“موناليزا أفغانستان” .. أيقونة الحرب الأفغانية تتوجه إلى الهند قريبا من أجل العلاج

إعداد: سعد أبو الدهاج

     نيودلهي -اشتهرت المواطنة الأفغانية “شربات غولا”، ذات العينين الخضراوين الحزينين، على مدى أزيد من ثلاثة عقود مضت، بلقب “موناليزا أفغانستان” أو “أيقونة الحرب الأفغانية”، بعدما ظهرت صورتها لأول مرة على غلاف مجلة (ناشيونال جيوغرافيك) العالمية في يونيو 1985 .

    ويعود الفضل في هذه الشهرة الواسعة إلى صورة التقطت لها من قبل المصور الشهير ستيف مكوري، في دجنبر 1984 ، عندما كانت طفلة لاجئة (12 عاما) في مخيم للاجئين على الحدود بين أفغانستان وباكستان، حيث ظلت تقيم هناك منذ غزو الجيش السوفياتي لبلادها انطلاقا من سنة 1979.

    ومنذ ذلك الوقت، ذاع صيت شربات غولا في سائر أنحاء العالم، بعدما تم استعمال صورتها على نطاق واسع في التعبير عن الآلام والمعاناة التي كابدها اللاجئون الأفغان جراء تلك الحرب الضروس.

    كما تمكن المصور ستيف مكوري، من العثور على شربات غولا بعد 17 عاما في مدينة بيشاور والتقط لها صورة ثانية في سنة 2002 ، أصبحت ذات شعبية عالمية كالأولى.

    واليوم، عاد الحديث عن شربات غولا، التي أضحت رمزا عالميا لمأساة الحرب في أفغانستان، بعدما ألقت السلطات الباكستانية القبض عليها مؤخرا في مدينة بيشاور، الواقعة شمال غرب البلاد، بتهمة التزوير في محررات ووثائق رسمية سعيا للحصول على الجنسية الباكستانية.

    وإثر اندلاع هذه القضية، قامت وكالة التحقيقات الاتحادية الباكستانية، نهاية الأسبوع المنصرم، باعتقال مساعد المدير السابق للهيئة الوطنية التنظيمية لقواعد البيانات عماد خان بسبب تورطه في قضية شربات غولا، كما سيمثل ثلاثة من أبرز المسؤولين في تلك الهيئة أمام القضاء بسبب منحهم “موناليزا أفغانستان” بطاقة هوية وطنية مزيفة، فيما تم الإفراج عن متهمين اثنين آخرين بكفالة.

    كما أقدمت الحكومة الباكستانية على ترحيل شربات غولا إلى بلدها الأصلي رفقة أبنائها الأربعة، بعدما توفي زوجها منذ خمس سنوات، في إطار حملة صارمة بدأتها سلطات إسلام آباد منذ العام الماضي واستهدفت اللاجئين الأفغان الذين يرجح أنهم استخدموا وثائق مزورة للحصول على الجنسية الباكستانية.

    وتندرج هذه الحملة في إطار خطة حكومية باكستانية تستهدف إعادة جميع اللاجئين الأفغان، الذين يقدر عددهم بأزيد من 2.5 مليون شخص، مبررة قرارها بأن “اللاجئين أصبحوا عبئا ثقيلا على الاقتصاد الباكستاني”.

    وبعد أيام على ترحيلها إلى أفغانستان عبر معبر “تورخم” الحدودي، حيث حظيت باستقبال شعبي ورسمي كبيرين، تعتزم شربات غولا التوجه إلى الهند لتلقي العلاج من داء التهاب الكبد الفيروسي “سي” الذي تعاني منه وفق ما أفادت به محاميتها .

    وهذا ما أكده أيضا سفير أفغانستان لدى الهند، شايدا عبد الله، بالقول “إن شربات غولا، أيقونة الحرب الأفغانية، ستتوجه قريبا إلى مدينة بنغالور الهندية من أجل الخضوع لعلاج طبي مجاني”.

    وتعكس حياة شربات غولا، بشكل جلي، قصة بلد وشعب تكالبت عليه، منذ عقود طويلة، ظروف الحرب والصراعات والإرهاب، وما أفرزته من مآسي اجتماعية جعلت أفغانستان عنوانا للدمار والخراب ومرتعا للجماعات المتطرفة .