أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس يؤدي صلاة الجمعة بمسجد للا أسماء بالرباط

الرباط- أدى أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، اليوم، صلاة الجمعة بمسجد للا أسماء بمدينة الرباط.

وذكر الخطيب في مستهل خطبتي الجمعة، أنه بعد مرور أقل من أسبوع على تخليد ملحمة المسيرة الخضراء المظفرة، تقترب ذكرى ملحمة أخرى، هي ملحمة جهاد الأمة بقيادة العرش في سبيل استقلالها وانعتاقها، “جهاد شاق، طويل ومرير، أمام قوة وجبروت المحتل، ووجه بالإيمان الراسخ بعدالة القضية، وصدق القلوب، وإباء النفوس، وقوة العزائم وعلو الهمم، إلى أن أجبر الاستعمار الغاشم على إعادة رمز الأمة، الملك المجاهد مولانا محمد الخامس طيب الله مثواه إلى عرشه”.

وأوضح أن المغرب مرت عليه فترات عصيبة جثم فيها المحتل على صدر هذه الأمة، وحاول إشاعة الفرقة بين أبنائها، مضيفا أن الله “قيض لبلادنا من أبنائها الأشاوس البررة، ملكا شهما أبيا، آثر مرارة النفي على أبهة الملك، فقاد شعبه مسترخصا كل غال ونفيس، في سبيل الحرية والاستقلال، وحقق الله على يديه الفتح المبين، والنصر المكين، فدكت صروح الظلم والطغيان، واستعادت البلاد حريتها المغصوبة، وكرامتها المسلوبة”.

وأبرز الخطيب أن الاحتفال بالأعياد الوطنية، هو مبعث للشعور بالفخر والاعتزاز، ومناسبة متجددة للتعبئة العامة نحو مزيد من المنجزات وجلائل الأعمال، بعد أن نهض المغرب من كبوته، ورفع رأسه عاليا، وتبوأ مكانه بين الأمم، وتبدل حاله من ذل إلى عز، ومن استعباد إلى انعتاق، ومن تبعية إلى ملك المصير.

واعتبر أن تحرير الأوطان وإنشاء الحضارات وبناء أمجاد الأمم، لا ينهض إلا على أكتاف العمالقة من الرجال والنساء، المتحلين بصفات المواطنة الصادقة، والغيرة الشديدة على الوطن، التي لا يعتريها ريب ولا شائبة ولا خداع ولا نفاق، مشيرا إلى أن القرآن الكريم حث على أن تلتزم الأمة الحذر واليقظة، وأن تحرص أشد الحرص على تخليص صفوفها من كل العناصر المدسوسة، لأنها أشد خطرا عليها من الأعداء، بما تبثه من الخور والضعف في الصفوف، وبما تثيره من فتنة واضطراب في النفوس، وما تلقيه من وهن وخذلان في الهمم والعزائم.

وقال إن منابر المساجد، التي كانت دوما في طليعة النضال الوطني، عليها اليوم مسؤولية الدعوة إلى العمل الصادق، والحذر الفائق، حتى يكون كل أبناء هذا الوطن على بصيرة من أمور بلدهم، فاهمين فهما صحيحا للحقائق التي تأتي من نطق ولي أمرهم وحامي حمى وطنهم.

ومن جهة أخرى، ذكر الخطيب بقول الله عز وجل في محكم كتابه “يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون”، موضحا أن نعمتي العبادة وفعل الخير المذكورتين في هذه الآية، مبنيتان على نعم وأسباب أخرى من الله تعالى، منها نعمة الحرية والاستقلال ، ونعمة الطمأنينة والأمن والاستقرار “التي نرفل فيها والحمد لله، في ظل هذه الإمامة العظمى، إمامة إمارة المؤمنين”.

ومن شروط كمال العبادة على صعيد الفرد، يضيف الخطيب، نعمة الزواج والاقتران بشريك الحياة، على أساس المودة التي تثمر المتعة في الدنيا وتهيئ للجزاء العظيم عند الله في الآخرة، مؤكدا أن حفلة العرس بمباهجها وإشهارها داخلة في الشكر على النعمة وإعلاء قيمة رباط الزواج وما يصحبه من اغتنام الفضل والبركة، وتشجيع الأمة على التحصن به والاستعانة بسكينته على ما ندبت إليه الآية المذكورة من العبادة وفعل الخيرات.

وأبرز أن من نعمة الله على هذه الأمة، “ما تتميز به أعرافها من البهجة التي تصحب تدينها، فتزيد من قدسية الدين جمالية الحياة المشروعة، فبارك الله في أعمال أمير المؤمنين الذي يحمي للأمة أمنها، ويحمي لها ثقافتها الجمالية، وبارك لأسرته الصغرى وأسرته الكبرى في تعبدها ومسراتها”.

وفي الختام تضرع الخطيب إلى المولى عز وجل بأن ينصر أمير المؤمنين، وحامي حمى الملة والدين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصرا عزيزا يعز به الدين، ويجمع به كلمة المسلمين، وأن يقر عين جلالته بولي عهده صاحب السمو الملكي، الأمير الجليل مولاي الحسن، ويشد عضده بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير السعيد مولاي رشيد، ويحفظ جلالته في كافة أسرته الملكية الشريفة، وفي شعبه المتشبث بأهداب عرشه المنيف.
كما رفعت أكف الضراعة إلى الله تعالى بأن يغدق شآبيب مغفرته ورحمته ورضوانه على الملكين المجاهدين، مولانا محمد الخامس، ومولانا الحسن الثاني، ويكرم مثواهما ويطيب ثراهما، ويجزيهما على ما قدما للوطن والمسلمين، ويجعلهما في مقعد صدق مع الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا.