آخر الأخبار
نحو واحات متأقلمة.. أو عندما تتم ترجمة برنامج التكيف المناخي بواحات تافيلالت الى مؤشرات حقيقة للتنمية السوسيو-اقتصادية والايكولوجية

نحو واحات متأقلمة.. أو عندما تتم ترجمة برنامج التكيف المناخي بواحات تافيلالت الى مؤشرات حقيقة للتنمية السوسيو-اقتصادية والايكولوجية

الإثنين, 20 يونيو, 2016 - 12:12

الرشيدية – بفضل التقائية المشاريع وتحقيق التوازن بين ثالوث البعد الاجتماعي والاقتصادي والايكولوجي، تمكن برنامج التنمية المجالية لواحات تافيلالت أن يشكل تجربة اقليمية نوعية ونموذجا وطنيا في مجال الهندسة المجالية والتنمية المستدامة والتأقلم مع التغيرات المناخية.

وتمكن هذا البرنامج العشري (2016/2006)، الذي بلغت ميزانيته أزيد من  113 مليون درهم بمساهمة عدة شركاء وطنيين ودوليين واستهدف 29 جماعة قروية وحضرية بإقليم الرشيدية، من تحقيق الاهداف المسطرة  الشيئ الذي يعكس توجهات المملكة الرامية الى تعزيز تنمية مستدامة تحترم التوازنات البيئية.

وقد جاء برنامج واحات تافيلالت لبلورة الدراسة التي انجزتها مديرية اعداد التراب الوطني سنة 2004 والتي شكلت استراتيجية مرجعية ومخططا وطنيا للواحات حددت كهدف أساسي البحث عن السبل الاكثر نجاعة لتدبير أفضل ومقتصد للموارد المائية.

والأكيد أن برنامج التنمية المجالية لواحات تافيلالت،الى جانب مشروع الطاقة الشمسية بمدينة ورزازات باعتباره أكبر مشروع وطني بجهة درعة-تافيلالت في مجال الطاقات المتجددة، يعكس الارادة القوية للمملكة وانخراطها  الطوعي في مكافحة التغيرات المناخية ، حيث يمكن أن يشكل مثالا واقعيا من بين نماذج أخرى ناجحة على الرؤية الاستباقية للمغرب في مواجهة آثار تلك التغيرات خاصة بمناطق تتسم بالهشاشة وتواجه بفعل ذلك عدة إكراهات وتحديات.

  وبلغة الارقام تركزت مجالات تدخل البرنامج  حول 9  مجالات عبر 88 مشروعا من قطاع الموروث (6  مشاريع) ، وقطاع الماء ( 13 مشروعا) ، والمنتوجات المحلية والنباتات العطرية والطبية ( 16 مشروعا )، والحكامة ( 7 مشاريع )، والسياحة الايكولوجية  ( 15 مشروعا)، الى قطاع  الفلاحة الايكولوجية  (6 مشاريع)،  و الطاقة الشمسية (7 مشاريع) ، و التواصل (15  مشروعا)، و التربية البيئية ( 3  مشاريع) .

  وقد حدد برنامج واحات تافيلالت 6 أهداف رئيسية لبرامجه وأنشطته والتي تمثلت في تطوير رؤية تنموية مستدامة للواحات، وبلورة مشروع ترابي يعتمد على وثائق التخطيط الاستراتيجي الترابي تأخذ بعين الاعتبار المحافظة على الواحات وتثمينها وسيناريوهات التغيرات المناخية، و تقليص مستوى تدهور الواحات في الجماعات الترابية المستهدفة وذلك للحد من الفقر في اوساط الساكنة ومحاربة الاقصاء الاجتماعي وتحسين ظروف عيش الساكنة ، و تعزيز الاطار المؤسساتي والقانوني بما يضمن المحافظة على المنظومة البيئية للواحات وتثمينها المستدام، ووضع استراتيجية للتواصل ونظام للمعلومات وتدبير المعارف والتتبع والتقييم ثم وضع وتعزيز وسائل التدبير والتنسيق بين البرامج.

   ففي مجال الموروث، استفادت الجماعات الواحية المستهدفة من دعم ومساندة البرنامج من اجل تنفيذ وانجاز بعض المشاريع ذات الاولوية والمنبثقة خصوصا من المخططات الجماعية للتنمية . ولعل المقاربة المعتمدة في هذا الاطار ارتكزت على تقوية قدرات الجماعات في تدبير الشؤون المحلية والتأهيل البيئي واعتماد المقاربة البيجماعاتية ، وذلك بغلاف استثماري اجمالي بلغ ما مجموعه ازيد من 27  مليون  و 183 الف درهم.  وتم في هذا الاطار بالخصوص دراسة وبناء مسالك قروية وانجاز اشغال التطهير السائل وفك العزلة عن نحو 500 أسرة .             

   وبخصوص قطاع الموارد المائية وسيرا على نهج توجهات الاستراتيجية الوطنية لحماية وتهيئة الواحات، قام البرنامج بأنشطة مندمجة همت حماية وتثمين الموارد المائية ومحاربة التلوث وعقلنة استعمال المياه الجارية بغلاف مالي اجمالي بلغ ازيد من 12  مليون  و 277 الف درهم حيث تم بالأساس احداث مغسلات جماعية وتأهيل الخطارات وحماية الساكنة من الفيضانات وانجراف التربة .

    وعلى مستوى الطاقات المتجددة خدمة لواحات متأقلمة، خصص برنامج واحات تافيلالت غلافا استثماريا اجماليا بلغ ازيد من مليون و 502 الف درهم، حيث عمل  من خلال استغلال الطاقة الشمسية في ضخ مياه السقي على تقليص تكلفة الانتاج وتحسين مرودية المتر المكعب لكل مساحة أرضية وذلك من خلال تهيئة وتجهيز محطات لضخ المياه بالطاقة الشمسية وتكوين نحو 40 مستفيدا في مجال الطاقات المتجددة.

   ووعيا منه بأهمية الاستثمار في العنصر البشري الذي يعد حجر الزاوية في كل مسار تنموي،  رصد البرنامج غلافا ماليا إجماليا بلغ ما مجموعه أزيد من 5  ملايين و 225 الف درهم، وذلك بغرض تعزيز قدرات الفاعلين المحليين عن طريق التكوين وتحسين المعارف علاوة على تنظيم زيارات لتبادل الخبرات والتجارب عبر وضع نظام معلوماتي جماعي يأخذ بعين الاعتبار مقاربة النوع ومتضمن لمؤشرات حول تدبير المخاطر والتكيف مع التغيرات المناخية.

  وفي مجال السياحة الايكولوجية، تم التركيز على عملية التسويق المحلي لوجهة واحات وصحراء تافيلالت عبر المنتوج السياحي البيئي  “طرق المجهول” الذي يعد ثمرة انخراط الفاعليين المحليين تحت لواء ” جمعية منعشي السياحة البيئية بتافيلالت” وذلك بغرض تحسين وتجويد الخدمات لأجل سياحة أكثر تأقلما مع المحيط الخارجي، وذلك بغلاف مالي اجمالي وصل الى ازيد من 8 ملايين و 671 الف درهم حيث تم بالخصوص خلق 4 مآوي سياحية وأخرى حصلت على الشهادة البيئية المفتاح الاخضر .

  أما في مجال المنتوجات المحلية ، فاعتبر البرنامج، الذي خصص لهذا المحور  غلافا ماليا اجماليا بلغ ازيد من  6ملايين و 697 الف درهم،

  إن الالتقائية بين تطوير السياحة البيئية وتثمين المنتجات المحلية يشكل محورا استراتيجيا لترسيخ التنمية المستدامة لواحات تافيلالت ، حيث قام ببلورة دينامية التعاون بين مهنيي السياحة البيئية والفلاحين المنتجين تهم تثمين المنتوجات المحلية التقليدية ( التمور والزيتون …)  وذلك بالإسهام في تطوير سلسلة الاعشاب العطرية والطبية ( الانتاج والتحويل والتثمين والتسويق) .   وتم في هذا الاطار بالأساس إحداث 15 جمعية وتعاونية لمنتجي الاعشاب الطبية والعطرية 30 في المائة منها جمعيات نسائية .

  وأخذا بعين الاعتبار تدهور المنظومة البيئية والتنوع البيولوجي، فقد عمل برنامج واحات تافيلالت على اعتماد ممارسة الفلاحة الايكولوجية باعتبارها اداة فعالة للتأقلم مع التغيرات المناخية ومكسبا بالغ الاهمية للمحافظة على الانتاجية وضمان استمراريتها وذلك بتخصيص غلاف مال اجمالي بلغ ازيد من 3 مليون  و 580 الف درهم.

  وقام البرنامج مع شركائه المحليين في هذا الاطار بتأسيس ثلاثة مواقع نموذجية في مجال الفلاحة الايكولوجية على مستوى واحات الجرف وكلميمة وتنجداد .

  ويشمل هذا التدخل الفلاحة الايكولوجية التطبيقية الهادفة الى حماية الموروث الطبيعي الانتاجي من خلال وضع مواقع للتكوين الوظيفي وتثمين القيمة المضافة على المنتوجات الواعدة كالنباتات العطرية والطبية .

  وفي مجال التربية البيئية عمل البرنامج على انجاز مجموعة من الاشغال التطبيقية والنموذجية على صعيد المؤسسات التعليمية المستهدفة ومجموعة من الضيعات الفلاحية.

  ويقوم هذا المشروع على تعلم التقنيات الزراعية والتدبير المعقلن للموارد المائية واكتساب الممارسات الجيدة التي تمكن المتعلمين من التكوين والتربية على الرهانات البيئية وذلك بغلاف استثماري اجمالي بلغ ازيد من  324 الف درهم.

  وعلى مستوى التواصل عمل برنامج واحات تافيلالت على وضع استراتيجية تروم بالأساس التعريف الجيد بالبرامج وتعزيز وتثمين المنجزات والمكتسبات. وقد اتمت الانشطة التواصلية في هذا الاطار بنجاعة مقاربة التشاور مع الفاعلين وفعاليات اليات التدبير والمراقبة على مستوى انجاز المشاريع وذلك برصد غلاف مالي اجمالي بلغ ازيد من مليون  و 529 الف درهم.

 ولضمان حكامة برنامج واحات تافيلالت تم وضع الهيكلة التنظيمية على اساس الاستجابة لاهداف البرنامج حيث نجح في تحقيق الانتقال التدريجي والتكاملي من سياسة دعم الجمعيات والتعاونيات نحو دعم ومواكبة الجماعات الترابية باعتباره فاعلا محوريا للتنمية المجالية وقد خصص البرنامج في هذا الاطار غلافا استثماريا اجماليا بلغ ازيد من 10 مليون  و 292 الف درهم.

   وبفضل انجاز هذه المشاريع تمكن برنامج واحات تافيلالت بالخصوص من خلق موارد للدخل عبر مشاريع الاقتصاد التضامني وتحسين مستوى عيش الساكنة المستهدفة وخلق مناصب الشغل ، حيث تم تسجيل ما مجموعه 80 الف يوم عمل علاوة على تحسين مستوى عيش  مئات الاسر وهو ما يعادل 1077 منصب شغل بدوام كامل ، منها نسبة 52 في المائة لفائدة العنصر النسوي.

   وفي مجال الاعشاب الطبية والعطرية تم احداث ما مجموعه 689 منصب شغل بلغت نسبة الاناث فيها ما مجموعه 66 في المائة، فيما تم في ما يخص منتجات محلية أخرى، إحداث 169 منصب شغل منها نسبة 4 في المائة لفائدة الذكور، أما في مجال التكوين فقد استفاد ما مجموعه 402 شخصا بلغت نسبة الاناث فيها 42 في المائة، كما استفاد أزيد من 1000 شخص من عشرات الدورات التكوينية والتأطيرية في مختلف المجالات.

  وتوزعت ميزانية البرنامج حسب الفئات المستهدفة الى 70 في المائة بالنسبة للمشاريع المنجزة بشراكة مع الجماعات الترابية، و 20 في المائة بالنسبة للمشاريع المنجزة بشراكة مع الجمعيات والتعاونيات، و10 في المائة بالنسبة لمشاريع أخرى. 

  ويأتي تحقيق البرنامج لهذه الانجازات والمكتسبات في الوقت الذي يستعد فيه المغرب، لاحتضان الدورة ال 22 لمؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ بمراكش” كوب 22″، وهو دليل على الاعتراف بالمجهودات المبذولة من أجل المحافظة عل الانظمة البيئية.

  وحسب عدد من الفاعلين المؤسساتيين وشركاء برنامج واحات تافيلالت والمنتخبين ورؤساء الجمعيات والتعاونيات المستفيدة،  فإن من شأن التجربة التي راكمها هذا البرنامج أن تساهم في ارساء قواعد الانطلاقة الجدية والعملية لإنجاح مسلسل الجهوية المتقدمة الذي انخرط فيه المغرب لمواجهة الاشكالات السوسيو-اقتصادية والبيئية ، مبرزين أن مسلسل تثمين ورسملة مكتسبات ووقع تدخل هذا البرنامج أسفر عن صياغة مقترح ملموس لدعم التنمية المجالية المتأقلمة مع التغيرات المناخية بجهة درعة-تافيلالت.

  وخلص الفاعلون ، في تصريحات لوكالة المغرب العربي للأنباء، الى ان برنامج واحات تافيلالت جاء كاستجابة واقعية لإشكالية التكيف مع التغيرات المناخية بمناطق الواحات التي أصبحت رهان الالفية الثالثة الذي يتعين تحقيقه خاصة بمناطق تشهد تفاعلا متبادلا بين الجوانب البيئية والاجتماعية والاقتصادية.

 

اقرأ أيضا

مدير منظمة العمل الدولية يثمن الرؤية الملكية لتحقيق العدالة الاجتماعية

الأربعاء, 24 يوليو, 2024 في 12:57

ثمن المدير العام لمنظمة العمل الدولية، جيلبيرت هونغبو، التقدم الذي يواصله المغرب على درب تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة وحماية حقوق العمال تجسيدا لرؤية صاحب الجلالة الملك محمد السادس.

بورصة الدار البيضاء .. تداولات الافتتاح على وقع الأخضر

الأربعاء, 24 يوليو, 2024 في 10:47

استهلت بورصة الدار البيضاء تداولاتها اليوم الأربعاء على وقع الأخضر، حيث سجل مؤشرها الرئيسي “مازي” تقدما بنسبة 0,54% ليستقر عند 13.676,61 نقطة.

مدونة الأخلاقيات لمجلس المستشارين، تجسيد لالتزام المجلس بتخليق الحياة السياسية والبرلمانية (بلاغ)

الأربعاء, 24 يوليو, 2024 في 10:15

أكد مجلس المستشارين أن” مدونة الأخلاقيات” التي صادق عليها ،يوم الإثنين، رؤساء الفرق ومن ينوب عنهم، ومنسقو المجموعات البرلمانية بالمجلس، هي تجسيد لالتزام بتخليق الحياة السياسية والبرلمانية، وترجمة لمضمون وروح الرسالة الملكية السامية، التي وجهها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، إلى أعضاء مجلسي البرلمان بمناسبة الاحتفال بالذكرى الستين لقيامه.