الأدب اللاتينوـ أمريكي قد يدخل “مائة سنة من العزلة” بعد رحيل من أوصله إلى العالمية
(من المراسل الدائم للوكالة : عبد المجيد شهبون)
مونتيفيديو – برحيل الروائي الكولومبي الجنسية العالمي الصيت، غابرييل غارسيا ماركيث، الذي توفي يوم الخميس الأخير بمكسيكو عن سن تناهز ال87 سنة، يكون الأدب اللاتينوـ أمريكي قد فقد أحد رموزه الذين استطاعوا الخروج به من المحلية إلى العالمية.
فبعد رحيل عدد من الأسماء البارزة أمثال كارلوس فوينتي، وخوان رولفو (المكسيك ) وخوسي مارتي (كوبا) وخوسي لويس بورخيس (الأرجنتين) وبابلو نيرودا ( تشيلي) ها هو الأدب اللاتينو- أمريكي مرة أخرى في حداد على فقدان أحد عمالقته، غابرييل غارسيا ماركيث أو “غابو” كما يلقب.
إلا أن ماركيث، الحاصل على جائزة نوبل للآداب سنة 1982، وإن كان قد رحل إلا أنه سيظل حاضرا على مر الزمان بفضل أعماله الغزيرة التي تشكل منهلا لا ينضب بالنسبة للأجيال القادمة التواقة إلى معرفة رؤية هذا الكاتب لثقافة وتاريخ أمريكا اللاتينية.
فقد خلف غابرييل غارسيا ماركيث وراءه العديد من الأعمال التي ترجمت إلى لغات عدة منها العربية. ومن هذه الأعمال ” مائة سنة من العزلة” (1962) ، و”خريف البطريرك” (1975)، و”قصة موت معلن” (1981)، و”الحب في زمن الكوليرا”( 1986)، ومن كتبه الحديثة “عشت لأروي” و”ذاكرة غانياتي الحزينات”.
وإذا كانت كل أعمال “غابو” قد حظيت جميعها باهتمام المثقفين عبر العالم، إلا أن رواية “مائة سنة من العزلة” كانت أوج عطائه حتى أنها اعتبرت من طرف النقاد بمثابة “كيخوتي أمريكا اللاتينية”، نسبة إلى مؤلف “دون كيخوتي ديلا مانتشا”، للكاتب القومي الإسباني المنتمي الى القرن السادس عشر ومرجعية اللغة الاسبانية على مدى الأزمنة، ميغيل دي ثييربانتيس.
وقد توفق ماركيث في كشف كنه وأغوار الفكر اللاتينو-أمريكي وتوظيفها في كتاباته التي أثمرت تيار “الواقعية السحرية “، وزعزعت أركان الأدب الإسباني للقرن العشرين، بفضل حيوية أسلوبها النثري، وثراء اللغة المعبرة عن الخيال الفياض لكاتبها.
وجاءت أعمال الكاتب كنتاج خبرة عميقة بتاريخ وواقع القارة، التي ينتمي إليها، والتي راكمها من خلال عمله كصحافي ونهله من مختلف روافد الفكر محليا وقاريا وعالميا.
فقد أدرك منذ تخرجه من كلية الحقوق أن العمل الصحفي هو مجاله المهني، بقوله آنذاك لأخته عايدة غارسيا ماركيز، ساخرا “ماذا سأفعل الآن بهذه الإجازة ” وكانت بدايته بصحيفة “أونيفيرسال” الكولومبية.
ولعل ما ميز تلك الفترة من حياته تردده على مجموعة من المفكرين بمدينة بارانكييا الكولومبية؛ من قبيل ألفونسو فوينماجور وألفارو سيبيدا ساموديو وخرمان بارغاس، وغيرهم، الذين أطلقوا على أنفسهم اسم “مجموعة بارانكييا” التي شكلت النواة الأولى للحركة الأدبية بكولومبيا خلال النصف الثاني من القرن العشرين.
وقد ساعده عمله، في بداية مشواره المهني، بصحيفة “هيرالدو” على التمرس على الكتابة والالتحاق بأشهر يومية بكولومبيا “إيل إسبيكتادور”، التي عمل بها لسنوات حازت خلالها مقالاته العديد من الجوائز، قبل أن يعين مراسلا لها بفرنسا ثم مراسلا لوكالة أنباء “برينسا لاتينا” بنيويورك.
وقد كان الراحل شغوفا بمهنة المتاعب التي اعتبرها دوما أفضل مهنة في العالم بقوله “أكتب لأكسب محبة أصدقائي”، وتحولت أغلب مقالاته إلى أعمال روائية من قبيل “حكاية غريق” بعد أن تشبع في قراءاته المكثفة بالكاتب النمساوي فرانس كافكا والكاتب الإيرلندي جيمس جويس.
وظل غارسيا ماركيث يزاوج ، أينما حل، بين العمل الصحفي والأدبي. وكان مقامه بباريس محطة بارزة في مساره الإبداعي التقى خلاله بالكاتب البيروفي ماريو بارغاس يوسا وأسهما معا في إشعاع ثقافة العالم الجديد.
وبعد أن حل بالمكسيك سنة 1962 بدأ فيها كتابة رائعته “مائة سنة من العزلة” والتي نشرت طبعتها الأولى عام 1967 ونفذت في ظرف وجيز.
وعلى الصعيد الإنساني، عرف عن ماركيث أنه بالرغم من تقربه من رجال السياسة أمثال فيدل كاسترو، وبيل كلينتون، إلا أنه كان كاتبا ملتزما، وتعاطف دوما مع اليسار، دون أن يكون منتميا لأي حزب، ودافع عن المنفيين من قبل الأنظمة الدكتاتورية التي حكمت عددا من بلدان أمريكا اللاتينية خلال سبعينات وثمانينات القرن، كما كان عضوا بمحكمة برتراند راسل ضد جرائم الحرب.
وبالرغم مما صدر أو سيصدر من شهادات في حق هذا الكاتب الكبير، إلا أنه لن يوفه مقدار مكانته. فالأمر الأكيد أن رحيله بالنسبة للأدب اللاتينو- أمريكي يؤرخ لنهاية مرحلة إشعاع على المستوى العالمي قد لا تتجدد إلا بعد مائة عام.
اقرأ أيضا
مجلس حقوق الإنسان.. السيد زنيبر يترأس أول اجتماع للمجلس الاستشاري المعني بالمساواة بين الجنسين
ترأس رئيس مجلس حقوق الإنسان، السفير عمر زنيبر، اليوم الاثنين بجنيف، الاجتماع الأول للمجلس الاستشاري المعني بالمساواة بين الجنسين، والذي تم إحداثه تحت الرئاسة المغربية.
متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر يحتفي بالذكرى العاشرة لتأسيسه
احتفى متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر،اليوم الاثنين بالرباط، بالذكرى العاشرة لتأسيسه، وذلك بتنظيم حفل رسمي، حضرته ثلة من الشخصيات من علم الثقافة والدبلوماسية والاقتصاد.
باريس انفرا ويك: البنية التحتية المستدامة، مجال متميز للتعاون بين المغرب وفرنسا (السيد بنشعبون)
باريس – أكد المدير العام لصندوق محمد السادس للاستثمار، محمد بنشعبون، اليوم الاثنين بباريس، أن مجال البنيات التحتية المستدامة يمثل مجالا متميزا للتعاون بين المغرب وفرنسا. وقال السيد بنشعبون، في كلمة ألقاها في ندوة نظمت في إطار اليوم الافتتاحي لأسبوع “باريس انفرا ويك”، أحد المواعيد الرائدة في أوروبا المخصصة لتمويل البنية التحتية، إن البنيات التحتية […]
أخبار آخر الساعة
-
مجلس حقوق الإنسان.. السيد زنيبر يترأس أول اجتماع للمجلس الاستشاري المعني بالمساواة بين الجنسين
-
متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر يحتفي بالذكرى العاشرة لتأسيسه
-
باريس انفرا ويك: البنية التحتية المستدامة، مجال متميز للتعاون بين المغرب وفرنسا (السيد بنشعبون)
-
مراكش: انعقاد المنتدى السنوي لأطراف “الشراكة من أجل تخزين الطاقة”
-
الحكومة واصلت التحكم في مستويات معقولة للواردات التي عرفت استقرارا نسبيا (السيد أخنوش)
-
الدار البيضاء: مؤسسة مسجد الحسن الثاني تضطلع بدور محوري في إدارة هذه المعلمة ونشر علوم الدين والفقه (السيد التوفيق)
-
انطلاق الأدوار الإقصائية للدورة التاسعة لبطولات المغرب للترويض والقدرة والتحمل والقفز على الحواجز بسيدي البرني
-
تنصيب هشام رحيل مديرا لمطار محمد الخامس بالدار البيضاء (المكتب الوطني للمطارات)