مدرسة التعليم العتيق بأبي الجعد.. صرح علمي للحفاظ على الطابع الروحي للمدينة وتعزيز إشعاعها الثقافي والديني

(إعداد المصطفى الناصري)

خريبكة – تشكل مدرسة الشيخ محمد المعطى بن الصالح الشرقي للتعليم العتيق بأبي الجعد ، صرحا علميا يروم الحفاظ على الطابع الروحي للمدينة وتعزيز إشعاعها الثقافي والديني، حيث تزاوج بين حفظ القرآن الكريم والإلمام بالعلوم الشرعية والانفتاح على العلوم الحديثة والمحافظة على الطابع الروحي لمدينة الأولياء والصالحين.

ويأتي إحداث هذه المدرسة، التي أشرف أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس على تدشينها في 16 من مارس 2012 ، في إطار التأكيد على الأهمية البالغة، التي يوليها جلالته لهذا النمط التعليمي والتربوي الأصيل، الذي يروم تمكين التلاميذ والطلبة من إتقان حفظ القرآن الكريم واكتساب العلوم الشرعية، والإلمام بمبادئ العلوم الحديثة، وتنمية مداركهم في مجال الثقافة الإسلامية، إلى جانب ضمان تفتحهم على العلوم والثقافات الأخرى في ظل مبادئ وقيم الإسلام السمحة.
ومنذ انطلاق الدراسة بالمدرسة، التي تحمل اسم أحد أبناء سيدي محمد الشرقي مؤسس الزاوية الشرقاوية وأحد أقطاب التصوف وتعد تجربة نموذجية للتعليم العتيق بالمدينة، استطاعت هذه المؤسسة التربوية أن ترسخ نظاما تعليميا عتيقا قائم الذات يساهم في تخريج أجيال حافظة لكتاب الله، وتواصل المحافظة على التعاليم الدينية والعقيدة السمحة المتمثلة في الاعتدال والتسامح.
وتهدف المدرسة، التي أنجزت من طرف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، إلى تكوين الطلبة تكوينا شرعيا متينا ومنفتحا يتميز بإتقان حفظ وتجويد القرآن الكريم، والإلمام بالعلوم الشرعية، والانفتاح على العلوم الحديثة واللغات الأجنبية، وكذا تلقين التلاميذ قيم العقيدة السمحة ونشر الوعي الديني ومحاربة الأمية.
وتساهم مدرسة الشيخ محمد المعطى بن الصالح الشرقي للتعليم العتيق، بالإضافة إلى تكوين المتمدرسين حفظ القرآن الكريم والإلمام بالعلوم الشرعية، في المحافظة على الطابع الروحي العريق لمدينة أبي الجعد وتعزيز إشعاعها الثقافي والديني.
وتضم هذه المدرسة، التي أقيمت على مساحة إجمالية مغطاة تبلغ 2470 متر مربع بكلفة تناهز 14 مليون درهم، جناحا تعليميا يضم خمس قاعات للدراسة ومختبرا وقاعة للعلوم وخزانة للكتب وقاعة متعددة الاختصاصات ومكاتب إدارية، وجناحا للداخلية يشمل مراقد تتسع ل 166 سريرا وقاعة للتمريض ومطبخا ومطعما، إلى جانب مرافق أخرى من بينها ملعب للرياضات الجماعية وقاعة للصلاة وسكنين وظيفيين ومستودع للملابس.
وحسب معطيات للمندوبية الإقليمية لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بخريبكة ، فإن عدد التلاميذ المتمدرسين بمدرسة الشيخ محمد المعطى بن الصالح الشرقي للتعليم العتيق برسم الموسم الدراسي 2014-2015، يبلغ 146 تلميذا منهم 137 بالطور الدراسي الابتدائي (85 ذكور و52 إناث)، و09 تلاميذ بالطور الدراسي الإعدادي (04 ذكور و05 إناث) .
وأضافت المعطيات أن البنية الإدارية والتربوية لهذه المدرسة تتوفر على خمسة أطر إدارية (03 ذكور و02 إناث) و14 من الأطر التربوية (10 ذكور و04 إناث)، وأربعة أعوان ومستخدمون، مشيرة إلى أن هؤلاء المستخدمين يستفيدون من الرواتب الشهرية التي تقدمها الوزارة في إطار الدعم السنوي المرصود لمدارس التعليم العتيق بالمغرب.
وأبرزت أن المؤسسة، التي تعتمد نظاما تربويا ينسجم مع الأهداف المرسومة و يستمد توجيهاته من أصالة النظام التربوي الإسلامي، تشتغل بالنظام الداخلي الذي يوفر للطلبة المتمدرسين إمكانية الاستفادة من الإقامة والتغذية والمنحة الدراسية ، ناهيك عن التجهيزات المنقولة والأدوات المدرسية واللوازم المكتبية والتجهيزات السمعية البصرية.
يذكر أن الشيخ محمد المعطى بن الصالح حفيد الولي الصالح أبي عبيد الشرقي مؤسس الزاوية الشرقاوية بأبي الجعد (المتوفي سنة 1180 ه/1766م) ، يعد من أقطاب التصوف حيث ألف “ذخيرة المحتاج في الصلاة على صاحب اللواء والتاج” والتي بلغت أجزاؤها أزيد من 60 مجلدا من الحجم الكبير سلك فيها ما كتبه من تفسير وحديث وسيرة وعقيدة وأدب وشعر.
وتعد هذه الذخيرة ، التي استغرق تأليفها أزيد من 20 سنة ، أكبر موسوعة مزجت بين الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والسيرة النبوية في العالم الإسلامي منذ بداية تدوين سيرة الرسول الكريم، وأعظم الكتب التي فاق بها المغاربة غيرهم.