مركز تفكير “ميديرسا” بسلا .. مبادرة شبابية تسعى إلى إعادة الاعتبار لتاريخ المدينة

(محمد  مجدوبي)

سلا – ازدانت الساحة الفكرية بمدينة سلا، مؤخرا، بميلاد مركز تفكير استوحى مؤسسوه اسمه، “ميديرسا”، من المدرسة المرينية التي تموقعت لقرون كمنارة للعلم بالمدينة، في محاولة نوعية لإعادة الاعتبار إلى تاريخ مدينة سلا ومصالحتها مع تراثها الفكري.
ويسعى مؤسسو هذا المركز الأحد عشر (من بينهم أربع نساء)، والذين لا تتجاوز أعمارهم الثلاثين، في المشاركة بطريقة مبتكرة في دفع عجلة التنمية بمدينتهم ووطنهم، من خلال المساهمة في تعزيز ونشر البحوث والآراء في المجال الجيو-سياسي والاقتصادي والتنموي.
حول بدايات هذا المشروع يقول رئيس المركز، المهدي السباعي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، “لطالما شغل بالنا كشباب المدينة المساهمة في تنمية مدينتنا والدفاع عن المصالح العليا لوطننا، فكرت بمعية عدد من الأصدقاء بالقيام بذلك من بوابة الأحزاب السياسية، ولكن وجدنا أن فضاءها غير مناسب للتعبير بشكل علمي عن قناعاتنا”، قبل أن يستطرد قائلا “قبل سنتين اختمرت في ذهني فكرة إنشاء مركز للتفكير مستقل يجمع الخبرات الشابة في المدينة، يقارب مواضيع الساعة وفق منهج علمي بعيدا عن أي حسابات سياسية”.
وأكد أن الفكرة حظيت بالتشجيع منذ اليوم الأول، ذلك أن “كل وجهاء المدينة الذين شرحنا لهم فكرتنا أعربوا عن دعمهم لها”، مضيفا أن الفكرة لقيت أيضا قبولا كبيرا لدى شباب المدينة سواء بالمغرب وحتى خارجه.
وحسب ورقة تعريفية بالمبادرة، فإن هذه الأخيرة تتوخى تنظيم لقاءات ومعارض وطنية ودولية لتبادل الآراء في المجال الجيو-سياسي والاقتصادي والتنموي، والمساهمة في ترويج وإشعاع البحث فيه، وتقييم السياسة العامة وتحليل النتائج الخاصة بالمبادرات من أجل معرفة هل حققت الأهداف والنتائج المتوخاة منها.
كما تروم تسيير دراسات بغية الوصول إلى اقتراحات تتعلق بالحكامة الجيدة، والتوصل إلى تحقيق تنمية بشرية مستدامة في مختلف المجالات عن طريق أبحاث وندوات، وتكوين بيئة ملائمة من عامة الناس وخاصتهم، مثل الخبراء والتقنيين والفاعلين وغيرهم، تساهم في إبداع أفكار لتجربة مقاربات مبتكرة في المجال الجيو-سياسي والاقتصادي والتنموي.
وإذا كانت مراكز التفكير (ثينك تانك)، كما هو متعارف عليها في التجربة الأنغلوساكسونية الرائدة عالميا، تضم عادة باحثين مرموقين من ذوي الخبرة العالية على المستوى الأكاديمي والتجارب العملية الغنية في مجال تخصصهم، فإن تجربة “ميديرسا” يدخل غمارها شباب في بداية مشوارهم المهني لهم خلفيات دراسية تتنوع مابين الاقتصاد والهندسة والإعلام.
ويرى السباعي أن شبابية المبادرة وعدم نخبويتها تعد “نقطة قوة” التجربة الوليدة، حيث يقول “نحن لسنا منغلقين على أنفسنا، ونتوخى بالدرجة الأولى القرب من المواطن العادي”، مؤكدا أن “هذا التوجه لن يكون على حساب الجانب العلمي للمبادرة، فالأعضاء المؤسسون يتوفرون جميعهم على مؤهلات دراسية عليا، كما أن هذه التجربة سيؤطرها أساتذة جامعيون لاسيما من كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية التابعة للجامعة بسلا، وكل المبادرات التي سنقوم بها ستكون بمعية الجامعة”.
وحول أجندة المركز لهذه السنة، يبرز السباعي أن المركز يعتزم إصدار دورية خاصة به وتنظيم ندوات علمية حول مواضيع الساعة بالمدينة والمغرب، من قبيل بطالة الشباب وإصلاح صندوق المقاصة، وتسليط الضوء على علاقات المغرب بالدول العربية والإفريقية وتلك السائرة في طريق النمو.
وفي هذا الخصوص، أفاد بأن المركز يطمح إلى تنظيم منتدى كبير حول إفريقيا بمدينة سلا في شهر أكتوبر المقبل، يتم خلاله بحث أربعة محاور أساسية هي العلاقات الاقتصادية بين المغرب والبلدان الإفريقية، والتبادل الثقافي بين الجانبين، والعلاقات بين المدن المغربية ونظيراتها الإفريقية، ودور الإعلام في النهوض بتلك العلاقات.
وأوضح أن المركز وضع اللمسات الأخيرة على خطة تسويق المشروع، وينتظر استلام الوصل النهائي لإنشاء المركز من أجل الشروع في البحث عن المؤسسات التي يمكن أن تحتضن هذا الملتقى الدولي.
“عوض التباكي على الدور الإشعاعي الذي اضطلعت به مدينة سلا لقرون خلت، اخترنا كشباب المدينة أن نبادر إلى تقديم شيء لهذه المدينة ولوطننا”، يؤكد السباعي بنبرة واثقة، قبل أن يسترسل قائلا “هذه المبادرة تحفزها عبارة بسيطة جعلناها شعارا للمركز : “لأن العالم يتغير”.