ضيوف الرحمان يختتمون اليوم مناسكهم في مشعر منى قبل أداء طواف الوداع

هشام الأكحل

منى (السعودية)-يختتم ضيوف الرحمان، من غير المتعجلين، اليوم الثلاثاء، مناسكهم في مشعر منى برمي الجمرات الثلاث وذلك في اليوم الثالث والأخير من أيام التشريق ثم يتوجهون إلى الكعبة المشرفة ليجعلوا من طواف الوداع آخر عهدهم بمكة المكرمة.

وكانت مواكب الحجيج من المتعجلين ودعت مشعر منى منذ أمس الاثنين بعد أن تمكنت من قضاء النسك وإتمام أداء الركن الخامس من أركان الإسلام، في وقت آثر فيه نحو نصف مليون من ضيوف الرحمان البقاء حتى آخر لحظة على صعيد منى الطاهر، وذلك امتثالا لقول الحق تبارك وتعالى “واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون”.

وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أكد محمد علي الفارس، أحد عناصر الأمن الساهرين على تنظيم حشود الحجيج على جسر الجمرات، الذي يضم أربعة طوابق، أن عمليات التوسعة التي قامت بها السلطات السعودية على مستوى هذه المنشأة مكنت من تسهيل حركة حجاج بيت الله الحرام أثناء رمي الجمرات دون تسجيل حالات ازدحام أو اختناق على الرغم من تواجد حشود بشرية هائلة في مكان وزمان ضيقين.

من جهته، اعتبر إيهاب هاشم الصحفي الفلسطيني المقيم بإيطاليا أنه خلال رمي الجمرات “تغمر الحجاج مشاعر جياشة مفعمة بالإيمان في مشاهد غاية في العظمة والاجلال فملايين من المسلمين والمؤمنين برب العباد جاؤوا اليوم إلى مشعر منى ليثبتوا مشاعر الله وليلبوا نداء كان عظيما”.

وأضاف أن الأنسان الذي يزور هذه البقاع الطاهرة لا يستطيع أن يخفي تأثره … “هي مشاعر تهز الانسان إنها صورة غاية في الروعة أن ترى المسلم الأمريكي إلى جانب الإفريقي والآسيوي والعربي والأوروبي … كلهم على صعيد واحد وبصوت واحد يرددون كلمة واحدة لا إله إلا الله .. فهذا شيء عظيم جدا”.

وما يلفت الانتباه اليوم في رمي الجمرات، يضيف هاشم، هو أن جموع الناس التي عمها الفرح وهي ترمي الجمرات مكبرة تبدو وكأنها تضع نفسها في موقف نبي الله إبراهيم عليه السلام وهو يرمي ذلك الشيطان ويرجمه و”كأن الناس تقول لبيك اللهم لبيك نحن ها هنا نكرر ما فعله إبراهيم عليه السلام ونفعل ما نؤمر .. .إنها حقا مشاعر مفعمة بالإيمان والتقوى”.

وبدوره يقول فريد، وهو حاج جاء من ألبانيا لأداء الركن الخامس في الاسلام، إنه يذكر كيف اعتنق هذا الدين منذ عشر سنوات خلت، ويذكر تلك الليالي التي كان يعتكف فيها في بيته لقراءة القرآن الكريم، كما لا يمكن أن تسقط من ذاكرته تلك الليلة التي قرر فيها لوحده اعتناق الدين الحنيف عن اقتناع كبير ويحمد الله أن من عليه بزيارة بيته الحرام ورؤية الكعبة المشرفة والطواف بها.

ويضيف فريد أن الكلمات تخونه في وصف أحاسيسه، مؤكدا أن حج بيت الله جعله يعيش لحظات خالدة من تاريخ البشرية جمعاء يرسم صورتها هذا الدين العظيم.

أما عبد المالك فيرناندو، من الفلبين الذي يزور بيت الله العتيق للمرة الثانية، فيقول إنه يشعر وكأنه يزوره للمرة الأولى إحساس وشعور بالفرحة في كل مرة تطأ قدماه هذه البقاع الطاهرة “الحمد والشكر لله على نعمة الإيمان والاسلام وسبحان الله العظيم”.

وكانت السلطات السعودية أعلنت نجاح خطة الحج الأمنية والخدمية والصحية، وأعمال الموسم كافة لهذا العام، معتبرة أن النجاح جاء وفقا لمنظومة متكاملة من الخدمات والتسهيلات، سهرت الحكومة والجهات المختصة على تقديمها إلى ضيوف الرحمان.

وأعلن الأمير مشعل بن عبد الله بن عبد العزيز، أمير منطقة مكة المكرمة ورئيس لجنة الحج المركزية، نجاح موسم الحج لهذا العام 1435هجرية، مشيرا في هذا السياق إلى أن “القطاعات الحكومية كافة شاركت في تحقيق نجاح متميز في توقيت زمني قياسي شهدته المشاعر المقدسة، ولمسه حجيج بيت الله الحرام في الخدمات المقدمة لهم، على مدار الساعة، التي شهدت بحمد الله جودة عالية في تقديمها على أرض الواقع”.

كما أعلنت السلطات الصحية، على لسان وزير الصحة عادل بن محمد فقيه، “سلامة الحج لهذا الموسم، وخلوه من الأمراض الوبائية أو المحجرية وأن جميع حجاج بيت الله الحرام يتمتعون بصحة وعافية”.

من جانبه، أعلن المدير العام للدفاع المدني، اللواء سليمان بن عبد الله العمرو، نجاح خطة أعمال الدفاع المدني لمواجهة الطوارئ خلال حج هذا العام، وتحقيق أهدافها في الحفاظ على أمن وسلامة ضيوف الرحمن في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة والمدينة المنورة.

عند أداء طواف الوداع سيحزم حجاج بيت الله حقائبهم استعدادا للعودة إلى أوطانهم سالمين غانمين بعد أن من الله عليهم بأداء نسكهم بأمن وطمأنينة ويسر وانسيابية غير معهودة في سابق المواسم، كما ستشمر السلطات السعودية على سواعدها من جديد لمضاعفة الجهود سبيل تأمين رحلة عودة ملايين الحجاج نحو بلدانهم وذلك في إطار عملية لا تقل حجما ومسؤولية عن عملية استقبال ضيوف الرحمان.