الرباط .. عقد الجمع العام لمؤسسة محمد عابد الجابري للفكر والثقافة

الرباط –  تم، اليوم الأحد بمقر وكالة المغرب العربي للأنباء الرباط، عقد الجمع العام لمؤسسة محمد عابد الجابري للفكر والثقافة، بحضور أفراد من عائلة المفكر الراحل وعدد من الأكاديميين ورجال الفكر والسياسة.
وفي مداخلة للسيد عبد الله ساعف، أمين عام المؤسسة، التي رأت النور في 13 مارس 2011، قال إنها تأسست لتنزيل الأهداف وتفعيل التصورات التي حددها قانونها الأساس، ويمكن اعتبار السنوات الثلاث الأخيرة فترة للتعريف بالمؤسسة واستكمال البناء، والاشتغال بالإمكانات المحدودة ماديا وبشريا.
وأضاف أن هذه المدة عرفت أيضا تنظيم العديد من الندوات المفتوحة، وإحياء ذكرى وفاة محمد عابد الجابري بحضور مفكرين مغاربة وعرب، وفتح نقاشات مع مثقفين حول آفاق عمل المؤسسة، وعقد اتفاقات مع شركاء محليين (جامعات وكليات ومجالس وهيئات منتخبة …)، مشيرا إلى أن المؤسسة حققت الحفاظ على راهنية فكر الجابري وتحيينه وتمحيصه.
يذكر أنه من ضمن الندوات التي نظمتها المؤسسة بعدة مدن (الرباط، الدار البيضاء، فاس، مكناس وأكادير …) بمشاركة هيئات وفاعلين وإعلاميين وطلبة، “الكتلة التاريخية” و”المسألة الاجتماعية” و”الدين والدولة” و”الديمقراطية وحقوق الإنسان” و”المثقف والشأن العام” و”الجابري والكتابة الصحفية” و”تقبل فكر الجابري بألمانيا” وغيرها.
وأفاد السيد ساعف بأنه في ظل راهنية فكر الجابري، أبانت استطلاعات الرأي التي تم القيام بها في المغرب وتونس ومصر وغيرها أن مكانته كمفكر تظل مركزية في تصور الفاعلين في الحركات الاجتماعية والسياسية، إذ لا تزال المفاهيم التي بلورها الجابري (الكتلة التاريخية والجبهة الثقافية على سبيل المثال) نؤسس لفكره وتدفع للحفاظ على إنتاجه أكاديميا وعلميا.
وكان محمد عابد الجابري من أوائل الخريجين في شعبة الفلسفة، إذ تخرج أستاذا لها منذ سنة 1967 واشتغل في جميع الأسلاك، في زمن عرف ندرة أساتذة هذه الشعبة، واضطلع بدور مهم في إدماج درس الفلسفة بالمغرب، واللغة العربية بالخصوص، كما ألف أول كتاب مدرسي للفلسفة باللغة العربية، ودرس المنطق والأخلاق وتاريخ الفلسفة وغيرها.
وأكد السيد ساعف أن استمرارية عمل المؤسسة يحمل في ثناياه الاعتراف بعطاءات الفيلسوف والتربوي والفاعل السياسي الذي اشتغل، بالخصوص، على مفهوم الجبهة الثقافية، وربط مشروع النهضة بالعمل السياسي، والبحث عن لغة عربية للجميع، وتحديد مهام المثقف العربي، والعقل، وتدشين عهد جديد للتدوين، وإعادة تجديد أسس الثقافة العربية، والانخراط في السياسي، والاشتغال بالبيداغوجيا الشعبية.
وشدد أمين عام مؤسسة محمد عابد الجابري للفكر والثقافة على أن الحفاظ على فكر الجابري، وهو فكر جماعي ومجتمعي، ليس مسؤولية المؤسسة وحدها ولكنها مسؤولية مشتركة من خلال دعم المبادرات الإيجابية للإنسانية، مشيرا إلى أن آثار هذا الفكر واضحة في إسبانيا وفرنسا وألمانيا وإيران والولايات المتحدة.
واقترج السيد ساعف على الجمع العام وعلى المكتب المقبل للمؤسسة، بالخصوص، تحديث اللجان، واعتماد هيئة استشارية، والحسم في موضوع مجلة للمؤسسة، وإحداث موقع إلكتروني لها، ووضع بيبليوغرافيا لمجموع كتابات الجابري من قبيل مراسلاته، وتعميق الأفكار الواردة في الندوات التي تم عقدها.
وفي شهادة للسيد عصام الجابري، نائب الأمين العام للمؤسسة، قال “إن محمد عابد الجابري بدأ مساره بممارسة الثقافة في السياسة، قبل أن ينتقل إلى ممارسة السياسة في الثقافة”، مشيرا إلى أن المفكر الراحل “تطلع إلى حداثة تحترم خصوصياتنا”.
ودعا السيد عصام الجابري، نجل المفكر الراحل، إلى نشر الوعي بأهمية أعماله الفكرية، وإلى الاعتناء بتراثه لتهتدي به الأجيال، مضيفا قوله “إن الموت لا يعني بالضرورة الفناء، إذ أن الكبار لا يموتون، بل ينتصرون على الموت، إن أعمالهم تمدد في أعمارهم”.
وقد خلف محمد عابد الجابري (1936 – 2010) أزيد من 30 مؤلفا تناولت قضايا الفكر المعاصر، من أبرزها “نقد العقل العربي” الذي تمت ترجمته إلى عدة لغات. وكرمته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) لكونه أحد أكبر المتخصصين في فكر ابن رشد.