الانتخابات التمهيدية بولاية أيوا : الجمهوريون وخطر الإقدام على خطوة نحو المجهول

من المبعوث الخاص للوكالة إلى أيوا .. كريم اعويفية

دو مواين (ولاية أيوا) – يبدو أن الأوراق اختلطت على الحزب الجمهوري، كما تاهت عليه المؤشرات التي يفترض أن تقوده في سعيه نحو البيت الأبيض، بالنظر إلى الانقسام والصراع الحاصل بين قواعده، خاصة بعد “الاختراق” غير المنتظر لملياردير نيويورك، دونالد ترامب، وسيناتور تكساس، تيد كروز.
وحسب استطلاعات الرأي الأخيرة، سينحصر السباق في الانتخابات التمهيدية بولاية أيوا، التي ستجري اليوم الاثنين، ما لم تكن هناك أية مفاجأة، بين هذين المرشحين، اللذين – حسب عدد من المراقبين – يكادان يقوضان المبادئ “المقدسة” للحزب الجمهوري، رغم تكرارهما التأكيد لمرات عدة على التمسك بالمبادئ المؤسسة لهذا الحزب العريق.
في هذا السياق، قد تشكل نتائج انتخابات أيوا، التي تعد المرحلة الأولى في مسلسل انتخابي طويل، إشارة مبكرة حول الطريق التي قد يسلكها حزب أبراهام لنكولن على أمل دحر الديموقراطيين في الانتخابات العامة المرتقبة في نونبر المقبل.
ويعتقد البعض أن انتخابات أيوا، الولاية التي كثف فيها ترامب من أنشطته بحثا عن دعم الناخبين، ستحدد ما إن كان “ذو دونالد” خصما سياسيا مثيرا حريا بأن يخشاه باقي المتنافسون، أم مجرب “سراب” صنعه الإعلام والشبكات الاجتماعية.
وإذا كان الحزب الجمهوري، الذي يعيش اليوم على وقع تجاذبات بين شعبوية جامحة ومحافظة دينية ووسطية يجسدها مرشحو المؤسسة الحزبية كماركو روبيو وجيب بوش وجون كاسيش وكريس كريستي، لم يتمكن من أن يعطي صورة واضحة عن مستقبله السياسي للناخبين، فقد يشهد إخفاقا جديدا في مواجهة الديموقراطيين، بل قد يفقد أغلبيته بغرفتي الكونغرس.
وقبل الوصول إلى نتيجة من هذا القبيل، يتعين على قادة الحزب الجمهوري التحرك وأن يقنعوا الناخبين الواقعين تحت سحر دونالد ترامب وتيد كروز أن المقبل من الأيام سيكون أفضل.
واعتبر الصحافي ب (وول ستريت جورنال)، ويليام غالستون، أن “الجمهوريين يتعين أن يتأكدوا من هدفهم قبل التقدم خطوة إلى الأمام”، موضحا أن على هؤلاء الناخبين الذين أحسوا بتهميش تركهم عرضة لمصيرهم في مناخ يتميز بإقلاع اقتصادي وثورة في الأخلاق الاجتماعية، أن يجيبوا على أسئلة حاسمة من قبيل قدرة المرشحين على شغل منصب الرئيس، وخاصة الملياردير دونالد ترامب.
ويعتقد العديد من المراقبين والمحللين أن “دو دونالد” تمكن، بكل تأكيد، من خلخلة المشهد السياسي الأمريكي بعد بروزه كقوة مؤثرة على الساحة الجمهورية، لكن رؤيته السياسية هي أقرب إلى “خطوة نحو المجهول”.
ولاحظ غالستون أن “ترامب ليس جمهوريا ولا ليبراليا. ليست له فلسفة سياسية متسقة، باستثناء براغماتية بلا هوادة، غالبا ما تميز رجال الأعمال”.
وبالنسبة لهذا المحلل السياسي، فالحادث الذي وقع بين الملياردير النيويوركي والصحافية كيلي ميغان قبيل المناظرة الجمهورية الأخيرة لقناة (فوكس نيوز)، تبرز بشكل واضح أن ترامب يفتقد ل “خصال الرئيس”.
وانطلاقا من هذا المعطى، سجل عدد من المراقبين، استقت أراءهم الصحيفة الأكثر مقروئية بولاية أيوا (دي مواين ريجيستر)، أنه حتى لو فاز ترامب، الذي عرف كيف يستقطب ناخبي الطبقة المتوسطة، بالانتخابات التمهيدية بهذه الولاية وولايات أخرى، فليس من الأكيد أن يحصل على دعم الناخبين الجمهوريين التقليديين، والذي يعتبر أساسيا للحصول على تزكية الحزب الجمهوري للانتخابات العامة.
وبالرغم من شبه إخفاق جديد في مواجهة الديموقراطيين، يبدو أن كبار قادة الجمهوريين في حيرة من أمرهم ولا يعرفون إلى أي قبلة يولون وجوههم.
وفي محاولة يائسة لقلب المنحى وكبح تصاعد شعبية تيد كروز، ارتمى عدد من كبار المحافظين الجمهوريين بالعاصمة واشنطن بين أحضان ترامب.
ولاحظ الصحافي بيث رينهارد أن عددا من أبرز أعضاء الكونغرس أعربوا عن دعمهم وتفضليهم لدونالد ترامب، من قبيل بوب دول وترانت لوت ونيوت غينغريتش، منتقدا “قصر نظر يصعب تخيله لدى هؤلاء، سيؤدي لا محالة إلى تدمير ذاتي”.
في هذا السياق، اعتبر أن “الاشمئزاز الذي يشعر به عدد من قادة الجمهوريين تجاه كروز دفعهم إلى رؤية ترامب كمرشح مناسب”.
وبالرغم من الملاحظات اللاذعة لرينهارت، فإن أعضاء الكونغرس الجمهوريين الذين يشكلون العمود الفقري للحزب ينتظرون بقلق كبير نتائج الانتخابات التمهيدية بولاية أيوا قبل القيام بخطوة قد تجرهم نحو المجهول.