آخر الأخبار
التدوين والتوثيق للتراث الموسيقي المغربي .. الحاجة قائمة إلى مزيد من التراكم والإنتاج، واستمالة باحثين من مشارب علمية متعددة

التدوين والتوثيق للتراث الموسيقي المغربي .. الحاجة قائمة إلى مزيد من التراكم والإنتاج، واستمالة باحثين من مشارب علمية متعددة

الإثنين, 13 فبراير, 2017 - 13:22

 

 – بقلم نزهة بولندا –

  الدار البيضاء – في معرض، كالمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء، يجد المتتبعون للشأن الثقافي بالمغرب، أمامهم نوافذ مشرعة ليس فقط للاطلاع على جديد المنجز الثقافي بالمغرب والعالم، ولكن أيضا للنقاش وطرح الأسئلة بخصوص عدد من القضايا التي تهم الشأن الإبداعي الوطني، وفي مقدمتها واقع التأليف والنشر بالمغرب.

  ومن القضايا التي باتت تشغل عددا غير يسير من الباحثين والمهتمين بقطاع التأليف والنشر، مسألة التوثيق للتعبيرات الموسيقية المختلفة، وتجميع مكنوزاتها ضمن مصنفات تتيح الاشتغال على متونها لتحديد بنياتها الشعرية، وضبط إيقاعاتها الموسيقية، قصد تثمين هذا التراث وضمان انتقاله بشكل صحيح وسليم وفق أصوله الحقيقة إلى الأجيال الصاعدة.

  ولعل مشاركة بعض الجمعيات والمؤسسات المشتغلة بالحقل الموسيقي ضمن فعاليات المعرض، سواء من خلال عرض مصنفات أو موسوعات تعنى بمختلف التعبيرات الموسيقية الوطنية، أوبتنظيم ندوات لمناقشة الحالة الراهنة لهذه التعبيرات، يتيح مقاربة الموضوع من زوايا تتنوع بين الباحث المتخصص، والمبدع المتفنن.

  وقد ألمح باحثون ومهتمون، على هامش مشاركتهم في فعاليات مختلفة ضمن الدورة 23 للمعرض الدولي للنشر والكتاب الذي تحتضنه الدار البيضاء إلى غاية 19 فبراير الجاري، إلى أن الاشتغال على التراث المغربي، ومنه التراث الموسيقي، وبحث سبل الحفاظ عليه، وتثمينه كموروث حضاري يشكل جزءا رئيسيا من الهوية الجماعية للمغاربة، يستوجب ابتكار أدوات بحث تخضع للتحولات التي يعرفها المجتمع المغربي، من خلال ما وسمه الناقد سعيد يقطين، في أحد العروض المقدمة ضمن الدورة، بالانتقال إلى مرحلة تعدد الاختصاصات العلمية، حتى يتسنى التعامل مع ما يتم إنتاجه ضمن سياقاته الحقيقية.

   وفي هذا الصدد، قال الباحث والكاتب حسن نجمي، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن هناك إنتاجا بحثيا مهما واكب الإنتاج الموسيقي المغربي سواء منه العصري أو التراثي بمختلف مشاربه، غير أنه، ورغم أهمية هذه الأعمال على مستوى التوثيق والتدوين والتأريخ، إلا أنها “لم تنجح في الانتقال من المناهج التقليدية الوصفية إلى مناهج تشتغل بالوسائل الحديثة والمعاصرة وخاصة علم الأصول الموسيقية (الإثنو ميزيكولوجيا)، وهو علم يجمع بين البحث الموسيقي والبحث الاجتماعي والإثنوغرافي.

  وفي الموضوع ذاته، نوه رئيس جمعية هواة الموسيقى الأندلسية بالمغرب السيد عزيز العلمي، في تصريح مماثل، إلى أن هناك جهدا محمودا في مجال التأليف والبحث الموسيقى، لاسيما في التلوينات التراثية، إلا أنه لا يرقى إلى المستوى المطلوب، مشيرا إلى أن قطاع التأليف الموسيقي هو قطاع ناشئ، وما تزال هناك العديد من الأشياء التي يمكن القيام بها على هذا المستوى.

  وأضاف أن ما يضفي نوعا من الصعوبة على هذا العمل، هو كون المجال الموسيقي التراثي على الخصوص، مجال شفهي بالأساس يقوم على الحفظ، ويحتاج إلى جهود مضاعفة لتجميعه وتوثيقه وتدوينه، ومن تم جعله مادة بحثية، مسجلا أن الجامعات المغربية ومراكز البحث والدراسات مطالبة بفتح مجال البحث العلمي في ميدان الموسيقى المغربية وفق المناهج الحديثة للبحث. 

  وبخصوص مجال اشتغال الجمعية، أبرز السيد العلمي أن عملها يقوم منذ تأسيسها على حفظ المجلدات القديمة للطرب الأندلسي بالمغرب، وتصحيح وطبع كتاب الحايك في حلة جديدة، وتسجيل بعض النوبات الموسيقية الأندلسية، حيث إنها قامت بنشر عدد من الأبحاث المهمة، منها كتاب تحقيق “كناش الحايك” لمؤسس الجمعية الحاج ادريس بنجلون، والذي يعتبر مرجعا في مجال التوثيق.

   ر/ نز

 


 

  واعتبر السيد عزيز العلمي أن الاشتغال على موسيقى الآلة، وبالضبط “التنويط ” يبقى عملا صعبا، غير أن الجمعية نجحت في تجميع النوبات الأندلسية، في “منوطة” تضم ثماني نوبات (من أصل11 نوبة)، كما قامت بنشر كتب النوبات، والتي أطلقت عليها اسم “موسوعة روح الموسيقى الأندلسية”، وتنقسم على كل النوبات، متوخية كتابة أشعار هذه الموسيقى ب”التراطين” التي تغنى بها، مصحوبة بتسجيل لتلك النوبة، لتسهيل التلقين وتمكين المتلقي من الاستمتاع بهذا اللون الموسيقي.

  وبالنسبة لرئيس الجمعية، فإن الحفاظ على روح الموسيقى الأندلسية، التي هي في أصلها موسيقى طربية، تجمع بين الموسيقى والغناء، يبقى مجهودا شاقا، يمكن التغلب عليه بواسطة البحث المنفتح على شتى التخصصات العلمية، ضمن رؤية متجددة، تتيح تناول الموسيقى الأندلسية من حيث أنساقها وبنياتها، مع استثمار الطريقة التقليدية التي تتمثل في الحفظ، والاستعانة بالوسائل الرقمية والحديثة للتدوين والتوثيق.

  وإن كان الرهان كبيرا على البحث العلمي الجاد من أجل الحفاظ على الموسيقى الأندلسية وضمان استمراريتها، فإن باقي الألوان التراثية تحتاج الجهد نفسه، باعتبارها ديوانا جامعا يوثق للحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية للمجتمع المغربي.

  فبالنسبة للباحث والكاتب حسن نجمي، يحتاج الأمر إلى استعمال مناهج البحث العلمي في دراسة التعبيرات الموسيقية التراثية، ليس فقط من حيث بنياتها الإيقاعية أو أدواتها الموسيقية، واستعمالاتها وتقاطعاتها، بل أيضا من حيث كونها وثيقة تؤرخ للمجتمع المغربي وتطوره الثقافي والحضاري ونمط الحضور الإنساني بهذا المجال الجغرافي.

  وبرأيه، فإن البحث في التراث الموسيقي الشعبي لا يزال في بدايته، إذ أن الاشتغال مثلا على “العيطة”، كفن شعبي، جاء متأخرا جدا، باستثناء إشارات قليلة خلال فترة الحماية وما تلاها من عقود، إلى حدود ظهور مجموعة باحثين اشتغلوا على هذا التراث الشعبي، ومنهم حسان بورقية وعبد الكريم الجويطي وحسن البحراوي وسعيد يقطين وسالم كويندي.

  واعتبر أن هؤلاء الباحثين، ومن سار على منوالهم، أسسوا لمقاربة جديدة في التعاطي مع هذا التراث، الذي تتطلب دراسته عملا ميدانيا، إلى جانب مبدعيه الأصليين، لتجميع الأشعار وتوثيق الإطار الموسيقي لتلك الإبداعات التراثية.

  وتابع في الاتجاه ذاته أن دراسة الموسيقى (إيقاعا ونصا) في علاقتها بالتطور الثقافي والاجتماعي والتاريخي للمغرب، ينبغي أن تتم وفق رؤية تقوم على أن هذه الموسيقى هي نتاج تطور تاريخي واجتماعي، ونتاج علاقة مع النظام الثقافي السائد في المغرب، فضلا عن كونها مرتبطة بالأنظمة القائمة داخل الجماعات الثقافية المكونة للهوية المغربية.

  وخلص إلى أن المشتغل بمجال توثيق التراث الموسيقي الوطني، تواجهه معيقات تتعلق باندثار نصوص هذا التراث، لكون العديد من المؤرخين، وعبر حقب تاريخية عديدة، أهملوا هذا التراث، ولم يضمنوه مؤلفاتهم، وكانوا يعتبرون أنه من المعيب الاستشهاد بمقاطع من التعبيرات الشفاهية في مصنفاتهم، مستدركا أن العصر الراهن يتيح للدارس والباحث بعض الأدوات المنهجية التي تسهل مهمته في التعاطي مع هذا التراث.

  وإن كانت المكتبة المغربية تحفل بالعديد من العناوين التي كرسها الباحثون للحقل الموسيقي المغربي والعربي، ومنها أعمال صلاح الشرقي ومحمد بنجلون ومحمد عيدون وعلال الركوك وحسين سيمور ويونس الشامي، وإسهامات العلامة محمد الفاسي وعباس الجيراري في كتابيهما الكبيرين حول الملحون المغربي، فما زالت الحاجة قائمة إلى مزيد من التراكم والإنتاج، واستمالة المزيد من الباحثين من مختلف العلوم الإنسانية.

 

 

 

اقرأ أيضا

اليوم الثالث من المهرجان الدولي للفنون والثقافة “صيف الأوداية”.. أمسية فنية حافلة بإيقات متنوعة ومتميزة

الثلاثاء, 30 يوليو, 2024 في 11:02

تواصلت فعاليات الدورة الـ12 من المهرجان الدولي للفنون والثقافة “صيف الأوداية”، بمنصة كورنيش أبي رقراق بالرباط، بسهرة فنية، أحياها، مساء أمس الإثنين، عدد من الفنانين المغاربة، وذلك بمناسبة عيد العرش المجيد.

الاحصاء العام للسكان والسكنى.. انطلاق المرحلة الثانية من التكوين الحضوري للمشرفين الجماعيين والمراقبين المكونين بجهة الرباط -سلا – القنيطرة

الإثنين, 29 يوليو, 2024 في 14:58

انطلقت، اليوم الإثنين بالرباط، المرحلة الثانية من التكوين الحضوري الخاصة بتكوين المشرفين الجماعيين والمراقبين المكونين المشاركين في عملية الإحصاء العام للسكان والسكنى 2024 بجهة الرباط – سلا – القنيطرة.

أولمبياد باريس 2024.. راكب الأمواج المغربي رمزي بوخيام يتأهل إلى الدور الثالث

الإثنين, 29 يوليو, 2024 في 10:49

تأهل راكب الأمواج المغربي، رمزي بوخيام ، ليلة الأحد – الاثنين، بتيهوبو في تاهيتي، إلى الدور الثالث لمسابقة ركوب الأمواج، ضمن دورة الألعاب الأولمبية (باريس 2024).

MAP LIVE

MAP TV

الأكثر شعبية