إصلاح مجلس الشيوخ..رهان كبير يحرك الساحة السياسية الإيطالية

إصلاح مجلس الشيوخ..رهان كبير يحرك الساحة السياسية الإيطالية

الخميس, 17 سبتمبر, 2015 - 14:02

روما- (إعداد محمد بدوي) – بعد إعلانه منذ تنصيبه العزم على “تغيير إيطاليا”، نجح رئيس الوزراء الشاب ماتيو رينزي (40 عاما)، بطريقة أو بأخرى، في مسعاه عن طريق اعتماد سلسلة إصلاحات يصفها البعض بالطموحة وتهدف إلى إنعاش النمو في البلاد ومحاربة البطالة على المدى القصير.

ومن الواضح أن الأمر لم يخل من مقاومة شديدة للمنتقدين والخصوم السياسيين حتى داخل تشكيلته “الحزب الديمقراطي”، الذين يتهمونه برفع شعار الإصلاح لإخفاء “فشله” في المجال الاقتصادي.

“ماذا ستطعم الإيطاليين إصلاح مجلس الشيوخ؟ هذا ما قالته عضو في مجلس الشيوخ من حزب اليسار “البيئة والحرية”.

ولدى توليه السلطة في فبراير 2014 حاملا وعودا بمحاربة البطالة وإنعاش النمو الاقتصادي البطيء في بلد أنهكته الديون، وإنهاء الجمود المؤسسي المتواتر وإدارة تتهم باستمرار بعدم الكفاءة، فتح رينزي ورشا للإصلاحات، أكثر طموحا، ولكن أيضا أكثر إثارة للنقاش، هي تلك تهم مباشرة المجال السياسي، من قبيل إصلاح القانون الانتخابي وإصلاح مجلس الشيوخ، ما أدى إلى تدفق انتقادات لاذعة في حقه.

وحصل إصلاح القانون الانتخابي أخيرا على الضوء الاخضر من البرلمان في ماي الماضي. وهكذا تمت المصادقة على إصلاح النظام الانتخابي الذي وعد به رينزي منذ توليه منصبه، بعد “معركة صعبة” في مجلسي الهيئة التشريعية وعلى الرغم من مقاطعة التصويت من قبل المعارضة و رفض أقلية ضمن حزب رئيس الوزراء نفسه.

ويهدف هذا الإصلاح إلى إنهاء حالة عدم الاستقرار السياسي المزمن للنظام الإيطالي المعقد مع ضمان صلاحيات كاملة لماتيو رينزي حتى سنة 2018، تاريخ إجراء الانتخابات العامة المقبلة. وقال معربا عن ارتياحه “من الآن فصاعدا ستتضح الحكومة والفائز في الانتخابات لمدة خمس سنوات”.

وبعد خروجه منتصرا من هذه “المعركة الأولى”، قرر رينزي أن يباشر الإصلاح الدستوري الآخر البارز في برنامجه، والذي يسعى إليه بقوة، وهو إصلاح مجلس الشيوخ. هذا الإصلاح في الواقع في صلب النقاشات والجدل اللامنتهي الذي ميز الدخول السياسي لهذه السنة. ويتجلى ذلك من خلال حوالي 510 آلاف تعديل قدمها سياسيون معارضون لمشروع القانون المتعلق بإصلاح الغرفة الثانية، والذي سيتم تقديمه لمجلس الشيوخ من أحل قراءة ثانية ابتداء من اليوم.

وأمام شدة المقاومة ومحاولات لمواجهة خطة الحكومة، لا يفتأ رئيس الوزراء يردد “إننا نمضي في الإصلاحات، سواء راق لهم ذلك أم لم يرق”.

وقال “هناك نوعان من إيطاليا. واحدة تفعل كل شيء للخروج من أزمتها، وأخرى لا تتوقف عن الشكوى. ففي الجنوب كما في الشمال، هناك أشياء كثيرة يجب أن تتغير. أنا أقاضى أجرا للقيام بذلك”.

وكان رينزي قدم في منتصف شهر يوليوز من سنة 2014 مشروع إصلاح مجلس الشيوخ، فتوالت ردود الفعل وجعلت الرؤى تتقاطع على طرفي نقيض، حيث إحداها مؤيدة وأخرى، يدافع عنها حتى زعماء سابقون للحزب الديمقراطي، لا ترى في الإصلاح سوى طريقة يفرض بها رينزي دكتاتوريته.

ويحتج كثير من هؤلاء على التشكيلة المقترحة للغرفة العليا المقبلة، التي تشكل موضوع المادة 2 من مشروع قانون الإصلاح.

وستضم الجمعية الجديدة 100 فقط من أعضاء مجلس الشيوخ، ولن ينتخب أعضاء المجلس في المستقبل من قبل الناخبين ولكن عن طريق المجالس الإقليمية ورابطة العمد. كما لن يتقاضوا أية أجور وهو ما سيمكن الدولة من توفير 500 مليون أورو.

ويمكن لمجلس الشيوخ في صيغته الجديدة أن يقترح توصيات لتغيير نصوص القانون التي يصادق عليها مجلس النواب. وسيبقى رأيها استشاريا ويمكن لمجلس النواب تجاوز الأغلبية المطلقة. وفيما يتعلق بالنصوص المرتبطة بالميزانية، فلن يكون لمجلس الشيوخ سوى 15 يوما لطلب اقرار تغييرات.

وسيتم سحب سلطة الرقابة على الحكومة وكذا التصويت على التنصيب. وبالمثل، فإنه لن يتأتى له التصويت على القوانين العادية، ولكن فقط المتعلقة بالميزانية والتعديلات الدستورية والقوانين الانتخابية والتصديق على المعاهدات الدولية.

ويتضمن مشروع الإصلاح أيضا تغييرا بخصوص موضوع المنتخبين البالغ عددهم ألف والذين يختارون رئيس الجمهورية. وسيتم استبعاد المجالس الإقليمية حيث لن يخول حق التصويت إلا للنواب وأعضاء مجلس الشيوخ الجدد البالغ عددهم 100.

بالإضافة إلى ذلك، ستكون هناك حاجة لإجراء تسع جولات من الاقتراع (بدلا من أربعة) قبل إعلان الانتخابات بالأغلبية المطلقة.

وللتوصل إلى ذلك، يجب التصويت على هذا الإصلاح الدستوري مرتين في نفس الآجال من قبل كلا المجلسين، وهو ما أدى إلى الصعوبات الحالية. ففي القراءة الأولى يمكن تغيير النص، ولكن في القراءة الثانية، تتم الموافقة عليه أو رفضه جملة. وإذا لم تتوفر أغلبية الثلثين على الأقل في القراءة الثانية فيجب تقديم النص للاستفتاء.

وتستمر رحلة رينزي الطويلة والمليئة بالعقبات بالنظر لكونه لا يتوفر على أغلبية حقيقية في مجلس الشيوخ مع مناهضة أقلية من حزبه بقيادة أمناء عامين سابقين. وبالإضافة إلى ذلك، فإن نتائج الانتخابات الإقليمية والإدارية التي جرت في ماي ويونيو من العام الجاري والتي شكلت انحسارا لموجة صعوده، ستضطره على الأرجح، حسب الملاحظين، إلى تقديم بعض التنازلات.

وفي جميع الحالات، إذا كان البرلمان قد صادق على الإصلاح الانتخابي، فإن الشكوك ما زالت تخيم على إصلاح مجلس الشيوخ، ويجري النظر في عدة سيناريوهات بما في ذلك فشل رينزي في تمرير هذا الإصلاح.

وإذا تحقق هذا السيناريو، فمن المحتمل العودة إلى قانون الانتخابات لسنة 2005، مع تغييرات تهم غياب قسط الأغلبية وإدخال الأفضليات في انتخاب الأعضاء.

وفي انتظار نتائج المناقشات في مجلس الشيوخ ابتداء من اليوم الخميس، فإن رينزي صرح بأنه متفائل بشأن مصير هذا “الإصلاح المهم الذي سيغير المشهد السياسي الإيطالي”، مشددا على أنه يجب التصويت عليه قبل 15 أكتوبر المقبل، أي قبل عرض قانون الاستقرار المالي.

اقرأ أيضا

الإحصاء العام للسكان والسكنى 2024: انتهاء مرحلة تجميع المعطيات من لدن الأسر (المندوبية السامية للتخطيط)

الثلاثاء, 1 أكتوبر, 2024 في 21:28

أعلنت المندوبية السامية للتخطيط أن مرحلة تجميع المعطيات لدى الأسر في إطار الإحصاء العام السابع للسكان والسكنى قد انتهت مع حلول منتصف ليلة أمس الإثنين، وشهدت تجاوبا كبيرا أبدته الأسر والساكنة.

الرباط.. التوقيع على اتفاقية إطار للشراكة تهدف إلى تسريع الانتقال نحو اقتصاد أخضر ومنخفض الكربون

الثلاثاء, 1 أكتوبر, 2024 في 20:38

وقعت وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة وصندوق الإيداع والتدبير (CDG)، اليوم الثلاثاء بالرباط، اتفاقية إطار للشراكة بهدف تسريع النتقال نحو اقتصاد أخضر ومنخفض الكربون.

افتتاح المنتدى الأكاديمي-الصناعي الدولي الأول بالرباط

الثلاثاء, 1 أكتوبر, 2024 في 16:21

افتتحت، اليوم الثلاثاء بالرباط، فعاليات المنتدى الأكاديمي-الصناعي الدولي الأول، بمبادرة من المدرسة الوطنية العليا للفنون والمهن التابعة لجامعة محمد الخامس بالرباط، وبشراكة مع غرفة التجارة والصناعة والخدمات لجهة الرباط-سلا-القنيطرة.