفئران”.