موازين 2017…أجواء معتقة بعبق الشام مع الفنان بدر رامي

      (فاطمة الزهراء الراجي)

    الرباط –  عاشت جماهير مهرجان موازين-إيقاعات العالم السادس العشر، أمس السبت بالمسرح الوطني محمد الخامس، أجواء معتقة بعبق الشام، قصائدها وقدودها الحلبية، مزهوة بطرب لم ينل من رونقه الزمن، في حفل بهيج من توقيع الفنان السوري بدر رامي.

    على خطى عمالقة ومشايخ الطرب الشامي، سار رامي في درب اتخذه منهجا فنيا، وقدم إلى موازين الرباط ليروي حكاية موسيقية، خلدت وفاء حلب ومن خلالها الشام لفن لم ينل من بديع كلمه ونغمه الزمن.

    محفوفا بوالده المايسترو رامي زيتوني الذي خبر مداعبة الكمان، تفنن هذا الفنان الواعد المتشبع بأسلوب أيقونة الطرب العربي صباح فخري، في الانتقال بين المواويل والمقامات، بدا في حالة فرح عارم، وراح يتمايل يمنة ويسرى، يحيي جمهورا متوثبا للطرب الأصيل، تفاعل معه إلى أقصى الحدود.

    توالت الأغاني، وارتفع منسوب الشجن على وقع الصيحات، “شادي الألحان”، “مالك يا حلوة مالك”، “قدك المياس” ، “أه يا حلو”، و”يارب تتجمع بالحبايب شملنا”، موشحات وقدود حلبية خلدت تميز الشام بصنف غنائي رائع الألفاظ رفيع المعاني.

   يا مال الشام، على ذات إيقاع الشجن، بعث رسالة حب ممزوجة بألم الفراق للشام الجريحة “يا معذبتي في غيهب الغسق”، موقنا بأن أمد الفرقا لن يطول، و”لو المطال طال وطول لا بتغير ولا بتحول”، بل سافر بين أزقتها مدنها، ومساكنها البديعة.

   صوته الثاقب المدوي الذي تخطى أسوار المسرح الوطني محمد الخامس، ومعه حنكة وتمكن في الأداء، كانت أسلحة توسل بها في أمسية من ألف ليلة وليلة ستتذكرها جماهير الرباط طويلا.

   البداية مسك والختام كان كذلك، بالرائعة الذائعة الصيت “مانا إلا بشر”، للفنان عبد الوهاب الدكالي، الموسيقار العابر للحدود، جعلها رامي تذكرة ذهاب وإياب من مشرق الأرض إلى مغربها، بلورت كل ما تشبعت به قريحته الموسيقية طوال مقامه ونشأته بالمغرب.

   وبالرغم من حداثة سنه، سرعان ما انضم بدر رامي إلى كوكبة نجوم الطرب الأصيل من ذوي الخبرة والاطلاع، بعدما سطع نجمه في سماء الموشحات والقدود الحلبية.

   واستلهم هذا الفنان، الذي ولد وترعرع بالدار البيضاء، مساره الإبداعي من والده البارع في العزف على الكمان، المنحدر من حلب، تلك المدينة التي طور سكانها عشقا فريدا لا متناه للطرب الأصيل.

   يحرص رامي منذ سنوات على الحفاظ وأداء الأغاني التي تعكس بعمق كبير الموروث الغنائي العربي، بطريقة متفردة بديعة، ينهل من نبع المدرسة النموذجية للموسيقار صباح فخري، التي انفتح من خلالها على ذخائر الطرب العربي بمرجعياته وأساليبه الغنائية المتعددة في حضرة كبار المطربين والملحنين العرب أمثال الشيخ سيد درويش، علي الدرويش، محمد عثمان، الشيخ عمر البطش، الشيخ بكري الكردي، والشيخ سلامة حجازي.

   ويعتبر مهرجان موازين – إيقاعات العالم، الذي أحدث سنة 2001، موعدا لا محيد عنه بالنسبة لهواة وعشاق الموسيقى بالمغرب. ومن خلال أزيد من مليونين من الحضور في كل دورة من دوراته الأخيرة، يعد ثاني أكبر التظاهرات الثقافية في العالم.

    وتقترح الدورة السادسة عشرة من موازين (12-20 ماي)، التي تنظم طيلة تسعة أيام، برمجة غنية تجمع بين عدد من كبار نجوم الموسيقى والغناء العالمية والعربية، وتجعل من مدينتي الرباط وسلا مسرحا لملتقيات متميزة بين الجمهور وتشكيلة من الفنانين المغاربة والأجانب المرموقين.