الأزمة السياسية بالبرازيل تستفحل بخروج حزب الحركة الديمقراطية البرازيلية من التحالف الحكومي

بقلم: نادية الهاشمي

برازيليا – بالخروج الرسمي لحزب الحركة الديمقراطية البرازيلية من التحالف الحكومي للرئيسة ديلما روسيف، تتخذ الأزمة السياسية الاقتصادية، التي تعصف بالبلاد منذ عدة أشهر، بعدا جديدا.

فإقدام الحركة الديمقراطية البرازيلية، الثلاثاء الماضي، على فك الارتباط مع حزب العمال بعد 14 سنة من التوافق في الحكم، زاد من حدة المخاوف بشأن تضامن التحالف الحكومي للرئيسة روسيف، التي تفقد يوما بعد آخر الدعم السياسي.

خروج الحزب من التحالف الحكومي، وهو الأمر الذي اعتبره الحزب العمالي “فرارا”، لقي ترحيبا من قبل أحزاب المعارضة، خاصة حزب الديمقراطية الاجتماعية الذي يرأسه أيسيو نيفيس، المرشح الذي خسر الانتخابات الرئاسية في 2014، والذي يرى في الأمر فرصة لم تكن في الحسبان للقيام بتغيير على رأس الحكومة وتعزيز حضور حزبه ضمن الحكومة الانتقالية، التي يرأسها نائب الرئيس، ميشيل تيمير.

وبعد أن خسرت دعم عدد كبير من نواب حزب الحركة الديمقراطية البرازيلية (69)، تخوض الرئيسة روسيف معركة على كافة الجبهات للحيلولة دون ضم المؤيدين للإقالة لمزيد من النواب.

وتأمل الرئيسة، من خلال محاباة الحزب التقدمي، القوي ب49 نائب وحزب الجمهورية، في أن تتمكن من سد الفراغ الذي تركه الحليف السابق وتأمين 172 صوتا على الأقل من أصل 513 من الأصوات، الضرورية على مستوى الغرفة السفلى للكونغرس الوطني لمنع توجيه الاتهام إليها أمام مجلس الشيوخ، حيث حظوظ إفلاتها من الاتهام تظل ضئيلة.

وليكون عزل الرئيسة نهائيا، يتعين قيام ثلثي نواب مجلس الشيوخ (54 من أصل 81) بالمصادقة على الإجراء.

كما تقوم الرئيسة بمساع لدى الحزب الاجتماعي الديمقراطي لتأمين دعم جزء من نوابه الÜ34، على الرغم من كون هذا الحزب كان قد أعلن، بداية الأسبوع، أنه سيترك لنوابه حرية التصويت وفقا لقناعاتهم.

وبرأي المتابعين للشأن البرازيلي من الخارج، فإن الوضع السياسي الراهن يتأرجح بشكل خطير لدرجة تشكيله “تهديدا جسيما للديمقراطية”.

ففي عريضة نشرت على شبكة الأنترنت تداولتها وسائل إعلام برازيلية، عبر عالم الاجتماع البرازيلي رينان كويناليا والعديد من الجامعيين والخبراء الدوليين، عن قلقهم الشديد بشأن محاولات المعارضة توظيف استراتيجية محاربة مزعومة للرشوة، لإقالة رئيسة تم انتخابها بطريقة مشروعة.

واعتبروا أن ما يجري حاليا على الساحة السياسية البرازيلية يعد مناورة شبيهة بتلك التي نهجتها المعارضة لإقالة جواو غولار، آخر رئيس يساري قبل وصول لويس إينياسيو لولا دا سيلفا إلى الحكم في 2002.

وكان قد تم تنحية الرئيس ال24 للبرازيل (7 شتنبر 1961 -31 مارس 1964) من خلال انقلاب نفذ سنة 1964، بعد تحميله مسؤولية التضخم التي تشهدها البلاد. وهو نفس الحجة التي استعملتها الرئيسة البرازيلية التي أدانت أمس الاربعاء “انقلاب” المعارضة.

وقالت إن ” الإقالة منصوص عليها في الدستور، لكننا نتحدث هنا عن حالة ملموسة جدا، بدون جريمة تتعلق بالمسؤولية، وهذا يسمى انقلابا “، معربة عن أسفها لسيادة مناخ الكراهية وعدم التسامح الذي أضحى يستشري أكثر فأكثر نتيجة للاستقطاب السياسي.

وبالإضافة إلى نضاله من أجل مستقبله السياسي، فإن على الرئيس أن يجري بأسرع ما يمكن تعديلا وزاريا لتعزيز تحالفاته الجديدة مع الأحزاب الستة التي مازالت ترتبط بتحالف مع حزب العمال، وتعويض وزراء حزب الحركة الديمقراطية البرازيلية السبعة، الذين طلبت منهم إدارة حزبهم الاستقالة.

وفي الوقت الراهن، وحده وزير السياحة الذي قدم استقالته عشية خروج حزب الحركة الديمقراطية البرازيلية، في حين أن آخرين أمثال وزير الصحة ووزير العلوم والتكنولوجيا ووزيرة الفلاحة يرغبون في مواصلة مهامهم على حساب حزب الحركة الديمقراطية البرازيلية.

وستكون الأسابيع المقبلة إذن حاسمة بالنسبة للسيدة روسيف التي ما تزال تأمل في إبعاد شبح الإقالة ووضع حد لمطامع نائب الرئيس الذي وضعته المعارضة مسبقا على رأس الحكومة بالنيابة التي ستقود البلاد إلى غاية إجراء انتخابات عامة سنة 2018 بمجرد إبعاد الرئيسة.