آخر الأخبار
قلق يساور المثقفين والمبدعين في القاهرة بعد إغلاق (مقهى ريش) أحد معالم الذاكرة الثقافية والسياسية لمصر

قلق يساور المثقفين والمبدعين في القاهرة بعد إغلاق (مقهى ريش) أحد معالم الذاكرة الثقافية والسياسية لمصر

الثلاثاء, 12 مايو, 2015 - 10:43

( نورالدين الزويني )

القاهرة – يعيش مفكرون ومثقفون مصريون وعرب، ومراسلون صحافيون أجانب، على وقع سؤال حول مصير (مقهى ريش)، أحد المعالم التاريخية والثقافية بالقاهرة، الذي ظل شاهدا على فترة هامة من تاريخ مصر، والذي أقفل بعد وفاة صاحبه، الطيار السابق في الجيش المصري مجدي عبد الملاك.
في شارع (طلعت حرب)، الذي يحمل اسم مؤسس الاقتصاد المصري الحديث، وعلى مسافة ليست ببعيدة عن ساحة ينتصب فيها تمثال له في قلب القاهرة العتيقة، يوجد (مقهى ريش) الذي شيده في عام 1908 مواطن ألماني، وانتقلت ملكيته سنة 1941 إلى الفرنسي هنري بيير، الذي أطلق عليه اسم (ريش) تشبيها له بمقهى شهير في باريس يحمل نفس الاسم.
وقبيل انتهاء الحرب العالمية الأولى، في عام 1918، اشتراه تاجر يوناني كان يهوى الأدب والفن، ميشيل بوليدس الذي قام بتوسيعه، وأحاطه بحديقة أنشأ بها مركزا للموسيقى، ليتحول إلى ملتقى لأبناء الطبقة الأرستقراطية والفنانين والمثقفين والأجانب.
وحافظ المقهى بعد انتقال ملكيته لأول مرة إلى المصري مجدي عبد الملاك الذي وافته المنية الأسبوع الماضي، على طابعه الذي جعله مختلفا عن باقي مقاهي القاهرة.
لم يتغير شيء بداخل المقهى الذي يقع أسفل عمارة ذات طراز أوروبي، حتى بعد إعادة ترميمه على إثر زلزال ضرب القاهرة في تسعينيات القرن الماضي، ابتداء من لافتة تعلو بابه وتشير إلى تأسيسه في سنة 1908، وكراسيه الخشبية التي ظلت هي نفسها، والديكورات واللوحات التي تجعل منه تحفة معمارية، والعاملين فيه بزي النادل في الخمسينيات، وحتى شكل قائمة الطعام والمشروبات التي تقدم للزبائن.
بمدخل المقهى، توجد مكتبة مليئة بالكتب والمجلات الأدبية لأشهر الكتاب العرب والأجانب. وعلى الجدران صور فوتوغرافية لرواد الأدب والفن الذي كانوا يرتادونه، منهم نجيب محفوظ، وعباس محمود العقاد، وطه حسين، ويحيى حقي، ونجيب سرور، وصلاح جاهين، ومحمد عبد الوهاب، وسيد درويش، وأم كلثوم، ومحمد الكحلاوي، والشاعر الفلسطيني معين بسيسو، والشاعر السوداني محمد الفيتوري، بالإضافة إلى صور تاريخية لأشهر المباني والعمارات بمنطقة وسط القاهرة الخديوية.
ويتميز المقهى، الذي يتشكل زبائنه في الغالب من مفكرين ومثقفين ومن أفراد الجاليات الأجنبية المقيمة في مصر، وخاصة المراسلين الأجانب، وأيضا من السياح، بأنه لا يقدم “الشيشة” أو “النارجيلة”. ويوصف ب”المقهى الثقافي” لأن رواده يمضون أوقاتا طويلة بداخله، في القراءة، ويقيمون فيه ندوات وصالونات ثقافية، على غرار ندوة نجيب محفوظ التي كانت تقام فيه.
وسمي ب”ملتقى جيل الستينيات” لأنه شهد سطوع نجم عدد من أبناء هذا الجيل من المفكرين والمبدعين، وخاصة بعد هزيمة 1967، كإبراهيم أصلان، وصنع الله إبراهيم، ويوسف القعيد، وجمال الغيطاني، وفاروق جويدة وغيرهم.
وفي هذا المقهى احتشد، في الأربعينيات من القرن العشرين، الموسيقيون والمطربون المصريون لبحث مشاكلهم المهنية، وكان على رأسهم أم كلثوم، ومحمد عبد الوهاب، وفيه تم الاتفاق على تأسيس أول نقابة للموسيقيين في مصر وفي العالم العربي.
وأكد الباحث المصري محمد عبد الواحد، في كتابه “حرائق الكلام في مقاهي القاهرة”، أن هذا المقهى كانت تكتب فيه المنشورات والمطبوعات أثناء ثورة سعد زغلول في سنة 1919 ضد الاحتلال الإنجليزي، وعلى طاولاته جلس الرئيسان المصريان الراحلان جمال عبد الناصر وأنور السادات يحتسيان القهوة قبل ثورة يوليوز 1952.
كما ارتاده الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، وهو طالب بجامعة القاهرة، والتقى فيه بلاجئين سياسيين عراقيين، منهم الشاعر العراقي عبد الوهاب البياتي، وبعبد الفتاح إسماعيل رئيس جمهورية اليمن الشعبية الأسبق.
وفي (مقهى ريش) ولدت مشاريع أدبية وفكرية، كإصدار مجلة “الكاتب المصري” التي تولى رئاسة تحريرها طه حسين، ومجلة “الثقافة الجديدة” التي رأس تحريرها رمسيس يونان. وفيه قرر مثقفو مصر مقاطعة النشر في الجرائد والمجلات المصرية احتجاجا على توقيع الرئيس الراحل أنور السادات معاهدة كامب ديفيد في شتنبر 1978 مع مناحين بيغين رئيس وزراء إسرائيل.
وشهد المقهى أيضا قصص حب انتهت بالزواج، كزواج روز اليوسف من الفنان محمد عبد القدوس بعد مشاركتهما في عمل مسرحي على مسرح ريش في سنة 1918، وزواج الصحفية عبلة الرويني بالشاعر أمل دنقل الذي قابلته من أجل حوار صحفي ليقع كل منهما في حب الآخر. وفيه تقابل الشاعر أحمد فؤاد نجم والكاتبة صافيناز، وكان كذلك حب وزواج.
ويؤكد “عم” محمد حسين صادق، الذي عمل في المقهى منذ عام 1942، في حوار صحفي، أن شخصيات مسلسل “ليالي الحلمية” من زبائن حقيقيين ل”ريش”، مثل شخصية سليم البدري التي جسدها يحيى الفخراني، والمقتبسة من شخصية حقيقية هي محمد عفيفي باشا، كما أن رواية “الكرنك” لنجيب محفوظ كانت عما تعرض له المثقفون وطلبة الجامعة من اعتقالات في مقهى “ريش”.
وتحكي روايات ودواوين شعرية عن المقهى ودوره السياسي، ومنها رواية “الإسكندرية في غيمة”، ورواية “هنا القاهرة” لإبراهيم عبد المجيد، وديوان “بروتوكولات ريش” لنجيب سرور، وكتاب “حرائق الكلام في مقاهي القاهرة” لمحمد عبد الواحد، فضلا عن قصيدة خصه بها الشاعر أحمد فؤاد نجم وتغني بها الشيخ إمام عيسى في فترة السبعينيات.
ومن أجل الحفاظ على المقهى بعد وفاة صاحبه، أطلق عشاقه ورواده حملة للمطالبة بالحفاظ عليه وضمه إلى الآثار بعد أن تجاوز عمره 100 عام،طبقا لقانون الآثار المصري الذي ينص على أنه “إذا مر على المكان مائة عام أو أكثر فهو يعتبر أثراً لا يمكن المساس به” ، آملين كذلك من ورثة المقهى أن يحافظوا على هذا الصرح الثقافي ليظل ملتقى للمثقفين والفنانين والإعلاميين، ولكي لا يتحول إلى بازار أو مكتب صرافة، أو حلواني، أو غير ذلك، مما جرى لمقاهي شهيرة مماثلة في العاصمة المصرية.

اقرأ أيضا

تنظيم الدورة الـ23 لمهرجان وليلي الدولي لموسيقى العالم التقليدية من 12 إلى 15 شتنبر الجاري (بلاغ)

الأحد, 8 سبتمبر, 2024 في 19:43

تنظم وزارة الشباب والثقافة والتواصل (قطاع الثقافة)، من 12 إلى 15 شتنبر الجاري بالموقع الأثري وليلي ومدينة مكناس، الدورة الـ23 لمهرجان وليلي الدولي لموسيقى العالم التقليدية.

طاطا: مصرع أربعة أشخاص فيما لازال أربعة عشر آخرون في عداد المفقودين إثر التساقطات المطرية جد القوية التي عرفها الإقليم (حصيلة أولية)

الأحد, 8 سبتمبر, 2024 في 15:27

لقي أربعة أشخاص مصرعهم فيما لازال أربعة عشر آخرون في عداد المفقودين، وذلك على إثر التساقطات المطرية الرعدية جد القوية التي عرفها الإقليم والأقاليم المجاورة، وفق ما أفادت به السلطات المحلية بإقليم طاطا، في حصيلة أولية.

إقصائيات كأس إفريقيا للأمم 2025 (الجولة 3 و4/المجموعة 2) .. المغرب يواجه إفريقيا الوسطى يومي 7 و15 أكتوبر بوجدة

السبت, 7 سبتمبر, 2024 في 21:37

يواجه المنتخب المغربي لكرة القدم منتخب إفريقيا الوسطى، يومي 7 و15 أكتوبر المقبلين، بالملعب الشرفي بوجدة، لحساب الجولتين الثالثة والرابعة من تصفيات كأس إفريقيا لكرة القدم المغرب 2025.

MAP LIVE

MAP TV

الأكثر شعبية