آخر الأخبار
الانتخابات التشريعية في تونس .. تشابه في مضامين البرامج في ظل هيمنة البعدين الاقتصادي والأمني

الانتخابات التشريعية في تونس .. تشابه في مضامين البرامج في ظل هيمنة البعدين الاقتصادي والأمني

الإثنين, 13 أكتوبر, 2014 - 13:40

تونس –  (من المراسل الدائم للوكالة بتونس.. عزيز المسيح) – سجل عدد من الملاحظين والمتتبعين أن البرامج الانتخابية التي تقدمت بها الأحزاب السياسية التونسية خلال الحملة الانتخابية الخاصة بالاستحقاق التشريعي، المقرر يوم 26 أكتوبر الجاري، تتشابه في ما بينها إلى حد كبير، ويهيمن عليها البعد الاقتصادي ومحاربة الإرهاب، في ظل مؤشرات اقتصادية غير مطمئنة ووضع أمني غير مستقر.

وأبرز هؤلاء الملاحظون أن هذه البرامج “تتماهى” في بعض الحالات، خصوصا على مستوى المحاور الكبرى المتعلقة بقطاعات التشغيل والنقل والصحة والبيئة والتعليم والتنمية الجهوية والثقافة، غير أنها “تعوزها الرؤية الإجرائية العملية”؛ حيث أن ما تقترحه الأحزاب من إصلاحات يبقى “مجرد عناوين بارزة دون تقديم أي تفاصيل بشأن هذه الإصلاحات وكيفية تنفيذها”، ولذلك “يغلب عليها الطابع المثالي، والنزعة التنظيرية الفجة التي لا تأخذ بعين الاعتبار مؤشرات الواقع الاقتصادي والاجتماعي والمالي المتردي للبلاد”.
وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي، صلاح الدين الجرشي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء في تونس، إن هذه البرامج والمقترحات الانتخابية “جاءت متشابهة في أغلبها، وهو ما أربك جزءا كبيرا من الناخبين الذين لم يستطيعوا أن يميزوا بين الأطراف المتنافسة، بناء على مقترحاتها وبرامجها، وهذا ما جعل التنافس الانتخابي لا يرتقي إلى صراع برامج، وإنما مرتبط بالمواقف الإيديولوجية والرهانات المستقبلية”.
وأضاف أن عددا كبيرا من ممثلي الأحزاب “لم يرتقوا إلى انتظارات الشارع التونسي من زاوية قدرتهم على الإقناع بأهمية برامجهم، وهو ما جعل الناخبين لا يعطون أهمية للبرامج الانتخابية والبدائل، ولكن ظلوا مشدوهين إلى كفاءات هذه الأحزاب ومدى قدرتها على أن تشكل بديلا للحكم في المرحلة القادمة”.
وفي نفس التوجه، أوضح سالم لبيض، المختص في علم الاجتماع، في تصريح صحفي، أن المواطن، بشكل عام، ” لا يهتم ولا يطلع على برامج الأحزاب”، وفي اعتقاده أن هناك عنصرين اثنين سيتحكمان في العملية الانتخابية القادمة كبديل عن البرامج؛ يتعلق الأول “بمصداقية الأشخاص على رأس القائمات الانتخابية”، أما العنصر الثاني فيتمثل في “مدى قوة الماكينة الانتخابية للحزب مقارنة ببقية المنافسين”.
ويبدو هذا التشابه في البرامج جليا، خصوصا من خلال التركيز على الجانب الأمني ومقاومة الإرهاب؛ حيث، على سبيل المثال، اعتبرت “حركة النهضة” أنه يتعين “التنسيق الإقليمي والدولي وتوفير الإمكانيات البشرية والمادية والتقنية للأجهزة المختصة لمحاصرة هذه الظاهرة والقضاء عليها”، كما أبرز “حزب المؤتمر من أجل الجمهورية” أن الأمر يتطلب، من بين ما يتطلب، “تحقيق نجاعة أمنية حقيقية ومستديمة داخل إطار الدولة الديمقراطية عبر تعزيز الإمكانيات التقنية والتدريبية للجيش والأمن، مع توجيه مجهوداتها نحو مكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب”.
وفي نفس الاتجاه، دعا حزب “التكتل من أجل العمل والحريات” إلى تكثيف برامج إعادة هيكلة المؤسسة الأمنية وتعزيز قدراتها ومعنوياتها لمجابهة الإرهاب والجريمة المنظمة عبر التكوين والتدريب وتوفير التجهيزات والتقنيات الحديثة، وخلق وكالة وطنية للاستخبارات تنسق العمل الاستخباراتي بين مختلف الوحدات والقوات الأمنية. وهو المسعى الذي يطالب به كل من حزب “آفاق تونس” من خلال الدعوة إلى “إنشاء وكالة وطنية للاستخبارات ملحقة بوزارة الداخلية، ومراقبة من قبل هيئة وطنية مختصة”، وحزب “الاتحاد الوطني الحر” عبر ” إحداث وكالة أمن قومي تعهد إليها مهمة الإشراف على الجانب الاستعلاماتي في الحرب على الإرهاب”.
ومن جهة ثانية، لاحظ متتبعون أن الجانب الاقتصادي احتل ثلثي البرامج الانتخابية للأحزاب السياسية في تونس في ظل “وضع اقتصادي صعب”، مسجلين أن هذه البرامج الاقتصادية تظل أبعد ما تكون عن “الواقعية والأجرأة العملية”، حيث “تنزع نحو التعميم والطوباوية والمزايدات الشعبوية وتفتقد إلى تحديد كيفية ووسائل تحقيق الأهداف المتضمنة فيها”.
واعتبر عدد من هؤلاء المتتبعين أن التوجهات على مستوى البرامج الاقتصادية، ارتكزت، بشكل أعم، على تصورين اثنين؛ يتمثل الأول في التركيز على تشجيع القطاع الخاص وتخفيض الضرائب والاعتماد على الدعم المالي الخارجي، أما التصور الثاني فيعطي للقطاع العام والدولة دورا اجتماعيا من خلال إعادة توزيع الثروات، والاهتمام بشكل أكبر بالأسر الفقيرة، وإرساء تنمية جهوية متوازنة أساسها العدالة الاجتماعية.
ولاحظوا أن أحزاب “الترويكا”، التي شاركت في الحكم بعد ثورة 2011، “راكمت خبرات مكنتها من تسطير أهداف، نسبيا، واقعية قابلة للتحقق”، في حين وضعت أحزاب أخرى “أهدافا عامة، دون خطوات أو وسائل لتطبيق تستند إلى أساس واقعي”، كما أنها “تنحو نحو الإيديولوجيا والشعارات الفضفاضة والوعود العامة”.
وعموما يرى عدد من المراقبين للشأن الاقتصادي أن هناك “فجوة بين تصورات الأحزاب وبرامجها وحقيقة الإمكانيات والموارد المالية للبلاد”، وهو ما يؤكده، في نظرهم على سبيل المثال، تقرير أصدره “المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا”، التابع لمجموعة البنك الدولي، الذي توقع أن لا يتجاوز معدل النمو في تونس نسبة 2.7 في المائة سنة 2015، وسجل أن اختلالات الاقتصاد وأجندة الإصلاح، التي لم يكتمل إنجازها، “تقف حجرة عثرة في طريق اجتذاب الاستثمارات المحلية والأجنبية اللازمة لتحقيق نمو مستدام”. وكذا تقارير البنك المركزي التونسي حول الوضع الاقتصادي والمالي “الحرج” وتوقعاته بأن نسب النمو “تتقلص” في كل مرة ولن تتجاوز هذه السنة نسبة 2 في المائة في أحسن الأحوال.
ومن هذه الزاوية، يطرح على هذه الأحزاب سؤال الإمكانيات والموارد المالية التي ستنجز بها برامجها الاقتصادية ووعودها “غير الواقعية في كثير من الأحيان” ؟…
وفي هذا الإطار أوضح نور الدين علوي، أستاذ علم الاجتماع السياسي، في تصريح مماثل للوكالة، أنه للتغطية على هذا العجز الكبير في طرح برامج واقعية تراعي الوضع الاقتصادي للبلاد لجأت بعض الأحزاب إلى “إثارة قضايا إيديولوجية” في محاولة للهروب إلى الأمام لتفادي بسط القضايا الحقيقية وكيفية معالجتها، “لتسقط في مزايدات ونزعات شعبوية” ، من قبيل “التشدق بشعارات حداثة شكلية أو شيطنة الآخرين” .
وأضاف أن الأمر “لا يدعو إلى الارتياح حيث أن هذه البرامج، في عمومها، ترفع عناوين وشعارات عامة من قبيل الانفتاح على الاقتصاد الدولي والاقتراض من المؤسسات الدولية لتمويل المشاريع والانفتاح على الاستثمار الخارجي”، مشددا على أن تحقيق الإصلاحات الاقتصادية الأساسية “أمر صعب المنال بالنظر إلى الوضع الاقتصادي الهش وارتفاع المديونية وهيمنة الاقتصاد غير المنظم بنسبة 50 في المائة”.
وبناء على كل ما سبق، يحذر بعض هؤلاء المراقبين من أن تشابه البرامج وعدم واقعيتها ولجوء أصحابها إلى “تسويق الأوهام” في مجال التشغيل والتنمية الجهوية والإصلاحات الهيكلية قد يدفع إلى الإقرار بأن المترشحين للاستحقاق الانتخابي المقبل لا يراهنون كثيرا على برامجهم الانتخابية، بل على اللجوء إلى “بورصة شراء الأصوات وتوظيف المال السياسي” لاستمالة الناخب التونسي، المتطلع إلى أن تشكل هذه الانتخابات محطة أساسية لتحقيق آماله في “التنمية والاستقرار”.

اقرأ أيضا

وزير الصحة والحماية الاجتماعية يستعرض بمجلس النواب الخطوط العريضة لبرنامج عمل القطاع لسنة 2025

الثلاثاء, 5 نوفمبر, 2024 في 21:38

استعرض وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، اليوم الثلاثاء بمجلس النواب، الخطوط العريضة لبرنامج عمل القطاع لسنة 2025.

قضية الصحراء المغربية تحقق مكاسب نوعية بفضل الدبلوماسية الاستباقية تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك (ندوة)

الثلاثاء, 5 نوفمبر, 2024 في 21:34

أكد المتدخلون خلال ندوة نظمت، اليوم الثلاثاء بالرباط، أن مسلسل الدفاع عن قضية الصحراء المغربية بات يحقق خلال مكاسب نوعية بفضل الدبلوماسية الاستباقية والجبهة الداخلية الموحدة تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.

الكويت تحتضن المؤتمر الرفيع المستوى الرابع حول تعزيز التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب وبناء آليات مرنة لأمن الحدود بمشاركة المغرب

الثلاثاء, 5 نوفمبر, 2024 في 20:41

احتضنت دولة الكويت يومي 4 و 5 نونبر الجاري المؤتمر الرفيع المستوى الرابع حول ” تعزيز التعاون الدولي في مجال مكافحة الإرهاب وبناء آليات مرنة لأمن الحدود – مرحلة الكويت من عملية دوشانبيه”، بمشاركة وفود عدة بلدان من بينها المغرب.

MAP LIVE

MAP TV

الأكثر شعبية