الدومينيكان: المحكمة الدستورية ترفض انضمام البلد إلى محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان

من المراسل الدائم للوكالة بسانتو دومينغو : علال مجيد

سانتو دومينغو -لعبة شد الحبل بين الدومينيكان ولجنة البلدان الأمريكية لحقوق الانسان ما زالت متواصلة. آخر فصول الأزمة بين الجانبين تمثلت في إقرار المحكمة الدستورية لهذا البلد الكاريبي بعدم دستورية انضمامه إلى محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الانسان، بداعي وجود خرق شكلي في مسلسل المصادقة على الانضمام تمثل في عدم تصويت الكونغرس.

ويأتي قرار المحكمة الدستورية أياما قليلة بعد صدور حكم محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان، يوم 22 أكتوبر الماضي، تنتقد فيه الدومينيكان بشأن انتهاكات مزعومة لحقوق المهاجرين الهايتيين، الذين تم ترحيلهم من البلاد سنتي 1999 و2000، كما طالبت المحكمة بتغيير مواد الدستور المتعلقة بمنح الجنسية وبضمان تمكين أبناء المهاجرين غير الشرعيين بالبلد من الجنسية، مع طلب إدراج هذا الحكم كقاعدة وعنصر أساسيين ضمن المنظومة القانونية للبلاد.

وكانت لجنة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان، التي يوجد مقرها بواشنطن، قد طالبت الأسبوع الماضي من سانتو دومينغو، بتنفيذ قرار محكمة حقوق الإنسان الصادر مؤخرا.

وخلف قرار كل من المحكمة واللجنة المعنيين بحقوق الإنسان، والتابعين لمنظمة البلدان الأمريكية، انتقادات واسعة وردود فعل سلبية من طرف الحكومة وغالبية القادة السياسيين بالأغلبية والمعارضة، الرافضين للضغوطات الخارجية بشأن هذا الملف.

ومن جهتها، عبرت عدة قطاعات سياسية واجتماعية بالدومينيكان عن رفضها لهذا الحكم الذي يستحيل قبوله، مشيرة إلى أن قرار محكمة حقوق الإنسان، التي يوجد مقرها بسان خوسيه بكوستاريكا، ينتهك بالدرجة الأولى ميثاق منظمة البلدان الأمريكية الذي ينص على أن “لكل دولة الحق في أن تختار من دون تدخل خارجي نظامها السياسي والاجتماعي بالطريقة التي تناسبها”.

وفي هذا الإطار، عبر الأمين العام لحزب التحرير، الحاكم، رينالدو بيريز، في تصريحات صحافية، عن رفضه لهذا الحكم “الشاذ الذي ينتهك السيادة الدومينيكانية”، مطالبا سلطات بلاده ب “الانسحاب من عضوية المحكمة بسبب إدانتها المتسرعة ومواقفها المتحيزة ضد سيادة الدومينيكان”، مؤكدا في ذات الوقت على أن “البلاد تتمتع بالسيادة الكاملة لاتخاذ القرار الذي تراه مناسبا تجاه المهاجرين غير الشرعيين، ومن حقها طرد أي شخص يوجد في وضعية غير قانونية على أراضيها”.

من جانبه، أعلن رئيس الحزب الثوري الدومنيكاني (معارضة) والمرشح الرئاسي عن الحزب لانتخابات 2016، ميغيل فارغاس، عن عدم قبوله للحكم “غير الملزم” لمحكمة البلدان الأمريكية لحقوق الانسان، مؤكدا رفضه للضغوط التي تمارسها الهيئات والمنظمات الدولية على الدومينيكان بخصوص قضية المهاجرين الهايتيين، “إذ أن إيجاد حلول للمشاكل التي تعاني منها هايتي يجب أن تكون مسؤولية المجتمع الدولي وليس فقط مسؤولية الدومينيكان لوحدها”، يضيف هذا الزعيم السياسي.

كما رفض الحزب الوطني التقدمي، المشارك في الائتلاف الحكومي، القرار ذاته، معتبرا أنه يتجاهل مقتضيات الدستور وقرارات المحكمة الدستورية ذات الصلة وسيادة البلد، معتبرا أن منح الجنسية الدومينيكانية للهايتيين المولودين بالبلاد “يعد إعلانا باندماج دولتي الدومينيكان وهايتي”.

وللتخفيف من حدة التوتر، نفى وزير الخارجية، أندريس نافارو، وجود نية لدى الدومينيكان للانسحاب من محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان، مشددا على ضرورة تمتين العلاقات مع هذه الهيئات الدولية من أجل توضيح موقف الحكومة والرد على مزاعم وجود “انتهاكات” للحقوق الأساسية للأشخاص ذوي الأصول الهايتية المقيمين بالبلد.

ويشكل قرار المحكمة الدستورية حلقة جديدة في مسلسل التوتر الذي نجم عن حكمها الصادر في شتنبر 2013 والقاضي بتجريد الجنسية الدومينيكانية من أبناء المهاجرين غير الشرعيين مع تطبيقه بأثر رجعي يعود إلى سنة 1929، وهو ما لقي معارضة سواء من طرف هايتي أو المنظمات الاقليمية أو الدولية، التي طالبت حكومة الدومينيكان باتخاذ “جميع التدابير اللازمة لضمان حقوق الأشخاص المنحدرين من أصل هايتي وعدم حرمانهم من حق المواطنة وإرساء حوار بين مختلف الأطراف المعنية بقرار المحكمة الدستورية”.