سعيدة بنعياد .. جمعوية بالفطرة استثمرت طاقاتها الخلاقة لرعاية وخدمة المكفوفين بشفشاون (بورتريه)

سعيدة بنعياد .. جمعوية بالفطرة استثمرت طاقاتها الخلاقة لرعاية وخدمة المكفوفين بشفشاون (بورتريه)

الجمعة, 7 مارس, 2014 - 10:18

(إعداد : عبد العزيز حيون)

تطوان-لا يمكن التطرق إلى العمل الجمعوي والخيري بشفشاون دون الحديث عن وجه نسائي مألوف في هذا المجال، ويتعلق الأمر بسعيدة بنعياد الخمسينية، التي استثمرت طاقتها الخلاقة ومعارفها التربوية لأعمال الخير والبر ودعم المكفوفين وضعاف البصر وذويهم.
وتقول السيدة بنعياد، عن بداية مسارها الجمعوي، أنها دخلت هذا المجال قبل نحو عشرين سنة ب”محض الصدفة”، حين شاءت الأقدار أن “تصطدم” بواقع فتاة قاصر تعرضت للاغتصاب في أحد مداشر إقليم شفشاون وتصبح أما عازبة ليتنكر لها القريب قبل البعيد، فجندت بنعياد كل طاقاتها ب”شكل فردي وعفوي” لدعم هذه الفتاة ومؤازرتها ماديا ومعنويا وسط مجتمع محافظ لم يتعود على مثل هذه الحالات.
وبعد هذا الحدث الاجتماعي الخاص، شاءت الظروف أن تواجه السيدة بنعياد حالات اجتماعية أخرى مستعصية، منها ما هو متعلق بحالات صحية واجتماعية دقيقة أو بالفقر وبالعوز واليتم والهدر المدرسي، لم تستطع أن تواجهها لوحدها لتطلب مساعدة الأصدقاء والمعارف، وتلج بعد ذلك باب العمل الجمعوي من بابه الواسع، وتشمر عن ساعديها لعلها تساهم في حل بعض من الإشكاليات المجتمعية التي لم تقو على مواجهتها بمفردها.
والتحقت السيدة سعيدة بنعياد بداية بجمعية حنان للتكافل الاجتماعي المهتمة بقضايا الأيتام والحالات الاجتماعية الأخرى المرتبطة بالأطفال سنة 1996 وبعدها بفرع شفشاون للمنظمة العلوية لرعاية المكفوفين وخلية المرأة التابعة للمجلس العلمي المحلي حتى “يتمأسس عملها الجمعوي”، كما تقول، و”تنتقل من العمل الجمعوي الهاوي إلى العمل المنظم الواضح المعالم والأهداف، وتضمن بذلك الاستمرارية لكل فعل اجتماعي يتوخى الاستجابة لتطلعات الفئات الهشة من المجتمع”.
وأكدت السيدة بنعياد، في حديث مع وكالة المغرب العربي للأنباء، أن بداية القرن الجاري كان لحظة مفصلية في مسارها الجمعوي بعد أن قررت أن تهب جهودها للمكفوفين، من منطلق أن هذه الفئة بالإضافة إلى إعاقتها العضوية فإنها تعاني في غالب الأحيان من الفقر والحاجة والبطالة وصعوبة الولوج إلى الخدمات الصحية والخدمات الإدارية والثقافية والتربوية وولوج سوق الشغل.
وأوضحت السيدة بنعياد أن اهتمامها بمجال رعاية المكفوفين انصب بداية على الجانب التحسيسي والتوعوي لتغيير النظرة المجتمعية إزاء الفئة المستهدفة من كونها غير منتجة وتحتاج إلى المساعدة الدائمة في حلها وترحالها، لتركز كل أنشطتها على تنظيم تكوينات خاصة لفئات المكفوفين لتعلم الحرف اليدوية وطرق التسويق وبعدها خلق ورشة إنتاجية للحياكة والمنتوجات الصناعة التقليدية والألبسة، وهو ما تحقق بفضل مساعدة المحسنين ودعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بعد سنة 2005، ومكن ذلك من ضمان دخل قار للمكفوفين وعائلاتهم وسهل انخراط هذه الفئة في محيطها الاقتصادي والاجتماعي.
واعتبرت أن هذا الفعل الاجتماعي ساعد في تغيير المقاربة الإحسانية المحدودة في الزمان إلى مقاربة أشمل تجعل المكفوف عضوا منتجا وفاعلا في محيطه إسوة بباقي الطبقات المنتجة في المجتمع.
وأشارت السيدة بنعياد إلى أن إنجاز هذا المشروع لم يمنحها فقط الفرحة والسرور والنشوة بتحقيق حلم راودها لسنوات عديدة، بل حمسها للمزيد من المبادرات الاجتماعية التي لقيت صدى حسنا لدى قلوب كل الفئات المجتمعية، وشجعها بمعية محسنين بجهة طنجة تطوان على تنظيم حملات طبية منتظمة لفائدة ساكنة العالم القروي والمساهمة في مكافحة الهدر المدرسي وتوفير الألبسة والأدوات المدرسية للتلاميذ المعنيين والمساهمة في إنجاز ونشر البحوث العلمية والإبداعات العلمية والأدبية للمواهب الفقيرة.(يتبع).

وترى السيدة سعيدة بنعياد أن العمل الخيري لا يحد في منح المساعدات العينية للفئات الهشة وإنما يتعدى ذلك ليلامس القدرات الخلاقة للفئات الاجتماعية التي تعاني من الإقصاء ومواكبتهم وتشجيعهم حتى يصلوا إلى بر التفوق والانخراط في مسعى التنمية البشرية، التي حدد فلسفتها صاحب الجلالة الملك محمد السادس عبر مقاربات ميدانية مكنت من إعطاء العنصر البشري المكانة التي يستحقها في مسار التنمية المستدامة.

وتقول السيدة بنعياد، التي يحلو للبعض تسميتها ب”أم طيريزا شفشاون”، عن نفسها أنها وبفعل الواقع والممارسة والتجربة أصبحت “مولعة” بالعمل الجمعوي الميداني ولا يرتاح لها بال إلا وقد حققت شيئا للمكفوفين وضعاف البصر ولو في حده الأدنى، وكلها عزم على عدم التراجع أمام أي حاجز قد يعيقها لتحقيق هدف اجتماعي معين ولو جر عليها ذلك أحيانا غضب البعض ونفور آخرين وسماع كلام جارح.
وأقرت، في ذات الوقت، بأن العوائق تضمحل من سنة لأخرى على اعتبار أن المجتمع المغربي أضحى “واعيا أكثر فأكثر بهموم وقضايا المجتمع” على الرغم من أن تطلعات المحتاجين في تزايد مستمر لأسباب موضوعية كثيرة يتقاسم أسبابها كل أفراد المجتمع.
وأصبح من المألوف في مدينة شفشاون أن ترى السيدة بنعياد، التي تطوعت قبل سنتين لمصاحبة فئة من المكفوفين المغاربة إلى الديار المقدسة بفضل التفاتة ملكية مولوية، مسرعة الخطى لتخترق شوارع شفشاون الضيقة، وهي تتأبط ملفات اجتماعية من أجل طرق الأبواب لإيجاد الحلول وجمع المساعدات وتوفير الدعم المادي والمعنوي في قضايا اجتماعية وحالات طبية طارئة غالبا ما يشملها الاهتمام والعناية اللازمة بإصرارها و”حرفيتها” في إقناع الآخرين، معتبرة نفسها مجرد وسيط خير ووسيلة لتحقيق غايات المحتاجين إلى العون.
وتعترف فعاليات من مدينة شفشاون أن الحاجة بنعياد، التي تنتمي إلى سلك التدريس بإحدى الثانويات التأهيلية، شكلت قيمة مضافة للعمل التطوعي والإحساني بالمنطقة رعاية وتكوينا وتأهيلا، وتميزت خلال مشوارها الجمعوي الطويل بالتواضع ونكران الذات والتفاني، ولم تتردد أبدا في القيام بالواجب أو بأي تكليف يناط بها حتى تكون في مستوى تطلعات المجتمع المحلي والجهوي، وتساهم في تمتين جسور التقارب والتعاون والتآزر بين أفراد المجتمع.
وتشدد السيدة بنعياد على أن العبرة في العمل الجمعوي بالأداء والعمل الميداني في زحمة الجمعيات المتعددة والمتداخلة والجادة وغير ذلك، داعية الفئات الشابة من المجتمع إلى الانخراط في هذا العمل لضمان الاستمرارية ولكون هذا المجال يقتضي الحيوية والجرأة والاجتهاد، وهي خاصيات، كما تقول السيدة بنعياد، تتوفر جميعها في الشباب التواق إلى التغيير المجتمعي الهادئ المتطلع إلى المستقبل بنظرة متفائلة.

اقرأ أيضا

الرباط.. تقديم المنصة الإلكترونية لتلقي وتدبير طلبات الحصول بطاقة شخص في وضعية إعاقة

الأربعاء, 24 يوليو, 2024 في 18:42

تم اليوم الأربعاء بالرباط، تقديم المنصة الإلكترونية لتلقي وتدبير طلبات الحصول بطاقة شخص في وضعية إعاقة.

وزارة العدل والمديرية العامة الأمن الوطني.. نحو إدارة قضائية إلكترونية مندمجة ومتكاملة

الأربعاء, 24 يوليو, 2024 في 18:13

وقعت وزارة العدل والمديرية العامة للأمن الوطني، اليوم الأربعاء بالرباط، بروتوكول اتفاق لتأطير وتيسير التعاون بشأن التبادل الإلكتروني للبيانات يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون والشراكة لإرساء إدارة قضائية إلكترونية مندمجة ومتكاملة، تتيح الولوج المشترك للمعلومات بين الطرفين.

السيد بوريطة يجري محادثة هاتفية مع نظيرته الأرجنتينية

الأربعاء, 24 يوليو, 2024 في 17:44

أجرى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج السيد ناصر بوريطة، أمس الثلاثاء، محادثة هاتفية مع وزيرة الشؤون الخارجية والتجارة الدولية والأديان الأرجنتينية، السيدة ديانا إلينا موندينو.