آخر الأخبار
احتفالات أعياد الميلاد.. السنغال نموذج يحتذى للتعايش الديني في عالم تقطع أوصاله النزاعات

احتفالات أعياد الميلاد.. السنغال نموذج يحتذى للتعايش الديني في عالم تقطع أوصاله النزاعات

السبت, 31 ديسمبر, 2016 - 11:49

 (بقلم: عبد اللطيف أبي القاسم من مكتب دكار)

دكار – ارتدت العاصمة السنغالية دكار، وهي تنهي سنة 2016، حلة جديدة احتفالا بأعياد الميلاد التي يحييها المسيحيون في سلام ووئام في هذا البلد الذي يفوق عدد ساكنته من المسلمين 94 في المائة حسب إحصائيات رسمية.

ويطالع زائر حي بلاطو، وسط العاصمة السنغالية، مظاهر الاحتفال العديدة بحلول السنة الميلادية الجديدة؛ أشجار النويل المزينة بأشرطة مختلف ألوانها، تؤثث المتاجر والصيدليات والمطاعم، و تغمرها أضواء المصابيح البيض عندما يأتي المساء.

وتزين الحلويات من مختلف الأحجام والمكونات رفوف العرض بالمخابز ومحلات بيع الحلويات فرحا بالعام الجديد، فيما اجتهدت بعض المطاعم في تقديم عروض سخية لتنظيم حفلات عشاء جماعية خلال رأس السنة.

ويشهد سوق “سانداغا”، القلب النابض للحركة التجارية بدكار، بدوره، حركة دؤوبة بهذه المناسبة الدينية المسيحية، حيث يعرض الباعة لوازم الاحتفالات بهذه المناسبة، من أشجار الميلاد، وأدوات تزيينها، ومصابيح ومنتوجات أخرى يتخذها الناس هدايا لبعضهم.

ويجد الأطفال بدورهم حظهم من الاحتفالات حيث يحرص الآباء على اقتناء ألعاب وألبسة جديدة لهم سواء منهم المسلمون أو المسيحيون، في تجل رفيع للتعايش بين أتباع الديانتين في بلاد التيرانغا (الضيافة بلغة الوولوف). 

لاشيء يفسد على السنغاليين احتفالاتهم وأعيادهم ومناسباتهم الدينية، بل إن التعايش بين المسيحيين والمسلمين في هذا البلد ضارب في التاريخ، لدرجة أن الأديب ليبود سيدار سنغور، الذي كان أول رئيس للسنغال لمدة عشرين سنة (1960-1980) كان مسيحيا، بما يجعل من السنغال نموذجا يحتذى للتعايش الإسلامي المسيحي في عالم تقطع أوصاله النزاعات الطائفية.

وعن هذا التعايش النموذجي يقول آبي جيرار ديين، قس كاتدرائية دكار، إن “العيش في تناغم وسلام بين المسيحيين والمسلمين هو إرادة الأغلبية الساحقة للسنغاليين.. هذا ما تناقلناه عن أجدادنا، ومن واجبنا الحفاظ عليه”.

واعتبر ديين في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه “في السنغال، هناك بلد يجب ان نبينه. ومصلحة بلدنا تجبرنا على الجلوس إلى الطاولة نفسها لنبنيه معا”، موضحا أن “التناغم هو أول ما يجب أن نرسيه.. أن تكون لنا الرؤية ذاتها لتطوير السنغال الذي يمر عبر تطوير جميع السنغاليين مهما كانت ديانتهم”. وبخصوص الاحتفالات بأعياد الميلاد في السنغال، أكد ديين، إنه سواء في هذه المناسبة الدينية، أو في غيرها من المناسبات الدينية الإسلامية والمسيحية على السواء، فإن الجميع يتقاسم الاحتفال.

وقال في هذا الصدد “أنا أعمل عادة في قرى نائية عندما يحل فيها عيد إسلامي فإن النساء المسيحيات هن من يتولين مهمة الطبخ، والعكس صحيح أيضا”.

وأضاف أنه “عندما يكون العيد مسيحيا يقول لنا المسلمون صلوا من أجلنا، وعندما يكون العيد إسلاميا نقول للمسلمين صلوا من أجلنا. نحن جميعا نصلي من أجل بلدنا ومن أجل العالم”.

وعن الرسالة التي يرغب في توجيهها للعالم في سياق النزاعات الطائفية والدينية التي تسود العديد من مناطقه، يقول قس كاتدرائية دكار، إن المطلوب هو “قبول الاختلاف واحترام الاختلاف وحب الآخر في اختلافه. وإذا كنا نؤمن بوجود الله، فإن الله  رب العالمين”.

بدوره، قال المرشد أحمد إيان تيام، رئيس المجلس الأعلى الإسلامي في السنغال، في تصريح مماثل، إن التعايش بين المسلمين والمسيحيين في السنغال يشكل “حقيقة لا مراء فيها”، وذلك امتثالا لتعاليم الديانتين الإسلامية والمسيحية اللتين تروجان للسلم وتدعوان لإرسائه.

وأوضح تيام إن هذا التعايش يظهر جليا في العديد من مجالات الحياة اليومية، ولا سيما في المناسبات الاجتماعية كالعقيقة والجنازة، أو المناسبات الدينية، مشيرا في هذا الصدد إلى أن التعاون والتواد هو السمة الطاغية على العلاقات بين أتباع الديانتين في السنغال.

وحسب رئيس المجلس الأعلى الإسلامي، فإنه “كثيرا ما يحضر ممثلون من مستوى رفيع عن الكنيسة  للاحتفالات الدينية عند المسلمين، كما أن القادة المسلمين يحضرون في الاحتفالات المسيحية”، معتبرا أن “هذا الوضع من الاحترام والتعايش هو الذي يجب أن يسود وأن نتمسك به”.

وأشار إلى أنه خلال شهر دجنبر الجاري، على سبيل المثال، احتفل المسلمون بذكرى المولد النبوي الشريف، فيما احتفل المسيحيون بأعياد الميلاد، وذلك في تناغم وتحاب بينهم. “فالتعايش في السنغال بين المسلمين والمسيحيين يتسم بصبغة الاتحاد والوحدة”.

هكذا إذن، تؤكد السنغال أن الاختلاف في الدين يشكل مصدر ثراء وغنى في المجتمع، وأن تنوع الديانات الذي يوقع الضحايا في العديد من دول العالم هو نفسه التنوع الذي يجعل من بلاد التيرانغا نموذجا يحتذى للتعايش والتسامح بين أتباع الديانات.

اقرأ أيضا

أولمبياد باريس 2024.. راكب الأمواج المغربي رمزي بوخيام يتأهل إلى الدور الثالث

الإثنين, 29 يوليو, 2024 في 10:49

تأهل راكب الأمواج المغربي، رمزي بوخيام ، ليلة الأحد – الاثنين، بتيهوبو في تاهيتي، إلى الدور الثالث لمسابقة ركوب الأمواج، ضمن دورة الألعاب الأولمبية (باريس 2024).

بورصة الدار البيضاء : أداء إيجابي في تداولات الافتتاح

الإثنين, 29 يوليو, 2024 في 10:23

استهلت بورصة الدار البيضاء تداولاتها اليوم الإثنين بأداء إيجابي، حيث سجل مؤشرها الرئيسي “مازي” نموا بنسبة 0,38 في المائة ليستقر عند 13.824,97 نقطة.

حرائق الغابات.. خطورة “متوسطة” إلى “قصوى” من 29 إلى 31 يوليوز بعدة أقاليم (الوكالة الوطنية للمياه والغابات)

الإثنين, 29 يوليو, 2024 في 9:15

تتوقع الوكالة الوطنية للمياه والغابات خطورة “متوسطة” إلى “قصوى” لاندلاع حرائق الغابات بعدد من أقاليم المملكة، وذلك خلال الفترة من 29 إلى 31 يوليوز الجاري.