عيد العرش .. من ذكرى لتحدي الاستعمار إلى آلية لتكريس دولة الحق والقانون والتقدم الاقتصادي والاجتماعي

عيد العرش .. من ذكرى لتحدي الاستعمار إلى آلية لتكريس دولة الحق والقانون والتقدم الاقتصادي والاجتماعي

الخميس, 24 يوليو, 2014 - 12:23

بقلم خالد الشاتي – برشلونة – يجسد عيد العرش الذي يصادف هذه السنة الذكرى الخامسة عشرة لاعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس عرش أسلافه الكرام ، حدثا وطنيا ذي دلالات تاريخية مليئة بالرموز السياسية والحضارية ، وهو مناسبة يتجدد العهد فيها بين العرش والجالس عليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس وسائر الشعب المغربي على الاستمرار في بناء البلاد وتنميتها المستدامة في جميع المجالات.

وشكل عيد العرش منذ أن تمكن الوطنيون المغاربة بتنسيق مع السلطان محمد بن يوسف في السنوات الثلاثين من القرن الماضي ، 1934 تحديدا ، من إحياء هذه الذكرى إبان الاستعمار الفرنسي، تحديا واضحا للاستعمار ، وبداية فعالة لمسلسل المطالبة بالاستقلال الوطني في إطار النظام الملكي ، موحد الأمة على مر تاريخ الدولة المغربية .
لقد ظل العرش المغربي قائم الدعائم بالرغم من كل المطبات التي لحقت بالبلاد على مر قرون ، فالعرش المغربي مثل دائما السلطة الدينية والسياسية في الزمن والمكان، وهو الضامن الأساسي للهوية المغربية والحارس الأمين للأراضي والحدود المغربية، وهو كذلك عماد الدولة التي ظلت قائمة الذات بالرغم من الفترة القصيرة نسبيا التي خضع فيها المغرب للحماية الفرنسية.
ولولا النظام الملكي لانمحت الجنسية المغربية من الوجود، ولأصبح المغاربة شعوبا وقبائل تتصارع في ما بينها من أجل مصالح ذاتية أو لفائدة جهات أجنبية.
ولولا العرش المغربي كذلك لاستمر المغرب كمستعمرة من المستعمرات الأجنبية، لهذا ولأشياء أخرى ، يعتبر العرش المغربي حارس القومية المغربية، وحافظها من الانحلال والاندثار.
ويعتبر يوم 30 يوليوز سنة 1999، تاريخ اعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس عرش أسلافه الميامين، يوما مشهودا في تاريخ المغرب المعاصر.
لقد أعطى جلالة الملك محمد السادس، منذ اعتلائه العرش، روحا جديدة للعلاقات بين العرش والشعب حيث قام جلالته خلال 15 سنة على تربعه على العرش ببلورة سياسة اقتصادية واجتماعية جديدة ومحكمة تهدف إلى تغيير وجه المغرب في جميع الميادين باعتباره بلدا صاعدا تواجهه تحديات موضوعية تمليها ظرفية دولية متقلبة على الصعيدين السياسي والاقتصادي.
ومن هذا المنطلق وضع جلالته برنامجا شاملا يتوخى التحديث السياسي والعصرنة المؤسساتية والتشريعية، ومنح البلاد كل الوسائل السياسية والاقتصادية والمؤسساتية من أجل الوصول الى مصاف الدول الديمقراطية والمتقدمة.
وقد نجح المغرب بفضل المبادرات الجريئة والخلاقة لجلالة الملك محمد السادس التي تعكس الرغبة في التغيير التي أرادها جلالته ، في ترسيخ مسار البناء الجماعي لمغرب الوحدة والديمقراطية والتقدم، مغرب يسير بخطى ثابتة من أجل تحقيق مستقبل زاهر ومتقدم.
وشكل إعلان الملك محمد السادس في التاسع من مارس 2011 ، في خطاب عن إجراء “تعديل دستوري شامل عُرِضَ على الشعب المغربي وتم تبنيه من خلال استفتاء في الفاتح من يوليوز 2011 بأغلبية ساحقة ، قمة الإصلاحات السياسية التي وضعها جلالته وحظيت بإشادة عالمية و إقليمية .
وكان هذا الإصلاح الدستوري الذي باشره العاهل الكريم بمثابة وسيلة مبدعة لدرء كل خطر يتهدد البلاد، ودليلا آخر على الثقافة الإصلاحية التي تسيطر على الحياة السياسية المغربية والتي تحكم تصرفات الفاعلين المختلفين في الساحة الوطنية.

ويعتبر الدستور الذي تمت الموافقة عليه في استفتاء شعبي، تطورًا هامًا في الحياة السياسية والاجتماعية المغربية لكونه يكرس الحقوق والحريات، ويعزز السلطة التنفيذية، و يوسع مجال إعمال القانون، وحماية استقلال القضاء.
وكان جلالة الملك محمد السادس مافتئ يدعو الى تحقيق المزيد من التقدم في مسار الإصلاحات السياسية والاقتصادية وإعطاء الأسبقية لكل ما يحفز على النمو وتوفير فرص الشغل .
وقال جلالته في خطابه بمناسبة الذكرى الرابعة عشرة لتربعه على العرش”وإذ نؤكد التزامنا بتشجيع الاستثمار، فإننا نجدد دعوتنا للحكومة، لإعطاء الأسبقية، لكل ما يُحفز على النمو، وتوفير فرص الشغل، في تكامل بين متطلبات الاستهلاك المحلي، وبين قابلية إنتاجنا للتصدير، بما يعنيه ذلك من انعكاسات إيجابية على ميزان الأداءات”.
كما أكد أن الهدف الأساسي من النمو الاقتصادي في البلاد هو “تحقيق العدالة الاجتماعية، التي هي أساس التماسك الاجتماعي”.
وأطلق جلالة الملك بالموازاة مع مبادراته السياسية والاقتصادية ورشا كبيرا للإصلاحات في مجال بناء دولة الحق والقانون والمؤسسات، وحماية حقوق الإنسان، كمسار يعبر عن إصرار المغرب على السير قدما في هذا الميدان.
ويتأسس النموذج المغربي، الذي أصبح قدوة بفضل العديد من الاعترافات القارية والدولية، على عدد من الركائز التي تشكل العمود الفقري لمشروع مجتمع ديمقراطي ومتضامن.
ويتعلق الأمر بانضمام المغرب لأهم الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان ومتابعة التوصيات التي نصت عليها هيئة الإنصاف والمصالحة ، والتجديد التشريعي من قبيل اعتماد مدونة جديدة للأسرة وحقوق المرأة والطفل.
وكانت المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة نافي بيلاي قد أكدت أن المغرب حقق تقدما كبيرا في هذا المجال خلال السنوات الأخيرة. كما نوهت بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي ” تتميز أشغاله وقراراته بالمصداقية والمهنية العالية”.
وصرحت المسؤولة الأممية الرفيعة المستوى في ندوة صحافية شهر ماي الماضي في ختام زيارتها للمغرب أن ” المغرب حقق تقدما كبيرا نحو حماية أفضل لحقوق الإنسان”، مشيرة الى إنشاء هيئة الإنصاف والمصالحة في 2004، المكلفة بالتحقيق في الانتهاكات السابقة لحقوق الإنسان.
وأعربت نافي بيلاي عن ارتياحها لأن المملكة المغربية صادقت في 2011 ، على دستور جديد ” يكرّس سمو الاتفاقيات الدولية على القانون الوطني”.
ويعتبر مشروع القانون الخاص بإصلاح القضاء العسكري بالمغرب، الذي تم اعتماده مؤخرا ، تأكيدا جديدا وواضحا لالتزام صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بحماية حقوق الإنسان وتكريس ثقافة احترام هذه الحقوق بكل أبعادها، باعتبارها أحد روافد تعزيز المسلسل الديمقراطي الذي انخرطت فيه المملكة بشكل لا رجعة فيه.
والآن ، والمغرب قد حقق نقلة نوعية في جميع الميادين، كما أصبح بوابة حقيقية نحو إفريقيا على المستوى السياسي والتنموي والاقتصادي، فإنه ، وبحسب جل المراقبين والسياسيين الدوليين، شق طريقه بكل إصرار نحو التقدم والازدهار على أسس قويمة وجادة ومتوازنة.

اقرأ أيضا

وزارة العدل تعزز اللاّمركزية بتأسيس مديريات إقليمية لتحديث الإدارة القضائية

السبت, 2 نوفمبر, 2024 في 12:21

أصدر وزير العدل قرارا بإنشاء وتنظيم المصالح اللاممركزة للوزارة، متمثلة في مديريات إقليمية للعدل موزعة على مستوى الدوائر القضائية لكل محكمة استئناف.

السيد الشامي يبرز إيجابيات تعزيز حكامة المالية العمومية (مناظرة)

السبت, 2 نوفمبر, 2024 في 11:36

أكد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أحمد رضا الشامي، أمس الجمعة بالرباط، أن تعزيز حكامة المالية العمومية يخلق آثار إيجابية على عدة مستويات.

السيد بنسودة يدعو إلى تحسين نموذج الحكامة المالية العمومية

السبت, 2 نوفمبر, 2024 في 11:32

دعا الخازن العام للمملكة، نور الدين بنسودة، أمس الجمعة بالرباط، إلى تحسين مستمر لنموذج الحكامة المالية العمومية لدعم النمو بشكل فعال، وإحداث فرص الشغل، وتعزيز التماسك الاجتماعي.