الأحزاب السياسية الموريتانية تدخل الخط المستقيم للسباق النهائي للفوز بمقاعد بالبرلمان والبلديات
( بقلم : محمد بن الشريف)
نواكشوط – تجرى يوم غد السبت الجولة الأولى من الانتخابات البلدية والتشريعية في موريتانيا بمشاركة 71 حزبا منها 11 تحالفا، فيما تقاطعها منسقية أحزاب المعارضة الديمقراطية ” الراديكالية ” باستثناء حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية، علما بأن أفراد الجيش والدرك والأمن سيصوتون اليوم الجمعة في مراكز انتخابية عادية.
وتسعى الأحزاب المشاركة في هذه الانتخابات، التي تشرف عليها لجنة مستقلة عوض وزارة الداخلية واللامركزية، إلى كسب ثقة مليون و250 ألف ناخب 47 منها ستتنافس على مقاعد 218 مجلسا بلديا وقرويا و 64 على 146 مقعدا بالجمعية الوطنية (الغرفة الأولى) بعد حملة انتخابية حامية الوطيس في بعض المناطق وفاترة في أخرى، شهدت مئات المهرجانات الخطابية والندوات والأمسيات والمسيرات لخطب ود الناخبين، لاسيما وأن اقتراع 23 نونبر المزدوج يأتي في ظرفية متميزة تستعد فيها البلاد للاحتفال يوم 28 نونبر بالذكرى 53 لعيد الاستقلال وهو ما يعطي لهذا الاستحقاق طعما خاصا لدى الموريتانيين.
لكن الملاحظ أن أحزابا قليلة هي التي ركزت في حملاتها الانتخابية على شرح برامجها أملا في استمالة الناخبين، فيما اكتفت البقية الباقية بوسائل الدعاية التقليدية وتمجيد مرشحيها وإبراز المظاهر الاحتفالية سبيلا إلى جلب المصوتين يوم الاقتراع، علما بأن الانتخابات البلدية والتشريعية، التي تأخرت عن موعدها بأكثر من سنتين، تعد الأولى من نوعها التي يحضر فيها ترشح اللامنتمين .
والملفت أنه لم يسبق لحملة انتخابية أن اكتست طابعا دينيا مثل هذه، ذلك أن العلماء والأحزاب ذات التوجه الإسلامي أضفوا على المواجهات السياسية نكهة دينية.
وظهر بوضوح استغلال الرموز الدينية لجذب اهتمام الناخبين بقوة في خطب مرشحين لأحزاب بعضها ذو خلفية إسلامية وبعضها ليس كذلك، بل حتى أن بعض خطباء الجمعة أضفوا نكهة السياسة على خطبهم ومنهم من دعا المشاركين في السباق الإنتخابي إلى تفادي التجريح والخطاب المتشنج لأن ذلك يتنافي مع قيم الديمقراطية والتعاليم الشرعية، معتبرين أن الترشح للانتخابات من أجل تحقيق أغراض شخصية يعد ” مخالفة شرعية صريحة ومعصية لله عز وجل”.
وحينما اقتربت الحملة الانتخابية من نهايتها برز الحديث عن الرشاوى التي تقدمها الأحزاب السياسية لاستمالة الناخبين المترددين، حيث تبادلت الأقطاب المتنافسة اتهامات تتعلق بدفع أموال في الخفاء واستعمال وسائل الدولة في الحملة الانتخابية، وهي التجاوزات التي سجلتها اللجنة المستقلة التي دعت كافة الشركاء في المسار الانتخابي إلى التقيد الكامل بالنظم الانتخابية وتجنب الانحرافات .
ولم تسلم اللجنة المستقلة نفسها من انتقادات وطعون عدد من الأحزاب السياسية سواء من الأغلبية الحاكمة أو المعارضة ” المحاورة ” أو المعارضة ” الرافضة” مؤاخذة عليها على وجه الخصوص طريقة عملها وانفرادها بالرأي وعدم التشاور مع الأطراف السياسية المعنية.
في الجهة الأخرى ، قامت منسقية أحزاب المعارضة الراديكالية بحملة مضادة بتفعيل أنشطتها التصعيدية حيث نظمت مسيرتين، واحدة راجلة وأخرى بالسيارات، ومهرجانات خطابية ، وحملة لجمع التوقيعات في إطار سعيها لإفشال الانتخابات التي تعتبرها ” أحادية ” و” فاقدة للشرعية “، بينما يرى مراقبون أن خيار المقاطعة الذي انتهجته يعد نوعا من الهروب من المعركة.
والملاحظ من زاوية التغطية الإعلامية للحملة دخول عدد من القنوات الفضائية والإذاعية الحرة في موريتانيا ، بعد تحرير الفضاء السمعي البصري في البلاد، حلبة التغطية الإعلامية للانتخابات البلدية والتشريعية ، وهو ما اعتبر “ظاهرة جديدة “على المشهد الانتخابي المواكب لهذه الاستحقاقات، كما أتاح تنوع وتعدد هذه القنوات الفرصة أمام المتنافسين لمخاطبة جمهور من الناخبين بأدوات السمعي البصري التي تعتبر أكثر وسائل الإعلام شعبية وقدرة على التأثير في القناعات.
بيد أن الهيئة العليا للصحافة والسمعيات البصرية (الهابا) سجلت أن بعض القنوات الخصوصية الإذاعية و التلفزيونية وبعض الصحافة المكتوبة والإلكترونية ” لم تتكيف بعد بصفة مطلقة مع ضوابط الدعاية السياسية في الفترة الانتخابية “.
ولضمان نزاهة وشفافية الانتخابات المقبلة، التي ستجري جولتها الثانية يوم 7 دجنبر القادم في حالة الاحتكام إليها، تم في الآونة الأخيرة إنشاء مرصد وطني لمراقبة اقتراع يوم 23 نونبر من بين مهامه تنسيق ومركزة التقارير والبيانات المتعلقة بالرقابة على الانتخابات، التي يعدها 190 مراقبا محليا تم اختيارهم بناء على اقتراح من منظمات المجتمع المدني ممن تتوفر فيهم شروط الاستقلالية والنزاهة.
وعلى الصعيد الخارجي سيشرف على مراقبة العملية الانتخابية حوالي 100 مراقب يمثلون جامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقى ومنظمة التعاون الإسلامي واتحاد المغرب العربي، فضلا عن مراقبين من بلدان عربية وإفريقية لاسيما من غرب إفريقيا، والذين سيتم توزيعهم على عدد من الولايات بالبلاد .
وعلى مستوى الأغلبية الحاكمة، يبدو أن حزبي الاتحاد من أجل الجمهورية والحراك الشبابي من أجل الوطن باتا الحزبين الرئيسيين في الصراع على تصدر ائتلاف أحزاب الأغلبية، بعد أن شهد الأول نزيفا صب في مصلحة الثاني. ورغم ترشح حزب الاتحاد في كافة الدوائر البلدية والنيابية في البلاد، إلا أن المراقبين يرون أن حزب الحراك الذي تتزعمه وزيرة الثقافة والشباب والرياضة لالة بنت الشريف يشكل تهديدا قويا لسيطرة الأول.
وبدورها تسعى ثلاثة من أحزاب المعارضة إلى خلافة حزب تكتل القوى الديمقراطية في زعامة المعارضة، وهي التحالف الشعبي التقدمي، والتجمع الوطني للإصلاح والتنمية المعروف اختصارا ب (تواصل)، وحزب الوئام الوطني، غير أن البعض يرى أن المنافسة ستقتصر على الحزبين الأولين.
ففي ما يخص الانتخابات البلدية يأتي حزب الاتحاد من أجل الجمهورية في الصدارة بتقديمه 218 لائحة، يليه حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية ذي التوجه الإسلامي الذي وصلت لوائحه إلى 155 لائحة، متقدما بفارق بسيط عن حزب التحالف الشعبي التقدمي الذي بلغ عدد لوائحه 150 فالوئام بمجموع 103 لوائح ثم الحراك الشبابي ب97 لائحة.
وعلى مستوى الانتخابات التشريعية ، بلغ عدد اللوائح التي تمت تزكيتها من طرف اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات437 لائحة تتنافس للفوز بـ 146 مقعدا هي مجموع مقاعد مجلس النواب (الجمعية الوطنية) يتصدرها حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم ب 49 لائحة، يليه حزب التحالف الشعبي التقدمي المعارض برئاسة مسعود ولد بلخير الرئيس الحالي للجمعية الوطنية بـ 38 لائحة وحزب الوئام الديمقراطي الاجتماعي المعارض بـ 30 لائحة وحزب التجمع الوطنى للإصلاح والتنمية ” تواصل” بـ 29 فحزب الحراك الشبابي (27 ) ، والتجمع من أجل الوحدة (17 ) والفضيلة ( 16 ) والصواب (14 ) والوحدة والتنمية (14 ) والرفاه والرباط والتحالف من أجل العدالة والتجديد الديمقراطى( 9 ) .
ومن أبرز المرشحين للبرلمان المقبل محمد محمود الأمين رئيس حزب الاتحاد أجل الجمهورية وبيجل ولد هميد رئيس حزب الوئام ومحمد غلام ولد الحاج الشيخ نائب رئيس حزب تواصل وصار إبرهيما رئيس حزب المعاهدة من أجل التغيير وعثمان ولد أبو المعالي عن حزب الفضيلة وعبد السلام ولد حرمة رئيس حزب الصواب.
وسجلت المرأة الموريتانية حضورا قويا في الانتخابات البرلمانية والبلدية حيث تمثل النساء أكثر من 35 في المائة من مجموع المرشحين، بزيادة 15 نقطة على العشرين في المائة التي يفرضها قانون التمييز الإيجابي لصالح النساء، بيد أن فريق َمناصرة المشاركة السياسية للمرأة اعتبر النسبة لا تتناسب إطلاقا مع حجم الدور الذي باتت تضطلع به المرأة في الحياة السياسية.
حزبا تواصل و التحالف كانا الأكثر تمثيلا، بينما اختارت الأحزاب الأخرى عدم تجاوز النسبة المخصصة أصلا وهي 20 بالمائة، فيما اختار حزب الاتحاد من أجل الجمهورية تقديم لوائح نسوية يقودها ” فريق وزاري ” يتشكل من عائشة بنت فرجس وزيرة الشؤون الاجتماعية والطفولة والأسرة ومولاتي بنت المختار الوزيرة السابقة في هذا المنصب وأماتي بنت حمادي وزيرة الوظيفة العمومية وعصرنة الإدارة .
ومن أبرز المرشحات أيضا للجمعية الوطنية الناها بنت مكناس،رئيسة حزب الاتحاد من أجل الديمقراطية والتقدم، أول امرأة تشغل منصب وزيرة خارجية في الوطن العربي، والمعلومة بنت بلال عن حزب التحالف الشعبي التقدمي، التي تعتبر إحدى السيدات المؤثرات في المجال الحقوقي في موريتانيا، وفاطمة بنت الميداح عن حزب التجمع الوطني للاصلاح والتنمية ، وهي من أسرة أهل الميداح الفنية المشهورة، وسهلة بنت أحمد زايد رئيسة حزب “حواء” ولالة بنت الشريف وزيرة الثقافة والشباب والرياضة رئيسة حزب الحراك الشبابي.
ويمني الرأي العام الموريتاني النفس بأن تطبع النزاهة والشفافية اقتراع يوم 23 نونبر وأن تكون الأحزاب على حجم المسؤولية ومستوى الحدث ويتحلى مرشحوها بأخلاق السياسي المرن ومرونة الأخلاقي المتزن ويختار الناخبون المرشح الأتقى لربه والأصلح لشعبه وأن ” يحكموا الضمائر خلف الستائر”، رغم أن عملية التصويت مازالت تخضع لمعايير أخرى من قبيل الانتماء العرقي أو القبلي والجهوي أو المنافع المادية .
اقرأ أيضا
المغرب يعمل بشكل حثيث على تحقيق أهداف منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (السيد حجيرة)
أكد كاتب الدولة لدى وزير الصناعة والتجارة المكلف بالتجارة الخارجية، السيد عمر حجيرة، اليوم الثلاثاء بالدار البيضاء، أن المغرب، باعتباره فاعلا اقتصاديا رئيسيا في إفريقيا، يعمل بشكل حثيث على تحقيق أهداف منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية.
السيدة بنعلي.. الوزارة ستواصل خلال سنة 2025 العمل على تسريع وتطوير مشاريع الطاقات المتجددة
أكدت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة ليلي بنعلي، اليوم الثلاثاء بمجلس النواب، أن الوزارة ستواصل العمل خلال سنة 2025 على تسريع وتطوير مشاريع الطاقات المتجددة.
موسم الشمندر السكري 2024-2025: كوسومار تروم مضاعفة المساحات المزروعة لتصل إلى 45000 هكتار
أطلقت مجموعة كوسومار الموسم السكري الجديد، مع برنامج يغطي 45000 هكتار، مقابل 23000 هكتار في العام السابق.
أخبار آخر الساعة
-
المغرب يعمل بشكل حثيث على تحقيق أهداف منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (السيد حجيرة)
-
السيدة بنعلي.. الوزارة ستواصل خلال سنة 2025 العمل على تسريع وتطوير مشاريع الطاقات المتجددة
-
موسم الشمندر السكري 2024-2025: كوسومار تروم مضاعفة المساحات المزروعة لتصل إلى 45000 هكتار
-
الأمريكيون يتوجهون إلى صناديق الاقتراع لاختيار الرئيس الـ47
-
المغرب يحظى بإعجاب كبير من النخب الفرنسية المهتمة بمستقبل إفريقيا (خبير فرنسي)
-
بانكوك: السيدة أخرباش تدعو لتقنين يصون حرية السوق الرقمية وحقوق مستخدمي الفضاء الرقمي
-
الأسبوع العربي الأول في اليونسكو: الثقافة المغربية تبصم على مشاركة بارزة
-
بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي