التقييس، دليل جديد للمقاولات للتحكم في المخاطر الصحية

(أجرت الحوار: سلمى البدوي)

الدار البيضاء – التقنين، والاعتماد، والتقييس، والعلامة التجارية .. كلها مصطلحات يتم تداولها على نطاق واسع، غير أن زمن (كوفيد-19) ألقى عليها حزما من الضوء جعلها تعرَّف بوضوح. فهي وسائل تروم طمأنة النفوس بخصوص فعالية وسائل الحماية المعروضة في الأسواق لمواجهة انتشار هذا الفيروس.

وقد اتضحت، في ظل تفشي الوباء، الأهمية البالغة التي يكتسيها التقييس، الذي يهدف إلى تمكين المقاولات الصناعية من مواءمة منتجاتها مع أفضل الممارسات في المجال المعني، وتمكين المستهلكين من الحصول على منتجات معتمدة ذات درجة مرضية من الحماية.

واستنادا إلى نتائج البحث العلمي، لا يقدم التقييس فحسب حلولا للمشاكل التقنية والتكنولوجية، بل يوفر أيضا للمنتجين مناهج تتيح لهم تحسين الإنتاج وضمان جودة المنتجات المعروضة في السوق بغية طمأنة شركائهم وتحسين قدرتهم التنافسية.

ولتوضيح هذا التوجه الذي برز في خضم تفشي (كوفيد-19)، أكد مدير المعهد المغربي للتقييس، عبد الرحيم الطيبي، أن الهدف من هذا التوجه هو تمكين المستهلك من الحصول على منتجات آمنة وملائمة، ومنحه في الوقت نفسه إمكانية الاختيار بين المنتجات المعروضة عليه دون أي توجس من جودتها وشروط السلامة عند استعمالها.

وفي هذا الصدد، قال السيد الطيبي، في حوار مع وكالة المغرب العربي للأنباء ، “من هذا المنطلق تمت بلورة مقاييس خاصة بالكمامات المصنعة من الثوب غير المنسوج وكمامات الثوب القابلة لإعادة الاستعمال، وأخرى بشأن الأقنعة الواقية والملابس المهنية الواقية من أجل تحديد متطلبات ومعايير الأداء التي يجب أن تستوفيها هذه المعدات من أجل الحد من انتشار الفيروس”، مبرزا أن هذه المعايير تعززت بمعيار تنظيمي يروم مواكبة استئناف الأنشطة من أجل توجيه المقاولات في مجال التحكم في المخاطر الصحية المرتبطة بـ(كوفيد-19)، والحفاظ على ما اعتمدته من وسائل الحماية وتقويتها.

وأضاف مدير المعهد المغربي للتقييس أن هذا المقياس يتيح للمقاولات التي تثبت تقيدها به إمكانية الاستفادة من علامة “تحسين” الصادرة عن المعهد في إطار أنشطته الخاصة بالاعتماد.

وأوضح السيد الطيبي أن التقييس يشكل أيضا أداة في خدمة السلطات التنظيمية سواء في ترشيد المشتريات العمومية أو في تفعيل التنظيم التقني اللذين تتولى المسؤولية عنهما، مشيرا إلى أن التقييس يتمتع، بحكم طبيعته وعملية بلورته، بميزة تحقيق أقصى قدر من الشفافية والمصداقية لعمليات الشراء وتقييم المطابقة.

وبخصوص دور التقييس في مسؤولية المقاولة عن المنتجات المعروضة في السوق، أوضح مدير المعهد المغربي للتقييس أن هذا الإجراء يتيح للمقاولة إمكانية إبراز جهودها في مجال الجودة إزاء شركائها، مؤكدا على الامتثال للمقاييس التي يتم اعتمادها عموما من خلال المصادقة، والتي توفر ضمانات كافية بشأن إرادة المقاولة وقدرتها على تحمل مسؤولياتها تجاه شركائها الاقتصاديين والاجتماعيين.

وبعد أن كان الاعتماد في السابق يهم فقط المنتجات وجودتها، بات اليوم يشمل تدبير الجودة والبيئة والصحة والسلامة في مكان العمل والطاقة وسلامة المواد الغذائية، وحتى مكافحة الفساد. وبالتالي، فإن التزام المقاولة بمساطر الاعتماد هذه يؤكد توجها نحو إدماج قيم المقاولة المسؤولة تجاه زبنائها وشركائها بوجه خاص، وتجاه المجتمع عموما.