فاس، أرض الحوار والتسامح، على موعد مع المنتدى العالمي التاسع لمنظمة الأمم المتحدة لتحالف الحضارات

(عز العرب مومني)

فاس – تجدد حاضرة فاس، أرض الحوار ورمز التسامح والتعايش، اليوم الثلاثاء، موعدها مع فعاليات المنتدى العالمي التاسع لمنظمة الأمم المتحدة لتحالف الحضارات.

ولم يكن اختيار مدينة فاس التاريخية، العاصمة الروحية والعلمية للمملكة، لاستضافة هذا الحدث الدولي البارز، على مدى يومين والذي تحضره شخصيات دولية رفيعة المستوى، وليد الصدفة، وإنما هو اعتراف بعراقتها ورمزيتها الروحية.

وقد كرست مدينة فاس نفسها، على مر العصور، وعن جدارة واستحقاق، كأرض للحوار ورمز للتسامح والتعايش وإشاعة القيم الروحية، وتعزيز وتقوية عرى التقارب بين الحضارات، والتفاعل والحوار بين الشعوب.

وشكلت العاصمة العلمية على الدوام أرضا للانفتاح والقبول بالآخر والتعددية الثقافية والتلاقح الثقافي والفني من خلال استضافة تظاهرات فنية وأدبية وسياسية وثقافية مرموقة، ضمنها مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة، ومهرجان فاس للثقافة الصوفية، وغيرها من التظاهرات التي عرفت مشاركة خبراء وفاعلين وفنانين من مشارب شتى وآفاق متعددة، وساهمت بجلاء في مد جسور التواصل والتقارب.

وتؤكد استضافة المملكة لهذا الحدث العالمي، مجددا، التزام المغرب الموصول بالقيم التي يمثلها حوار الثقافات والديانات، والاعتراف بالدور الرائد للمغرب بوصفه عضوا مؤسسا لتحالف الحضارات.

ولا أدل على ذلك من احتضان مدينة فاس لأشغال الدورة الثانية للمؤتمر الدولي لحوار الثقافات والأديان، في شتنبر من سنة 2018، حول موضوع “سؤال الغيرية”، والذي تميز بالرسالة التي وجهها صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى المشاركين فيه، حيث أكد فيها جلالته على أن “مدينة فاس العريقة ظلت على مر العصور أرضا للحوار ورمزا للتسامح والتعايش، وإشاعة القيم الروحية”.

وسجل جلالة الملك أنه “إذا كان كرم الضيافة من شيم المغاربة، فإنه يشمل أيضا كرم الروح. ففي بيئته ينشأ الاحترام وقبول الآخر، ويزدهر التنوع الثقافي. وقد جسدنا هذه الميزة، التي تجعل من المغرب بلدا متعددا ومتنوعا، في إطار الوحدة الوطنية، من خلال جملة من المبادرات على الأصعدة الوطنية والإقليمية والدولية”.

وتابع جلالته أنه “لا فرق في المغرب بين المواطنين المسلمين واليهود، حيث يشارك بعضهم بعضا في الاحتفال بالأعياد الدينية”، مؤكدا على أنه “بالنسبة للمسيحيين العابرين أو المقيمين في المغرب، فقد كان لهم على الدوام الحق في إقامة شعائرهم الدينية في كنائسهم، وكان من أجدادنا السلاطين من أهدى أرضا لبناء كنيسة ما تزال مفتوحة للمصلين إلى يومنا هذا”.

وبالنظر إلى كون الموضوع المركزي لهذه التظاهرة الدولية يهم تعزيز السلام والتعايش، ينتظر أن يركز المنتدى العالمي التاسع لتحالف الأمم المتحدة للحضارات الذي تلتئم فيه صفوة من المنافحين عن قيم السلم والحوار والتعايش، بالخصوص، على السبل الكفيلة لإيجاد السلم والوحدة والتضامن والاحترام المتبادل والكرامة الإنسانية والرحمة.

يذكر أن هذا الحدث العالمي البارز ينعقد في سياق عالمي شديد الصعوبة يتسم بمجموعة من التحديات العالمية، ولاسيما تصاعد التطرف العنيف والإرهاب وكراهية الأجانب وخطاب الكراهية والعنصرية والتمييز والراديكالية.