فوانيس رمضان بمصر .. عندما تمتزج الذاكرة الشعبية بالانشغالات السياسية

فوانيس رمضان بمصر .. عندما تمتزج الذاكرة الشعبية بالانشغالات السياسية

الجمعة, 4 يوليو, 2014 - 12:05

(بقلم : توفيق صولاجي)

القاهرة -بالرغم من أن الكثير من التقاليد والعادات ، التي يتميز بها شهر رمضان في مصر ، قد تغيرت أو بدء يعتريها النسيان، فإن هناك بعض المظاهر صمدت بل ازدادت رسوخا مع الأيام ، ومنها “فانوس رمضان” ، الذي زادت العناية به وتطورت صناعته وبات سمة لا محيد عنها في مداخل الشوارع والأزقة والبيوت وواجهات المحلات التجارية.وتعتبر مدينة القاهرة من أهم المدن الإسلامية التي تزدهر فيها صناعة الفوانيس، حيث تشتهر مناطق وأحياء معينة بصناعة الفوانيس بمختلف أشكلها ، مثل منطقة “تحت الربع” القريبة من حي الأزهر و”الغورية” و”السيدة زينب”.
واتخذت أشكال وألوان فوانيس رمضان هذا العام في مصر طابعا سياسيا مع اختلاف أشكالها وألوانها التقليدية، وذلك بعد أن طغت الأجواء السياسة على جو الاحتفاء بمناسبة رمضان الفضيل.
ولم يكن ظهور الفوانيس التي ترتبط أشكالها بالأوضاع السياسية في البلاد ، وليد الأحداث الأخيرة ، بل تعداها إلى سنوات الثلاثينيات ، حيث توجد بعض الفوانيس المعقدة من ناحية تصميمها مثل الفانوس المعروف “بالبرلمان”، والذي سمي بذلك نسبة إلي فانوس مشابه كان معلقا في قاعة البرلمان المصري في الثلاثينات من القرن الماضي، وكذلك فانوس “فاروق” الذي يحمل إسم ملك مصر السابق والذي كان قد صمم خصيصا لاحتفال القصر الملكي بيوم ميلاده، وتم شراء ما يزيد على 500 فانوس من هذا النوع يومها لتزيين القصر الملكي.
وهذا ليس غريبا على بلاد الكنانة، إذ واكبت صناعة الفوانيس في السنوات الأخيرة الأحداث السياسية، لاسيما تلك التي أعقبت ثورة 25 يناير 2011 ، وعرفت انتشارا واسعا ، فاشتهر ما عرف ب”فانوس الثورة” المغطى بعلم مصر وبالعديد من شعارات الثورة ومطالبها، وكان الأكثر مبيعا في العامين الماضيين.
كما انتشرت في شوارع القاهرة، هذه السنة العديد من أشكال الفوانيس، التي تعكس المرحلة الراهنة، حيث ظهرت فوانيس “السيسى”، لتعبر عن حب المصريين للرئيس الجديد، بعد اكتساحه الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
وتختلف الروايات عن أصل الفانوس بمصر، وتذهب إحداها إلى أن الخليفة الفاطمي ، المعز لدين الله، كان يخرج إلى الشوارع ليلة الرؤية ليستطلع هلال شهر رمضان، وكان الأطفال يخرجون معه ليضيئوا له الطريق، فكان كل طفل يحمل فانوسه ويقوم الأطفال معا بغناء بعض الأغاني تعبيرا عن سعادتهم باستقبال شهر رمضان.
وتقول رواية أخرى أن أحد الخلفاء الفاطميين رغب في إضاءة شوارع القاهرة طوال ليالي شهر رمضان، فأصدر أمره لكل شيوخ المساجد بتعليق فوانيس يتم إضاءتها بواسطة شموع توضع بداخلها.
وتروي قصة ثالثة أنه خلال العصر الفاطمي، لم يكن يسمح للنساء بترك بيوتهن إلا في شهر رمضان وكان يسبقهن غلام يحمل فانوسا لتنبيه الرجال بوجود سيدة في الطريق لكي يبتعدوا، وبهذا الشكل كانت النساء تستمتعن بالخروج وفي نفس الوقت لا يراهن الرجال.
ووفقا لمصادر تاريخية فإن المعز لدين الله ، أول خليفة فاطمي، وصل إلى القاهرة في الليلة الخامسة من شهر رمضان وعندها خرج أهلها ليرحبوا به ممسكين بفوانيس ملونة لينيروا له الطريق المؤدية إلى القصر ومنذ ذلك الوقت أصبح استخدام الفوانيس شائعا في ليالي رمضان.
كما استخدم الفانوس في صدر الإسلام في الإضاءة ليلا للذهاب إلى المساجد وزيارة الأصدقاء والأقارب، ويفتخر المصريون إلى الآن بأنهم أول من عرف فانوس رمضان.
ورغم ارتباط الفانوس بشهر رمضان، فإن صناعة الفوانيس في مصر مستمرة طوال العام، حيث يتفنن صناعها في ابتكار أشكال ونماذج مختلفة، وتخزينها ليتم عرضها للبيع في شهر رمضان الذي يعد موسم رواج لهذه الصناعة.
وعرفت أنواع كثيرة من الفوانيس المصرية منها الشاذلي (فانوس الشمعة) وهو الفانوس المصري القديم، والمصنوع من الصاج ومزخرف بالطريقة الإسلامية، وعادة يكون صغير الحجم، أما الكبير منه فيضاء عبر مصباح كهربائي يوضع بداخله. وفانوس (الرخامي)، ويصنع من حجر الرخام، ويوضع عادة من أجل الديكور كتحفة فنية داخل المنزل.
أما فانوس (الخيامية)، الذي يشهد إقبالا كبيرا عليه في الأعوام الأخيرة، فهو عبارة عن فانوس مكسو بقماش مطبوع عليه زخارف ومنمنمات إسلامية ورسوم رمضانية، ويقبل المصريون على اقتناء مثل هذه النماذج بعد أن تراجع الإقبال على الفوانيس المستوردة من الصين التي تعمل عن طريق البطاريات، ويغلب عليها الطابع الآلي التقليدي.
وهناك الفانوس (الخشبي)، والمصنوع من الخشب المصمم بزخرفة إسلامية بارزة، بالإضافة إلى رسومات للعب الأطفال من عرائس وحيوانات متنوعة، صنعت خصيصا لشهر رمضان الكريم، حيث تغني بأغاني رمضان الشهيرة وتنشر إضاءة مبهرة في المكان.
ولم تعد الفوانيس تقتصر على كونها هدية للأطفال في شهر رمضان، بل عاد الإقبال عليها هذه السنة بمختلف أشكالها ، بعد عودة المصريين لاستخدامها مرة أخرى في الإضاءة مثل الأيام السابقة بدلا من التزيين فقط، بسبب الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي خاصة وأن رمضان يصادف هذه السنة موسم الصيف التي ترتفع الحرارة ويزيد فيه استخدام المكيفات ومع استهلاك الكهرباء.

اقرأ أيضا

المغرب استطاع تحت قيادة جلالة الملك أن يصنع لنفسه مكانة خاصة بين الأمم الكبرى (صحيفة كويتية)

الأحد, 28 يوليو, 2024 في 21:36

أكدت صحيفة (السياسة) الكويتية، أن المغرب استطاع تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أن يصنع لنفسه مكانة خاصة بين الأمم الكبرى.

الرباط.. افتتاح المعرض الدائم للجنة القدس

الأحد, 28 يوليو, 2024 في 14:16

جرى أمس السبت، بمقر وكالة بيت مال القدس الشريف بالرباط، افتتاح المعرض الدائم للجنة القدس التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي، وذلك تزامنا مع تخليد الذكرى الـ25 لعيد العرش المجيد.

أولمبياد باريس 2024.. راكب الأمواج المغربي رمزي بوخيام يتأهل إلى الدور الثاني

الأحد, 28 يوليو, 2024 في 10:14

تأهل راكب الأمواج المغربي، رمزي بوخيام، أمس السبت بتيهوبو في تاهيتي، إلى الدور الثاني في رياضة ركوب الأمواج، ضمن الألعاب الأولمبية التي افتتحت أمس الجمعة بباريس.