كبير عمي في ملتقى وكالة المغرب العربي للأنباء: الرواية ليست مجرد لحظة للتسلية وإنما وسيلة لتدبر العالم

الرباط- أكد الكاتب والروائي المغربي كبير عمي، أمس الخميس بالرباط، أن الرواية ليست مجرد لحظة للتسلية وإنما وسيلة لتدبر العالم وللتفكير في ماهيته.

وقال كبير عمي، الذي حل ضيفا على الملتقى الثقافي لوكالة المغرب العربي للأنباء لمناقشة موضوع “الأدب والسفر.. شارل دو فوكو بالمغرب في نهاية القرن ال 19 نموذجا” ” بالنسبة لي، الأدب والرواية خاصة، ليست مجرد لحظة للتسلية وإنما هي أيضا تمرين على التدبر ووسيلة للتفكر في العالم”.

وبالنسبة لهذا الروائي ذي الصيت الدولي، برصيده البالغ 14 مؤلفا، فإنه ما من معنى أو قيمة لرواية أو قصة لا تمكن القارئ من فهم العالم ومساءلة الواقع. مشددا على أن “الرواية الحقيقية هي تلك التي تقحم التساؤلات التي تجتاحنا أكثر من غيرها وتمسنا في العمق”.

وأوضح كبير عمي أمام ثلة من المفكرين والصحافيين الوطنيين والدوليين أن “فن الرواية يتمثل في جعل الوقائع الخيالية جديرة ظاهريا بالتصديق من خلال ما نطلق عليه بشكل مشترك “الكذب- الحقيقي”، مشيرا إلى أن “فن الرواية يقوم على كل ما هو قابل للتصديق للوصول في ما بعد إلى حقيقة إنسانية وليست تاريخية”.

وحسب كبير عمي، يعكس موضوع السفر، الذي يهتم به كثيرا، هذه الحقيقة الإنسانية، كما تشهد على ذلك مؤلفات كبار الكتاب من قبيل ابن العربي وميغيل دي سيربانتيس أو دانيال دوفو، معتبرا أن “كل أدب هو أدب للسفر” لأنك “تسافر دائما في كتاب من أول إلى آخر صفحة”.

ويرى هذا الروائي، المنحدر من مدينة تازة، أن غاية كل رواية هي قول الحقيقة الإنسانية المتوارية خلف الشخصيات كما هو الشأن بالنسبة لماردوخي، الشخصية الرئيسية في الرواية التي تحمل إسمه .

ويرى مؤلف رواية “ماردوخي”، الصادرة سنة 2011 عن دار النشر غاليمار، أن هذه الرواية ليست فقط تاريخية بل يمكن قراءتها كرواية مغامرات في مغرب القرن ال19، الذي كان حينها محط أطماع القوى الكبرى، وذلك من خلال رحلة شارل دو فوكو الشخصية المثيرة للجدل: المستكشف-المغامر أو مجرد الجاسوس الذي كان يعمل لحساب فرنسا.

وكان شارل دو فوكو، الضابط الشاب الخارج للتو من سان سير، يرغب في أن تحتل بلاده فرنسا المغرب. وبعد تفكير عميق، بدا له أن أفضل وسيلة لجمع المعلومات من مصادرها الأولى كانت السفر إلى المغرب واستكشافه طولا وعرضا. ت/ سس زس

وفي يونيو 1883، اتصل بمغربي يدعى ماردوخي أبي سرور، وقرر السفر إلى جميع أنحاء المغرب. واستمرت هذه الرحلة 11 شهرا وخدمت بشكل كبير فرنسا للشروع في غزو المغرب.

وبعد رحلة المغرب، أدلى الشخص الذي كان دليل شارل دو فوكو باعتراف مثير للقلق. فعشية وفاته، أعرب ماردوخي عن حزنه لأنه جرى توظيفه من قبل شخص كان في خدمة قضية لا تمت إليه بصلة.

ولم يغفر اليهودي المغربي ماردوخي لنفسه انصياعه لخدمة شارل دو فوكو، الذي سيصبح في ما بعد قديسا للكنيسة بعد إعلان قداسته من قبل الفاتيكان في عام 2005.

وتتيح رواية “ماردوخي”، وهي بمثابة غوص في الذاكرة، قراءة أخرى للتاريخ من خلال طرح أسئلة تهم، على الخصوص، الخدعة التي مارسها شارل دوفوكو.

ولد الروائي والكاتب المسرحي كبير عمي في تازة بالمغرب سنة 1952، لأب جزائري وأم مغربية.

وبعد حصوله على الباكالوريا، توجه إلى فرنسا ثم إلى إنجلترا قبل أن يقيم لفترة طويلة في الولايات المتحدة.

وبعد عودته إلى فرنسا، أصبح مدرسا للغة الانجليزية، ويدرس اليوم في المنطقة الباريسية، حيث يقيم.

وألف، بالخصوص، السيرة الذاتية للأمير عبد القادر، وروايات للشباب “تقاسم العالم” و”ورقة زجاج” (دار غاليمار)، وروايتين هما “السماء دون انعطافات” (مجموعة بلانش، 2007)، والفضائل اللاأخلاقية (مجموعة بلانش، 2009).

وارتأت وكالة المغرب العربي للأنباء، المؤسسة الإعلامية الوطنية التي تضطلع بمهمة المرفق العمومي، تنظيم هذه اللقاءات بشكل دوري، رغبة منها في إسماع أصوات المثقفين والفنانين للجمهور الواسع. وتهدف الوكالة، أيضا، إلى توفير فضاء للنقاش وتبادل بناء للآراء بين الفنانين ونقاد الفن والمدعوين المهتمين بقضايا ثقافية وفنية، تعكس الانفتاح الكبير والحوار اللذين يشهدهما المغرب في جميع المجالات منذ أزيد من 15 سنة.

ويعد هذا الملتقى الثالث ضمن سلسلة لقاءات ذات طابع ثقافي، أطلقتها الوكالة بهدف المساهمة في تنشيط الساحة الثقافية التي تشهد تطورا ملحوظا منذ بضع سنوات.

كما يخول فرصة لتدارس الرافعات ونقاط القوة في المشهد الثقافي الوطني، وكذا الإكراهات والمشاكل التي تعيق تطورها.