مساعي اليونان للخروج مبكرا من برنامج الإنقاذ الأوروبي تصطدم برفض المانحين

(من المراسل الدائم للوكالة عبد الرزاق طريبق)

أثينا – يعتزم وزراء مالية منطقة الأورو تمديد برنامج الإنقاذ المالي لليونان إلى منتصف 2015، في الوقت الذي تصر فيه أثينا على ضرورة منحها شهادة إبراء وخروجها خلال أسابيع من هذا البرنامج. وبحسب وسائل الإعلام اليونانية، اليوم الجمعة، فإن وزراء مالية منطقة الأورو سيمددون، خلال اجتماعهم ببروكسيل الاثنين المقبل، برنامج الإنقاذ الذي تحصل بموجبه اليونان منذ 2010 على حزمة من 240 مليار أورو، ويرون أن بقاء أثنيا لستة أشهر إضافية تحت نظام الحماية الأوروبي سيمكنها من الاستفادة من حزمة القروض وإتاحة الوقت الكافي لها للاستجابة للمطالب المتعلقة بماليتها، بما في ذلك فرض مزيد من الضرائب وتخفيضات في الأجور والخدمات العمومية.
وأكدت اليونان، أمس الخميس، أنها لا تريد بحث سوى خيار تمديد هذا المخطط لبضعة أسابيع بدل أشهر، وتتطلع لإجراء تقويم نهائي لهذا البرنامج يقود إلى خروجها منه.
وقالت وزارة المالية اليونانية إنها لم تتوصل لغاية الآن بوثيقة رسمية تفيد بالرغبة في تمديد البرنامج لكن بعض البلدان أبدت بوضوح رغبتها في ذلك.
وترى اليونان أنها وفت بجميع التزاماتها ونفذت كامل الإصلاحات الهيكلية لتقويم اقتصادها الذي بدأ يتعافى، إذ سجل في الفصل الثالث من العام الجاري نموا ب 7ر0 في المائة لأول مرة منذ ست سنوات.
كما تسعى أثينا بكل قوة للخروج مبكرا من هذا البرنامج لتهدئة الأوضاع الداخلية المتأججة نتيجة سنوات من التقشف الذي قاد إلى بطالة تقدر ب 27 في المائة وتقليص للأجور بنحو 30 في المائة وتسريح لعشرات الآلاف من العاملين.
ومن شأن هذا الخروج المبكر أن يتيح لها إمكانية تفادي انتخابات تشريعية سابقة لأوانها، تبدو غير مستبعدة لها في الأشهر الأولى من العام المقبل، مادام أنها لا تتوفر على نسبة الثلثين في البرلمان لانتخاب الرئيس الجديد للبلاد. وينص الدستور أنه في حال فشل البرلمان في انتخاب رئيس للبلاد يتعين حله وإجراء انتخابات سابقة لأوانها.
وفي هذا الصدد، تلوح الحكومة اليونانية أمام المانحين بخطر عدم الاستقرار السياسي وإجراء انتخابات مبكرة قد تأتي بحزب بتحالف اليسار الجذري (سيريزا) المتقدم حاليا بتسعة نقاط في استطلاعات الرأي، والذي يعد الناخبين بوقف التعامل مع المانحين وإلغاء مديونية البلاد.
غير أن كل ذلك لم يزحزح قيد أنملة من مواقف المانحين الذين يطالبون بتنفيذ كامل للإصلاحات المالية المطلوبة، ولا يتردد المتشائمون منهم بالتلويح، ولو ضمنيا، بإمكانية خروج البلاد من منطقة الأورو.
ومنحت الترويكا (البنك المركزي الأوروبي والاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي) 240 مليار أورو لليونان على دفعات منذ 2010 لإنقاذ اقتصادها المتهاوي، وتنتظر اليونان الحصول على آخر شطر من 8ر1 مليار أورو قبل نهاية العام، بعد تلبية جميع مطالب الترويكا وملاحظاتها لإصلاح ماليتها للعام 2015. وهو الأمر الذي ما يزال حاليا متعثرا.
وبعد انتهاء برنامج الإنقاذ هذا، ستحصل اليونان على خط ائتمان من صندوق النقد الدولي بنحو 14 مليار أورو عامي 2016 و2017 ، كما سيكون بإمكانها اللجوء إلى الأسواق الدولية للاقتراض بدون وصاية أوروبية.
غير أنه من أجل الخروج من البرنامج كان يتعين عليها التوصل إلى اتفاق مع “الترويكا” قبل اجتماع وزراء مالية منطقة الأورو الاثنين المقبل ببروكسيل وهو ما أصبح مستحيلا.
وخلال الأسابيع الماضية وقع خلاف بين الطرفين حول ما تعتبره “الترويكا” احتمال حدوث عجز في ميزانية 2015 ما بين 2,5 و3 مليار أورو، يتعين اعتماد إجراءات ضريبة جديدة لتفاديه وضمان تحقيق اقتصاد البلاد لفائض أولي خارج خدمات الدين من نحو 3 في المائة من الناتج الداخلي الخام.
ورفضت أثينا تلك القراءة لميزانيتها، وقالت إن نسبة العجز منعدمة ولن تفرض ضرائب جديدة تزيد من معاناة الشعب اليوناني. ثم قدمت مشروع الميزانية لمصادقة البرلمان بدون موافقة “الترويكا”.
وعقد الطرفان اجتماعا، في باريس الأسبوع الماضي، فشل في التوصل لحلول، ثم أرسلت أثينا الاثنين الماضي مقترحات جديدة للترويكا شملت الرفع من الضريبة على القيمة المضافة على الفنادق من 6,5 في المائة إلى 13 في المائة وتجميد أجور التقاعد لعامي 2016 و2017.
غير أن “الترويكا” واصلت مواقفها المتشددة، مطالبة بضرورة معالجة النقص في الميزانية وطالبت بتنفيذ إجراءات إضافية، من بينها حذف التخفيض المطبق على المساهمة الإجبارية للتضامن التي تحتجز في المنبع، والرفع من الرسوم على الكحول والتبغ، وإلغاء القانون المصادق عليه مؤخرا والقاضي بالسماح للمتخلفين عن أداء الضرائب بسدادها على مائة قسط شهري.
وانتقد رئيس الوزراء اليوناني بشدة موقف الترويكا، وقال إن اليونان مستعدة للتوصل إلى اتفاق نهائي معها يخرج البلاد من برنامج الإنقاذ، و”بإمكاننا التوصل إلى ذلك إذا توفرت إرادة الجميع، غير أننا لن نقبل بمطالب غير معقولة. إننا في نهاية 2014 وليس لأي أحد الحق في أن يعاملنا كما كانوا يفعلون قبل سنتين ونصف أو أربع سنوات عندما كان كل شيء منهارا”.
وأضاف سامارانس، الذي كان يتحدث يوم الثلاثاء خلال ندوة في أثينا، إن “اليونان لن ترضخ من جديد لمطالب غير معقولة”.
وقال “إن إلغاء قرار السماح للمتخلفين عن أداء الضريبة بسداد ما لديهم من متأخرات على مائة شطر، والرفع من الضريبة على القيمة المضافة على الأدوية، والتقليص من مخصصات التقاعد ستكون كارثة”، وأضاف “لن أسمح لأي كان بنسف النجاحات التي توصلنا إليها بفضل تضحيات الشعب اليوناني وأقول ذلك للشعب اليوناني كما للخارج”.