مشاركة النساء في تدبير الشأن المحلي.. انخراط لفائدة تحقيق تنمية المدن
الرباط – بقلم بشرى أزور – تعكس مشاركة النساء في تدبير الشأن المحلي الأهمية التي يوليها المغرب لتمكين المرأة من الانخراط في دواليب اتخاذ القرار على المستوى المحلي، باعتباره ركيزة أساسية لتعزيز المسلسل الديمقراطي القائم على الحكامة الجيدة. ففي أفق إرساء أسس المناصفة بين الجنسين، وانسجاما مع تطورات سياق عالمي أضحى يولي أهمية متزايدة لتمكين النساء من ولوج مناصب القرار وإشراكهن في الحياة السياسية وتدبير الشأن المحلي، يشكل انخراط المرأة في الحياة السياسية المحلية رهانا يتعين كسبه، لتمكين مدن المستقبل من التوفر على كفاءات قادرة على تحقيق التنمية المستدامة.
ويشكل تعزيز قدرات النساء على الانخراط في تسيير الشأن المحلي، عبر المشاركة السياسية داخل الهيئات المنتخبة، ركيزة أساسية لترسيخ أسس الديمقراطية، القائمة على احترام دور المرأة كشريك لا محيد عنه في الارتقاء بمؤشرات التنمية.
وتنص مقتضيات الدستور الجديد، في مادته ال19، على تمتع الرجل والمرأة، “على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، الواردة في هذا الباب من الدستور، وفي مقتضياته الأخرى، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها”.
وبغية إشراك أكبر للنساء في تسيير الشأن المحلي، تفعيلا لمقتضيات الدستور وتحقيقا للتنمية بمدن المستقبل، يعتبر الأستاذ عبد اللطيف بن صفية، أستاذ باحث بالمعهد العالي للإعلام والاتصال، أنه يتعين أساسا التحسيس بثقافة المساواة بشكل عام في أفق نشرها ومأسستها، ومنح الفرصة للنساء المنتخبات في المجالس المحلية للظهور، من خلال إشراكهن الدوري في اللجن المحلية ومختلف الأنشطة التي تقوم بها أو تشارك فيها المجالس المحلية أو الإدارات الترابية بالجهات والأقاليم، وكذا تشجيع الجمعيات النسائية المدنية والمهنية التي ترقى بوضع النساء في شتى الميادين.
ويؤكد الباحث على أهمية خلق ودعم وتشجيع مجالس النوع على المستوى المحلي والإقليمي والجهوي تعنى بمتابعة أوضاع النساء من حيث حقوقهن الواردة في المقتضيات الدستورية، وإحداث نقط ارتكاز بالبلديات والعمالات تعمل على رفع تقارير دورية لمجالس النوع.
فالمادة 14 من الميثاق الجماعي، التي تنص على إحداث لجنة استشارية للمساواة وتكافؤ الفرص لدى المجلس الجماعي، تضم شخصيات تنتمي إلى جمعيات محلية وفعاليات من المجتمع المدني يقترحها رئيس المجلس الجماعي.
كما يضطلع الإعلام المحلي، يضيف الأستاذ بن صفية، بدور حاسم في تسليط الضوء على إنجازات المرأة على المستوى المحلي، معتبرا أنه يتعين على هذا الإعلام إيلاء مزيد من الاهتمام بالنساء كشخصيات وكقضايا محلية، وإحداث منابر إعلامية محلية تشجع الأصوات النسائية.
هذا الالتزام الصريح والفعلي، يرسخ سعي الدولة لتحقيق مبدإ المناصفة بين الرجال والنساء، ويجعل من مشاركة المرأة في مختلف مجالات تدبير الشأن المحلي حقا لا ترفا، يضع على عاتقها مسؤولية المساهمة في الارتقاء بالمجتمع من خلال الانخراط في مختلف مشاريع التنمية، وذلك على المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
لقد قدم الدستور الجديد الآلية المناسبة والإطار الملائم لتمكين النساء من المشاركة في تدبير الشأن المحلي، وفتح بذلك الباب أمام المرأة من أجل ولوج مجال التمثيلية الانتخابية داخل المجالس البلدية والهيئات المنتخبة.
وكنموذج لتفعيل مقاربة النوع داخل المجال السياسي، تم إحداث منتدى رئيسات الجماعات الترابية في سنة 2010، والذي يضم في عضويته عددا من القيادات النسائية بالجماعات الترابية، يهدف بالأساس إلى تقوية قدرات رئيسات الجماعات المحلية في تدبير الشأن المحلي، وتوفير برامج التكوين لتطوير المعارف لفائدة المنتخبات المحليات، ودعم العمل الشبكي لتمكين رئيسات الجماعات الترابية من توحيد الجهود وتطوير أدائهن على المستوى المهني.
ويكتسي دور المجتمع المدني أهمية قصوى في تعزيز انخراط النساء داخل دواليب اتخاذ القرار على المستوى المحلي، إذ يعد قوة اقتراحية فاعلة تمكن من الدفع بالنساء إلى الواجهة وتمنحهن فرصة التعبير عن إمكانياتهن.
وفي هذا السياق، يؤكد الأستاذ بن صفية أن المجتمع المدني مطالب بالإسهام في إشعاع ثقافة المساواة والمناصفة، من خلال تنظيم منتديات وقوافل لشرح المقتضيات الدستورية حول وضع ودور المرأة، والمساهمة في اقتراح وتنظيم دورات تكوينية حول القيادة النسائية، فضلا عن جعل الجمعيات فضاء لتعبير المرأة، وخلق منتديات تواصلية دورية لتقييم الوضع والنشاط النسائي محليا وجهويا.
كما يمكن للمجتمع المدني، يضيف الباحث، المساهمة في تقديم المشورة للمسؤولين المحليين من أجل تحسين واقع وأنشطة النساء وتشجيع ومساندة ودعم النساء المشهود لهن بالكفاءة في التنافس على تحمل بعض المسؤوليات، والارتقاء بالرموز النسائية المحلية.
فعلى هامش احتضان الرباط لأشغال القمة العالمية للحكومات المحلية والجهوية، تنبري إذن إشكالية تحقيق المناصفة لفائدة النساء، لجعلهن قادرات على تسيير مجتمعات الغد، والإسهام في بناء الديمقراطية، إذ ستكون هذه القمة مدعوة للبحث في سبل إيجاد آليات ناجعة لتغيير الصور النمطية اللصيقة بالمرأة، وإخراجها من نطاق المجتمع الضيق نحو أفق أرحب، أفق المشاركة في اتخاذ القرار على المستوى المحلي، وبالتالي المشاركة في مشاريع تحقق التنمية لأفراد المجتمع.
ولاشك في أن المغرب يشكل نموذجا يقتدى في مجال تشجيع انخراط المرأة في تسيير الشأن المحلي وترسيخ آليات الحكامة الجيدة، لتساهم بذلك في تعزيز المسار
الديمقراطي في البلاد، انطلاقا من كون كافة مكونات المجتمع تضطلع بدور أساسي في استشراف مستقبل المدن.
اقرأ أيضا
فيضانات إسبانيا: الحكومة تستعد لإعلان المناطق المتضررة بشدة “مناطق منكوبة”
أعلن رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، اليوم السبت، أن السلطة التنفيذية تعتزم إعلان المناطق المتضررة بشدة من الفيضانات المدمرة التي ضربت جنوب شرق البلاد “مناطق منكوبة”.
وزارة العدل تعزز اللاّمركزية بتأسيس مديريات إقليمية لتحديث الإدارة القضائية
أصدر وزير العدل قرارا بإنشاء وتنظيم المصالح اللاممركزة للوزارة، متمثلة في مديريات إقليمية للعدل موزعة على مستوى الدوائر القضائية لكل محكمة استئناف.
السيد الشامي يبرز إيجابيات تعزيز حكامة المالية العمومية (مناظرة)
أكد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أحمد رضا الشامي، أمس الجمعة بالرباط، أن تعزيز حكامة المالية العمومية يخلق آثار إيجابية على عدة مستويات.
أخبار آخر الساعة
-
فيضانات إسبانيا: الحكومة تستعد لإعلان المناطق المتضررة بشدة “مناطق منكوبة”
-
وزارة العدل تعزز اللاّمركزية بتأسيس مديريات إقليمية لتحديث الإدارة القضائية
-
السيد الشامي يبرز إيجابيات تعزيز حكامة المالية العمومية (مناظرة)
-
السيد بنسودة يدعو إلى تحسين نموذج الحكامة المالية العمومية
-
الصويرة تعيش على ايقاع فعاليات الدورة ال19 لمهرجان الأندلسيات الأطلسية
-
المقومات التراثية الفريدة للفن المعماري “آرت ديكو” محور مائدة مستديرة بالدار البيضاء
-
الدار البيضاء.. اختتام أشغال المؤتمر العربي الثالث للملكية الفكرية
-
الدار البيضاء.. إبراز تحديات حماية حقوق الملكية الفكرية بالتعليم في ارتباطها بالذكاء الاصطناعي (ندوة)