التزام المغرب بعقلنة النفقات العمومية يعزز ثقة المستثمرين فيه (معهد أكسفورد للأعمال)

لندن – أفاد معهد أكسفورد للأعمال، في دراسة أصدرها مؤخرا، أن التزام المغرب القوي بإعادة التوازن لحساباته المالية وعقلنة نفقاته العمومية يعزز ثقة المستثمرين فيه.

وذكرت الدراسة بأن الحكومة المغربية قررت في منتصف شهر يناير الماضي إلغاء الدعم عن البنزين الممتاز والفيول الصناعي خارج استهلاك الكهرباء، إضافة إلى التقليص التدريجي للدعم الخاص بالغازوال من 2,15 درهم لليتر الواحد إلى 0,80 درهم بين فبراير وأكتوبر 2014، فيما أبقت على الدعم الخاص بقنينات الغاز والفيول الصناعي.

وأبرزت أن هذه الإجراءات الجديدة جاءت لتعزز التوجه الذي تبنته الحكومة منذ العام الماضي. ففي شتنبر الماضي، أطلق المغرب آلية لمقايسة الأسعار المحلية حسب تقلبات الأسعار العالمية لثلاثة منتجات هي البنزين الممتاز والغازوال والفيول الصناعي غير الموجه لتوليد الكهرباء بهدف ترشيد النفقات في مجال الطاقة ومواجهة تقلب الأسعار.

وقالت الدراسة إنه رغم وجود الدين الوطني في مستوى متحمل، لا تزال المملكة ضعيفة أمام الصدمات الخارجية لكونها تعتمد على الواردات لتلبية غالبية احتياجاتها الطاقية.

وأشارت الدراسة إلى أن الحكومة تعمل حاليا على تفعيل إجراءات جديدة لاستعادة احتياطاتها المالية وحماية الاقتصاد من آثار تقلبات الأسعار، عبر إصلاح أنظمة التقاعد، وعقلنة النفقات وتخفيض الدعم على المحروقات والمواد الغذائية.

ولاحظت دراسة معهد أكسفورد للأعمال أن الإصلاح الذي شمل المحروقات تم تبنيه هذا العام، دون رصد أي حركة احتجاجية رئيسية منذ الإعلان عن هذا الإصلاح في يناير الماضي ، مشيرة بالمقابل إلى أن الإصلاحات كانت قد قسمت مكونات الأغلبية الحكومية، ما استدعى إجراء تعديل وزاري في أكتوبر الماضي.

واستشرفت الدراسة حصول توافق وطني بخصوص ضرورة تقليص الدعم من أجل استعادة الاحتياطات المالية.

وأوضح خبراء المعهد البريطاني أن الدعم المخصص للمنتجات الطاقية والمواد الغذائية ارتفع إلى 53 مليار درهم سنة 2012، أي ما يعادل 6,4 في المائة من الناتج الداخلي الخام، مبرزين أن هذا الدعم يساوي نفقات الاستثمار العمومي.

وأشارت الدراسة إلى أن هذه الإجراءات جنبا إلى جنب مع موسم فلاحي استثنائي وانخفاض أسعار البترول في العالم، مكنت من تخفيض النفقات لتصل 43 مليار درهم، أي 4,7 في المائة من الناتج الداخلي الخام في 2013، معتبرة أن النفقات المخصصة للدعم من المرتقب أن تنخفض إلى 35 مليار درهم، ما يمثل 3,7 في المائة من الناتج الداخلي الخام برسم سنة 2014.

وأبرزت أن الحكومة حددت هدفا يتمثل في تقليص النفقات المتعلقة بالدعم بما يعادل 3 في المائة من الناتج الداخلي الخام في أفق 2016، بالتوازي مع تفعيل إجراءات أخرى مثل الإصلاح الضريبي وتقليص نفقات العاملين في الوظيفة العمومية. ومن المنتظر أن ينتقل العجز في الميزانية إلى أقل من 5 في المائة سنة 2014. وتهدف إصلاحات الحكومة إلى تعويض نظام الدعم المعمم بإجراءات محددة تستهدف فئات وقطاعات بعينها وتستفيد منها الساكنة بشكل مباشر.

وحسب تقديرات الحكومة، فإن 75 في المائة من الأموال المخصصة لدعم الغازوال والمحروقات لا تستفيد منها إلا فئة محدودة من الساكنة. وتشير الدراسة إلى أن تطبيق إصلاح الدعم سيكون له أثر حساس على أسعار النقل.

ومن أجل تخفيف أثر ارتفاع أسعار المنتجات الطاقية على الأسر الأكثر هشاشة، قررت الحكومة، في يناير الماضي، الحد من ارتفاع أسعار النقل العمومي.

وأشارت دراسة المعهد البريطاني المتخصص في الاقتصاد والأعمال أن الإجراءات الأخرى ستفعل هذه السنة، لاسيما تعزيز المساعدات الموجهة للأطفال في سن التمدرس، وكذا العلاجات بهدف ضمان ولوج الساكنة الهشة للخدمات الأساسية.

وحسب الدراسة فإن تعديل نظام دعم المواد الغذائية ينتظر أن يكون الأكثر حساسية، كما أن النفقات الحالية لمنتجات مثل القمح والسكر، التي يعادل سعرها تقريبا 0,5 في المائة من الناتج الداخلي الخام في 2014، ستظل في الفترة الحالية مستقرة.

وأكدت أنه بفضل كل هذه الإجراءات التي تستهدف في نفس الوقت كتلة الأجور بالوظيفة العمومية، وتوسيع الوعاء الضريبي، وإصلاح الضريبة على القيمة المضافة، وإلغاء العفو الضريبي بالنسبة للمقاولات الكبرى العاملة في القطاع الفلاحي على سبيل المثال، من المنتظر أن تتمكن الحكومة من ترشيد النفقات العمومية على المدى القصير.

وفي ما يتعلق بإصلاح أنظمة التقاعد، أشارت الدراسة إلى أنه رغم أهمية هذا الإصلاح، فإنه يدخل ضمن مقاربة بعيدة المدى، مؤكدة أن إرادة وعزم المغرب على تفعيل هذه الإصلاحات يعززان ثقة المستثمرين.