أزيد من مائة يوم على إجراء الانتخابات التشريعية بإسبانيا ولا شيء في الأفق يشير إلى قرب تشكيل الحكومة

(حسن سعودي)

مدريد – يبدو أن الأحزاب الإسبانية غير متحمسة بشأن تشكيل حكومة جديدة تخرج البلاد من الجمود السياسي الذي تعيشه منذ أزيد من مائة يوم بعد الانتخابات العامة الأخيرة التي جرت في دجنبر 2015.
فكل حزب متمسك برأيه وشروطه ووحده المواطن مل من هذا الوضع الذي بات يرهن الحياة السياسية والاقتصادية في رابع قوة اقتصادية بمنطقة الأورو، بل ويذهب الكثير من المحللين إلى أنها تسير نحو انتخابات جديدة، التي يؤكد الفاعلون السياسيون أنهم لا يفضلونها، لكنهم يعدون لها العدة في الكواليس.
الاشتراكيون، وإن اتهموا صراحة حزب بوديموس اليساري الراديكالي، بعد اجتماع الخميس الماضي بين زعيميهما وزعيم حزب سيوددانس الليبرالي، بعرقلة الجهود الرامية إلى تشكيل حكومة تغيير تقطع مع أربع سنوات من حكم الحزب الشعبي، أكدوا مرة أخرى أنهم لن يرفعوا أيديهم إلى حين تشكيل حكومة جديدة.
وما فتئ زعيم الحزب الشعبي ورئيس الحكومة المنتهية ولايتها يؤكد في كل مرة على أن لا مخرج للجمود الذي تعيشه البلاد منذ 20 دجنبر الماضي، سوى بإقامة تحالف كبير يضم المحافظين والاشتراكيين إلى جانب حزب سيوددانوس، وسط يمين، لمواصلة الإصلاحات التي بدأت قبل أربع سنوات وتجنب أزمة اقتصادية جديدة.
هذا هو حال المشهد السياسي الإسباني الحالي الذي تشير كل الحسابات إلى أن لا حزب من الأحزاب الممثلة في البرلمان قادر على تشكيل حكومة بمفرده دون الدخول في تحالفات مع الآخرين، أو ضمان امتناع إحداها عن التصويت لتشكيل حكومة أقلية، وهو أمر مستبعد جدا في الوقت الراهن.
ومع مرور الوقت تتأكد الفجوة سواء بين الحزبين الإسبانيين التقليديين، الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني والحزب الشعبي، أو بين الوافدين الجديدين، بوديموس وسيوددانس، خاصة بعد شروط الأول، التي منها دعم مسلسل تنظيم استفتاء تقرير المصير في كاتالونيا، ورد الثاني بأنه لن يتفاوض مع من يسعون لتقسيم إسبانيا.
وبحسب المراقبين فإن حزب بوديموس لا يرغب في دخول حكومة ائتلاف، ويفضل حكومة يسارية تجمع كل أطياف اليسار الإسباني بما فيهم الأحزاب القومية الساعية للانفصال، وهو أمر ترفضه الأحزاب الأخرى التي تؤكد على أن المس بالوحدة الترابية لإسبانيا أمر غير مقبول، وخطا أحمر لا يمكن تجاوزه.
ويرى البعض أن لا مخرج من هذا الجمود السياسي سوى بتشكيل حكومة إنقاذ وطني لقطع الطريق على إمكانية تشكيل حكومة أقلية غير قادرة على مواصلة الإصلاحات الاقتصادية والتصدي للنعرة الاستقلالية بكاتالونيا، وهو أمر يحبذه المحافظون وبعض الاشتراكيين أيضا.
وفي حال فشل كل المحاولات فيبقى الاحتكام لصناديق الاقتراع من جديد، أمر لا مفر منه، وإن كان أي من الأحزاب السياسية لا يرغب في ذلك، خوفا من عزوف الناخبين، الذين عبر 90 بالمائة منهم بحسب استطلاعات الرأي عن مللهم من اللايقين السياسي في البلاد.