قمة ريادة الأعمال بمراكش تزرع بذور مقاولي المستقبل المبتكرين

(بقلم رشيد ماموني)

مراكش – بعد ثلاثة أيام من التبادل المثمر والغني بمراكش، أثمرت الدورة الخامسة للقمة العالمية لريادة الأعمال نتائج واعدة تبشر بحصاد وفير، بعدما زرعت بذور مقاولي المستقبل المبتكرين.كانوا حوالي 7 آلاف من المقاولين الشباب وحاملي المشاريع الذين جاؤوا إلى مراكش، وفي فكر كل واحد منهم تدور فكرة مبتكرة، ولكنهم غادروها ومع الفكرة آمال عريضة لتحقيق الحلم، يلهمهم في ذلك قصص النجاح والنماذج المبدعة التي استعرضت على مدى 3 أيام خلال هذه القمة، التي كانت بمثابة قرية بأبعاد عالمية لتشجيع ريادة الأعمال وروح المقاولة.
وعرفت القمة عقد أزيد من عشر جلسات عامة والعديد من ورشات العمل التي توالى على تأطيرها مسؤولون من خمسين بلدا، ومتدخلون ومقاولون ناقشوا مواضيع مكثفة ومتنوعة تتعلق بروح الابتكار والجرأة التي يتعين أن يتحلى بها كل مقاول حديث العهد بعالم ريادة الأعمال.
وكما قال جلالة الملك محمد السادس في الرسالة السامية الموجهة إلى المشاركين في القمة .. ” إن الإنسان لا يولد مقاولا، بل يصبح كذلك عبر الانخراط في مسار النجاح، من خلال علاقة تفاعلية بين المجهود والتعلم والتحكم في الصعوبات”.
لقد كانت اللهجة حاسمة والهدف محدد من أجل تشجيع حاملي المشاريع الجديدة أو كل من تدور بخلده فكرة خلاقة بإمكانها أن تدر الثروة وتوفر فرص الشغل.
ولعل إعلان الرئيس المدير العام لمجموعة البنك المغربي للتجارة الخارجية عثمان بنجلون، الخميس الماضي، عن أن مجموعته البنكية ستخصص جائزة سنوية، بقيمة مليون دولار، لتشجيع الروح المقاولاتية بإفريقيا، قد شحذ همم المقاولين الشباب الباحثين عن التمويل والمواكبة والدعم.
وتهدف هذه الجائزة، التي وضعت بشراكة مع أطراف معترف بها دوليا، إلى المساهمة في تعزيز روح ريادة الأعمال بين الشباب الأفارقة. ولعلها تجسيد ملموس لواحدة من مسلمات الخطاب الملكي بأبيدجان، والتي ترى أن إفريقيا يتعين أن تكون واثقة في مؤهلاتها وسكانها.
مبادرات كبرى تم الإعلان عنها خلال الأيام الثلاثة من الأشغال المكثفة خلال القمة، من بين أهمها إعلان نائب الرئيس الأمريكي، جو بايدن، عن قرار الحكومة الأمريكية استثمار نحو 50 مليون دولار في إطار برنامج تحدي الألفية، لدعم استراتيجية المغرب في مجال التكوين المهني.
ووسط ترحيب كبير من لدن المقاولين الأفارقة، أعلن عن إقامة أكاديمية بالمغرب لتكوين المقاولين القادمين من المغرب وكوت ديفوار والسينغال.
كما أن أولى عمليات الشبكة العالمية للمقاولة سيتم إطلاقها من المغرب، وتهدف هذه الشبكة في المقام الأول إلى توسيع الفرص الاقتصادية للجميع، ولاسيما للشباب والنساء، إذ سترصد واشنطن لهذا الغرض غلافا ماليا بقيمة مليار دولار لدعم القطاع الخاص في العديد من البلدان خلال السنوات الثلاث المقبلة.
وليقرن الأقوال بالأفعال، التقى السيد بايدن مع مقاولين شباب “شغوفين ومتحمسين” لتنفيذ مشاريعهم الرامية إلى رفع تحدي الابتكار والتنمية المستدامة.
وتم التأكيد على أهمية تكوين المقاولين الشباب أيضا من خلال الإعلان عن إنشاء مؤسسة المكتب الشريف للفوسفاط وشركائه ل “أكاديمية جهوية” تعنى بالتكوين في مجال صيانة المحركات الصناعية الثقيلة والعربات التجارية.
وفي اليوم الأول من القمة، اتجهت الأنظار نحو المرأة الإفريقية المقاولة، إذ خصص يوم بكامله من أجل تكريمها.
وعرف هذا اليوم توالي نساء مقاولات ناجحات ومتفائلات وواثقات، على المنصة من أجل التحدث عن قصص نجاحهن المبهرة في عالم الأعمال، وقد شكلن نموذجا ستقتدي به نساء أخريات طامحات لشق طريقهن في عالم ريادة الأعمال.
“نعم، نستطيع النجاح”، هي العبارة المفتاح التي شكلت محور اليوم الأول الذي اصطبغ بلمسة نسائية، والذي تم خلاله الحديث عن قصص نجاح في جو من المنافسة الشريفة والتضامن الفعال.
في هذا الصدد، قالت باربارا رودزي، المؤسسة والرئيسة المديرة العامة لشركة “بار رو نيت وير” من زيمبابوي، المتخصصة في الصناعات النسيجية، إن لقاء مراكش يتعين أن يشكل انطلاقة جديدة من أجل إدماج أفضل للمرأة الإفريقية في عالم الأعمال في مختلف بلدان القارة، التي ستصبح على المدى القريب مركزا للنمو بالعالم.
وبالفعل، شكلت قمة مراكش مبعث إلهام ليس فقط لحوالي 7 آلاف مشارك بها، لكن أيضا لحوالي 22 مليون مستخدم أنترنت تابعوا هذا المنتدى عبر الشبكات الاجتماعية.
لقد كانت القمة لحظة فريدة وغير مسبوقة لتقاسم التجارب والثقافات والأحلام من أجل مستقبل واعد، قمة لترسيخ الابتكار والإبداع في خدمة تنمية مستدامة، يقودها شباب متحمسون من أجل رفع التحديات الراهنة.