الشاعرة والفاعلة الجمعوية صفية عز الدين نموذج لكفاح امرأة قروية متطلعة إلى مستقبل أفضل (بورتريه)

(إعداد : عبد النبي الصيبي)

ورزازات- بإصرار كبير، تتطلع البنت القروية المنحدرة من جماعة أمرزكان بإقليم ورزازات صفية عز الدين، من خلال تجربتها الفتية في مجال الشعر والعمل الجمعوي، أن تكون قدوة وإشعاعا للمرأة في العالم القروي العازمة على رفع كل التحديات التي تواجهها لإبراز مكانتها في المجتمع المغربي.
وقد ساعد هذه الشاعرة الأمازيغية للمضي قدما في إغناء رصيدها من القصائد التي تغنت بها، الجو العائلي الذي عاشت فيه، حيث كان والدها شاعرا بالفطرة يردد في كل تجمعاته الأسرية مجموعة من الأبيات التي كان لها الوقع في تكوين شخصيتها للتعبير عن الذات والحياة اليومية، ما شكل بالنسبة لها رصيدا قويا في إبداعاتها وحافزا مهما ومشجعا على العطاء أكثر في مجال الشعر الأمازيغي.
ولم يثنها عملها كصانعة تقليدية وفاعلة في المجتمع المدني المحلي باعتبارها رئيسة لجمعية تامونت للتنمية بدوار تويين بدائرة أمرزكان بورزازات، عن المزيد من الإبداع في المجال الشعري وإصدار ديوانين شعريين باللغة الأمازيغية “تازولت نوالن ” (كحل العينين) المتضمن ل19 قصيدة شعرية و”تالغات ن تودرت” (أنشودة الحياة)، الذي يشتمل على 30 قصيدة شعرية.
وأكدت السيدة صفية عز الدين، وهي في عقدها الرابع، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنها لأسباب عائلية اضطرت للتوقف عن الدراسة في مرحلة الأولى ثانوي، لكن شغفها بالمجال الأدبي لم ينقطع حيث ترعرعت داخل أسرة مكونة من سبعة إخوة من بينهم أربعة فتيات، وكان رب الأسرة شغوفا بالشعر ودأب على ترديد أبيات من أشعاره باللغة الأمازيغية أمامهم.
وأشارت إلى أن الجو الحميمي الذي نشأت فيه داخل أسرتها كان له الأثر الإيجابي في بناء شخصيتها، حيث لجأت إلى إنشاد الأبيات التي سمعتها داخل منزل الأسرة، قبل أن تنتقل إلى نظم أبيات لها تعبيرا عما يخالج وجدانها من مشاعر وأحاسيس وهموم بالإضافة إلى وصف الحياة اليومية للمرأة القروية وكفاحها المرير في تربية الأجيال الصاعدة.
وأوضحت صفية عز الدين أنها تحاول من خلال قصائدها الشعرية نقل صورة حقيقية للمرأة البدوية التي ترضى بالقليل من أجل تقديم الكثير لصالح أسرتها ومحيطها، مشيرة إلى أن إيمانها بالعمل الذي تقوم به هذه المرأة شجعها على الانخراط في العمل الجمعوي ضمن جمعية تامونت للتنمية بدوار تويين بجماعة أمرزكان بإقليم ورزازات، لتصبح لاحقا رئيستها.
وأبرزت أن هذه الجمعية تسعى إلى تثمين مكانة المرأة القروية في مجالات كالصناعة التقليدية خاصة الزربية المحلية (الزربية وزكيطية) والفلاحة والتشجير ومحو الأمية فضلا عن تكوين النساء في مجالات تهم، على الخصوص، الخياطة والفصالة التقليدية، حتى يتمكن من إبراز طاقاتهم والارتقاء بوضعيتهم من خلال تطوير أنشطتهم المدرة للدخل.
وعلى الرغم من الصعوبات التي تواجهها، يعتبر صدور ديوانها الشعري الأخير والثاني في مسارها الأدبي، دليلا على إصرارها في المزيد من الإبداع في هذا الميدان، والذي من شأنه أن يشكل قيمة مضافة في تعزيز مكانة المجال الثقافي الأمازيغي الذي يعتبر جزء لا يتجزأ من الثقافة المغربية.
وقالت صفية عز الدين، في هذا الصدد، إن صدور الديوان الجديد يعد محاولة منها لنقل ظروف العيش في هذه المنطقة من العالم القروي والآمال التي تعقدها الساكنة المحلية من أجل تحقيق التنمية المنشودة، وتحسين ظروف العيش للأسر القروية.