الانتخابات الرئاسية في مصر حلقة محورية في مسار تنفيذ “خارطة المستقبل”
– بقلم: حسن هرماس –
القاهرة – تعيش جمهورية مصر العربية في الظروف الحالية لحظات حاسمة في تاريخها الحديث، بالنظر لكون الأيام القليلة القادمة تشكل فترة مخاض سيكشف في نهايتها عن هوية الشخص الذي سيتربع على كرسي ” قصر الاتحادية” ليصبح رئيسا منتخبا لمصر خلفا لمحمد مرسي،الذي عزله الجيش في 3 يوليوز الماضي.
وسيشكل يوما 26 و 27 مايو القادم،موعدا حاسما ضمن هذا المسلسل حيث ستجرى في هذا التاريخ الانتخابات الرئاسية المصرية التي تعتبر حلقة مفصلية ضمن مسار التقويم الدستوري والمؤسساتي ،الذي ارتأى القائمون على الشأن العام المصري تسميته ب”خارطة المستقبل” التي أعلن عنها بعد عزل الرئيس محمد مرسي،ووضع حد لحكم الإخوان المسلمين الذي أثار موجة عارمة من الاحتجاجات الشعبية،كان أبرزها التجمهر الجماهيري الحاشد الذي عرفه ميدان التحرير لعدة أيام خلال شهر يونيو من العام لماضي.
وكان الاستفتاء على الدستور المصري الجديد الذي صوت عليه المصريون منتصف شهر يناير الماضي، وتم تأييده بنسبة أصوات عالية بلغت 1ر98 في المائة(وافق على الدستور المصري الجديد19 مليونا و985 ألفا و389 ناخبا، وذلك من مجموع 53 مليونا و423 ألفا و485 من الناخبين)،أولى المحطات التي اجتازها قطار الإصلاح في مصر ضمن “خريطة المستقبل”،ستعقبها محطة الإنتخابات الرئاسية كمرحلة ثانية حاسمة ضمن هذا المسلسل الإصلاحي.
وإذا كان التشويق والترقب قد سادا في مصر وفي الخارج طيلة الفترة المفتوحة لتقديم ترشيحات الأشخاص الراغبين في التنافس على كرسي الرئاسة في مصر،فإن إعلان “اللجنة العليا للإنتخابات الرئاسية”قبل أيام عن اسمي المرشحين الاثنين في هذا الاستحقاق الانتخابي،وضع حدا لهذا الترقب،لاسيما بعد انتهاء فترة الطعون واستكمال التأكد من سلامة الوثائق المضمنة في ملف الترشيح المقدم للجنة، لتعلن رسما عن اقتصار المنافسة في الانتخابات الرئاسية على اسمين فقط هما وزير الدفاع المستقيل عبد الفتاح السيسي، وزعيم “التيار الشعبي” حمدين صباحي.
ويعود سبب الترقب والتشويق الذي سبق موعد انتهاء فترة غلق باب الترشيحات للانتخابات الرئاسية للتخمينات والادعاءات،وأحيانا الإشاعات،التي صاحبت اعتزام عدد من الشخصيات المصرية المعروفة الترشح للانتخابات الرئاسية،والتي عكستها وسائل الإعلام المصرية، وحديث العامة في الشارع المصري،الذي ظل منشغلا بموضوع الرآسيات منذ إقرار الدستور المصري الجديد.
فبينما دخل غمار التنافس في الانتخابات الرئاسية الماضية التي جرت سنة 2012،وفاز فيها مرشح الإخوان المسلمين محمد مرسي،13 متنافسا،فإن الرئاسيات الحالية بقيت طيلة فترة إيداع الترشيحات موضوع تجاذب وتردد سواء من طرف الراغبين في الترشح أنفسهم،أو من خلال ما صاحب هذا الموضوع من تصريحات روجت لها وسائل الإعلام،وما أعقب ذلك من نقاشات شغلت الرأي العام وانعكس على نطاق واسع في الشارع المصري.
فالكل كان يتحدث منذ البداية عن ترشح وزير الدفاع المستقيل عبد الفتاح السيسي،لاسيما وانه يلقى تأييدا شعبيا كبيرا من طرف مختلف فئات الشعب المصري اتخذ أشكالا عدة ولا زال مستمرا حتى الآن.
وفي الوقت ذاته،كانت العديد من وسائل الإعلام المصرية تتحدث عن اعتزام الفريق سامي عنان،رئيس أركان الجيش المصري السابق،الترشح بدوره للانتخابات الرئاسية،إلى أن أعلن هذا الأخير في مؤتمر صحفي عدم رغبته في الترشح مبررا موقفه بما اعتبره “إعلاء للمصلحة لعليا للبلاد”،وهو ما اعتبره المتتبعون للشأن المصري نوعا من “الانصياع للتقاليد العسكرية المصرية،وتفادي الشقاق داخل المؤسسة العسكرية”، بعدما اتضح أن المشير السيسي سيدخل غمار الانتخابات الرئاسية.
وفي الوقت ذاته كان المراقبون ينتظرون إعلان (حزب النور) السلفي،الذي أيد عزل الرئيس مرسي إعلان مرشحه للانتخابات الرئاسية،غير أنه لم يتقدم بأي مرشح.كما تراجع مرتضى منصور،رئيس نادي الزمالك،عن الترشح في اللحظات الأخيرة معلنا تأييده لترشيح عبد الفتاح السيسي.
أما العنصر النسائي الوحيد الذي عبر عن عزمه الترشح للرآسة في مصر، فهي الإعلامية بثينة كامل.إلا أن عجزها عن جمع العدد الكافي من توكيلات الناخبين جعلها تضطر للتراجع عن الترشح،حيث يستوجب القانون المصري أن يحصل من يرغب في الترشح للانتخابات الرئاسية على تأييد 25 ألف ناخب، من 15 محافظة على الأقل،وألا يقل عدد المؤيدين في المحافظة الواحدة عن ألف ناخب.
ولم تقف موجة التراجع عن الترشح للإنتخابات لرئاسية في مصر عند هذا الحد،كل حسب الدواعي التي ساقها لتبرير تراجعه،بل التحق بقائمة هذه الأسماء كل من عبد المنعم أبو الفتوح، وخالد علي اللذين سبق لهما أن دخلا غمار المنافسة في الانتخابات الرئاسية لسنة 2012.
وترجح التخمينات والقراءات الرائجة للمشهد السياسي المصري أن السباق نحو قصر الاتحادية يميل لفائدة عبد الفتاح السيسي.بل تسير بعض التخمينات اتجاه حسمه منذ الجولة الأولى دون اللجوء إلى دور ثان من الاقتراع، وذلك بالاستناد إلى التأييد الشعبي الكبير للسيسي في الشارع المصري.
ومما زاد من قوة هذا الاحتمال وواقعيته، ما صرح به المستشار عبد العزيز سلمان، الأمين العام للجنة العليا الانتخابات الرئاسية، في الندوة الصحفية التي عقدها مؤخرا للإعلان عن انتهاء فترة إيداع الترشيحات للانتخابات الرئاسية،حيث كشف عن أن عدد توكيلات التأييد التي قدمها السيسي للجنة العليا لدعم ترشحه بلغ 188 ألفا و930، بينما قدم صباحي 31 ألفا و555 توكيلا.
وإذا كان السباق نحو كرسي الرئاسة في مصر يبدو شبه محسوم،حسب العديد من التخمينات والمؤشرات الواقعية، لفائدة وزير الدفاع المستقيل عبد الفتاح السيسي،فإن مصير سدة الحكم في مصر يبقى بعد الإعلان الرسمي عن نتيجة الانتخابات الرئاسية غير محسوم، بالنظر لكون الرئاسيات عبارة عن “حلقة وسطية” ضمن حلقات خارطة المستقبل في مصر.
إلا أنه بعد طي صفحة الانتخابات الرئاسية،ستفتح صفحة الانتخابات البرلمانية التي تعد الحلقة الحاسمة ضمن مسلسل خارطة المستقبل في مصر،والتي تعول فئات عريضة من الشعب المصري على أن تشكل بارقة أمل حقيقية لإخراج المجتمع المصري من الأزمة التي يعيشها منذ أزيد من ثلاث سنوات على مستويات عدة.
غير أن مواجهة مختلف مظاهر هذه الأزمة ليست بالأمر السهل،لاسيما وأنها على قدر كبير من التعقيد والصعوبة، كما أقر بذلك المتنافسان على كرسي الرئاسة نفسهما،وهذا ما يستوجب بالتالي ترتيب أولويات مواجهة الأزمة.ومن دون شك أن استتباب الأمن،وإعادة الطمأنينة للشارع المصري تأتي في مقدمة هذه الأولويات.
اقرأ أيضا
فيضانات إسبانيا: الحكومة تستعد لإعلان المناطق المتضررة بشدة “مناطق منكوبة”
أعلن رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، اليوم السبت، أن السلطة التنفيذية تعتزم إعلان المناطق المتضررة بشدة من الفيضانات المدمرة التي ضربت جنوب شرق البلاد “مناطق منكوبة”.
وزارة العدل تعزز اللاّمركزية بتأسيس مديريات إقليمية لتحديث الإدارة القضائية
أصدر وزير العدل قرارا بإنشاء وتنظيم المصالح اللاممركزة للوزارة، متمثلة في مديريات إقليمية للعدل موزعة على مستوى الدوائر القضائية لكل محكمة استئناف.
السيد الشامي يبرز إيجابيات تعزيز حكامة المالية العمومية (مناظرة)
أكد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أحمد رضا الشامي، أمس الجمعة بالرباط، أن تعزيز حكامة المالية العمومية يخلق آثار إيجابية على عدة مستويات.
أخبار آخر الساعة
-
فيضانات إسبانيا: الحكومة تستعد لإعلان المناطق المتضررة بشدة “مناطق منكوبة”
-
وزارة العدل تعزز اللاّمركزية بتأسيس مديريات إقليمية لتحديث الإدارة القضائية
-
السيد الشامي يبرز إيجابيات تعزيز حكامة المالية العمومية (مناظرة)
-
السيد بنسودة يدعو إلى تحسين نموذج الحكامة المالية العمومية
-
الصويرة تعيش على ايقاع فعاليات الدورة ال19 لمهرجان الأندلسيات الأطلسية
-
المقومات التراثية الفريدة للفن المعماري “آرت ديكو” محور مائدة مستديرة بالدار البيضاء
-
الدار البيضاء.. اختتام أشغال المؤتمر العربي الثالث للملكية الفكرية
-
الدار البيضاء.. إبراز تحديات حماية حقوق الملكية الفكرية بالتعليم في ارتباطها بالذكاء الاصطناعي (ندوة)